المنبرالحر

لماذا تبقى الحسابات الختامية غائبة وقت مناقشة الموازنات السنوية؟ / ابراهيم المشهداني

انتهى البرلمان من مناقشة مشروع قانون الموازنة الاتحادية العامة لعام 2015 واكتسب المشروع صفته القانونية بعد المصادقة عليه من السيد رئيس الجمهورية ونشر في جريدة الوقائع العراقية بعددها 4352 في 16 شباط 2015 ، ولكن كما هو في كل عام خلت الموازنة من الحسابات الختامية التي يعدها ديوان الرقابة المالية وتكشف عن اوجه الانفاق للموارد المخصصة في الميزانيات السابقة وبذلك فان غياب هذه الحسابات يعد خللا كبيرا في الية مناقشة مشروع القانون خاصة وان الفساد والهدر الماليين اخذا منحا واسعا في مصادرة اموال الدولة والتلاعب بمقدراتها دون مساءلة او حساب، وفي هذا الاطار لم يعد للانتقادات السابقة سواء من النواب او المتابعين للشأن الاقتصادي والنتائج المتحققة بعد صرفها ، اي تأثير.
ومن المعروف ان قانون الادارة المالية والدين العام رقم 95 لسنة 2004 يلزم وزير المالية بتقديم تقارير مالية تفصيلية بشان تنفيذ ايرادات ومصرفات الميزانية للفصول التي تنتهي في 31 اذار و30 ايلول على التوالي وله ان يقدم الى السلطة التشريعية تقرير نصف سنوي في 31 اب من كل سنة والغرض من ذلك وضع السلطة التشريعية بصورة ما تم تنفيذه من اوجه الصرف على ان يقدم الوزير نفسه في الخامس عشر من نيسان الحسابات الختامية السنوية ويقدمها الى ديوان الرقابة المالية على ان يقوم الديوان بإعداد تقرير رقابي بشان الحسابات في الخامس عشر من حزيران.
ان اهمية الحسابات الختامية تتجلى في انها توضح الفوارق بين ايرادات الميزانية المستحصلة والنفقات كما انها تقدم تقريرا عن قروض الحكومة الفيدرالية السنوي وقروض الحكومات الاقليمية والمحافظات والحكومات البلدية والمحلية، غير ان تقارير ديوان الرقابة المالية والتي نشرت معظم تفاصيلها في عدد من الصحف العراقية اظهرت عجز الوزارات والدوائر غير المرتبطة بوزارة لأعوام 2010 و2011 والسنوات اللاحقة عن تقديم بياناتها المالية وان الدوائر التي قدمت بياناتها كانت ناقصة ولا تفي بالغرض. كما اظهرت تقارير ديوان الرقابة المالية عدم وجود دراسات جدوى للمشاريع الرأسمالية ما نتج عنه زيادة التكاليف الكلية وتجاوز النفقات المخصصة لها وبعض الوزارات ابرمت عقودها مع شركات وسيطة بدلا من التعاقد مع الشركات الام فضلا عن التلكوء في تنفيذ المشاريع بحجج ومبررات غير مقبولة دون اخضاعها للمساءلة وان بعض العقود لم تبرم وفق الشروط الحكومية كما ان وزارات اخرى لم تقم بالصرف من تخصيصات الميزانية الاستثمارية. وأظهرت التقارير ضعف كفاءة الاداء فضلا عن عدم اطفاء السلف التراكمية لسنوات طويلة والتي تبلغ عشرات الترليونات من الدنانير العراقية ولم تظهر التقارير مقدار الفوائض النقدية المترتبة على فروقات الاسعار في الصادرات البترولية. مما تقدم، وهو غيض من فيض، مما لم تظهره التقارير وما لم تجر مناقشته في البرلمان مما يشكل خللا في تطبيق قانون الادارة المالية والدين العام ، ويساعد على اخفاء الحقائق عن الشعب العراقي ويشكل عملية تدمير منتظمة للاقتصاد العراقي وسبباً في الازمة الاقتصادية التي يمر بها العراق وانعكاساتها على حياة الشعب العراقي لاسيما وان الموازنات السنوية هي الاداة في توزيع الثروة على الشعب وان كلفة هذا الخلل والارتباك تدفعها الطبقات الفقيرة والمتوسطة ويقطف ثمارها الطفيليون والبيروقراطيون والطبقة الكومبرادورية التي نشطت بصورة لا مثيل لها بعد التغيير السياسي عام 2003. ان الحكومة تتحمل المسئولية المباشرة في تنظيف البلاد من فايروسات الفساد والفاسدين وإعادة النظر في البنية الاقتصادية والاجتماعية ومحاسبة المقصرين، اينما يكونوا في السلم الوظيفي. وان جانبا هاما في المعالجة يمكن من خلال تقديم الحسابات الختامية مع الموازنات السنوية ، وإلقائها في ملعب البرلمان الذي يتعين تفعيل دوره الرقابي على كافة فعاليات وأنشطة الدولة.