- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الجمعة, 01 أيار 2015 11:51
لأول مرة احتلت قرية ديرستون "تربه سبى " في عام 1961 عندما اندلعت الشرارة الأولى للثورة الكوردية التي قادها البارزاني ملا مصطفى، حيث كانت تسودها الفوضى كبداية أية ثورة، إذ أقدمت العشائر الكوردية على ارتكاب بعض الأخطاء عندما مارست عمليات انتقام هنا وهناك فكان الأمر كذلك في أطراف ديرستون حيث قتل اثنان من أبناء العشائر العربية الجارة لها .
وعلى أثر ذلك جهزت هذه العشائر قوة مسلحة من أبنائها وراحت تهدد أهالي ديرستون وتخييرهم بين قتال لا رحمه فيه والإجهاز عليهم أو تركها إلى حيث يشاؤون . وحقنا للدماء اختار الأهالي مغادرة قريتهم والانتشار في بقية القرى الأيزيدية ، إذا كان وقتها عدد العوائل الساكنة هناك يبلغ 37 ، وبذلك أصبحت العشائر العربية صاحبة السلطة الأوحد في التصرف بأملاك القرية إلى جانب شن الهجمات العدائية بين فترة وأخرى على القرى الأيزيدية المحيطة بديرستون وجراء ذلك خسر الأيزيديون الكثير من أبنائهم .
ولكن بقي حلم العودة إلى ديرستون يراود الأهالي ، ومن أجل ذلك تحركوا في كل الاتجاهات وقدموا مطلبهم إلى أعلى السلطات لدى كل الأنظمة التي تعاقبت على دفة الحكم في العراق ، وفي كل مرة جوبه مطلبهم بالرفض وعدم الاكتراث والإهمال ، حتى يأس الأهالي وتيقنوا من أنهم لن يعودوا إلى قريتهم مرة أخرى ، خصوصا عندما تقاس المواطنة وفق درجات تحددها الحكومات الشوفينية المتعصبة ..
وعندما توفرت الفرصة الملائمة بعد سقوط النظام البائد وانسحاب العرب من القرية خوفا من الانتقام وإدراكا منهم بأنه لم يعد بإمكانهم مسك الأرض بعد فقدان ظهيرهم ، حاول بعض الشباب من أهالي القرية من الأيزيديين العودة إليها فشكلوا مجموعة لحراستها تمهيدا لاتخاذ خطوات العودة الأخرى ولكنهم في هذه المرة تعرضوا إلى تهديدات قوات البيشمه ركه الحازمة على ضرورة ترك القرية لأسباب مجهولة ، وعلى أثرها طرقوا أبواب المسؤولين لدى السلطات الكوردستانية ، فكان الغموض هو سيد الموقف حول مصير القرية ، ولم يأبه أحدا منهم بمطلب الأهالي و أهمية السماح لهم بالعودة إلى أحضان قريتهم ، ولكن ذلك الغموض لم يدم طويلا إذ زال بعودة العرب معززين مكرمين إلى ديرستون المحتلة بعد أيام ليست طويلة ، وتلقوا الاطمئنان من لدن قوات البيشمه ركه ، ومارسوا حياتهم بكل حرية بما في ذلك القيام بأنشطة مخالفة لمصلحة الحكومة الكوردستانية وكذلك مصلحة القرى الأيزيدية .
هكذا وفي هذه المرة أيضا أسدل الستار على حلم العودة ، وحرم الأهالي حتى من المنحة المخصصة للمشمولين بالمادة 140 من الدستور العراقي رغم كل ما قيل بأن لجنة التعويضات التابعة إلى القائمين على هذه المادة صرفت بشكل فعلي المبالغ المطلوبة لتعويض أهالي هذه القرى المشردين .
ولكن تطورات الوضع وظهور تنظيم الدولة الإسلامية واحتلاله لمدينة الموصل وسنجار وتمدده إلى قضاء تلكيف وريفه إلى جانب غالبية القرى والقصبات والمدن الواقعة على خط التماس بين إقليم كوردستان والمناطق "السنية" والمعارك الجارية والانتصارات والهزائم المتبادلة بين الطرفين أي بين قوات تنظيم الدولة الإسلامية وقوات البيشمه ركه أدت إلى العديد من النتائج السلبية ، حيث التحق الكثير من أبناء العرب المحتلين لقرية ديرستون بقوات داعش ونزح الباقون إلى بلدات كوردستان ، ومن المعروف فإن جل الأيزيديين في هذه المناطق نزحوا إلى المدن الكوردستانية بسبب التقدم السريع لقوات داعش واحتلاله لبعشيقة وبحزانى وتلكيف وباطناية وتللسقف ومجمع بابيرة وسد الموصل والخ .
وبتراجع قوات داعش الجزئي من هنا وهناك ووصول قوات البيشمه ركه إلى المنطقة ، استقرت نتائج المعارك عند حدود معينة ، وعلى أثرها تمكن الأيزيديون العودة إلى الكثير من قراهم بما فيها تلك المحيطة بديرستون ولكنها ظلت تعيش تحت تهديد الخوف والخشية من إمكانية اختراق الدواعش لخطوط الدفاع التي تقف بينهم وبين هذه القوات المتوحشة ، وإلى جانب ذلك بقيت ديرستون متروكة ، فتوقع أهلها من الأيزديين بأن حلم العودة إليها أصبح قاب قوسين أو أدنى ، خصوصا إذا تحررت مدينة الموصل من قوات دولة الخرافة واستقرت الأوضاع بعيدا عن أي تهديد ، ولكن أيضا هذا التوقع لم يكن واقعيا ، فبعد لقاء الرئيس بارزاني برؤساء العشائر العربية القاطنة في مناطق القتال قبل فترة من الآن في صلاح الدين والذي أشار فيه إلى إمكانية عودة العشائر العربية إلى قراهم ، بعد هذا اللقاء بأيام قليلة عاد المحتلون إلى ديرستون وبقي المشردون مشردين ، وأصبح بقية أهالي القرى المحيطة والقريبة من ديرستون مثل ختارة ومجمع بابيرة ودوغات يستعيدون صور مأساة أقرانهم من أيزيديي سنجار على أيدي جيرانهم من العشائر العربية المنخرطة في الجريمة مع داعش ضدهم .
سلامات أيها المحتلون .. وعودة ميمونة إلى ديرستون ..!!
المزيد من أحلام العودة أيها الأيزيديون من أهالي ديرستون ..!!