المنبرالحر

رؤية مبسطة في أولويات السياسة المالية / ابراهيم المشهداني

المتفحص للسياسة المالية الحالية ، يتوصل الى حقيقة ان هذه السياسة تنحصر في عملية تقييد الايرادات العامة، وإعادة توزيع النفقات العامة في ضوء التخصيصات المقترحة من الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة والمساومات مع هذه الجهات في المتوافر من الايرادات التي تعتمد بشكل اساس على المتأتي من كميات النفط المصدرة ، وأخذ هذه الالية منحا تقليديا لفترة طويلة مع ان السياسة المالية تتطلب وضع استراتيجية تنموية شاملة وتحديد الاولويات في بناء اقتصاد حديث ومتطور .
ان المهمات الاساسية للسياسة المالية تتلخص في تحقيق الاهداف الاقتصادية الواردة في الاستراتيجية التنموية من خلال استخدام ادوات السياسة المالية المتمثلة في الموازنة الاتحادية العامة في جانبيها الايرادات والنفقات، في الزيادة او التخفيض ومراقبة الاداء الاقتصادي من خلال ديوان الرقابة المالية وتحديد نسب الانحراف في المشاريع الاقتصادية ومظاهر التلاعب بالمال العام، فسادا وهدرا وتحديد نسب التضخم ومعدلات النمو الاقتصادي, وهذه مهمة مشتركة مع السياسة النقدية التي يضعها البنك المركزي ، والتنسيق مع الوزارات والمؤسسات غير المرتبطة بوزارة من اجل تحديد الاولويات للمشاريع وأوجه الانفاق ومقدار التخصيصات الكلية لكل جهة من هذه الجهات .
ومن الواضح ان التخطيط لسياسة مالية رصينة يتطلب اضافة الى تحديد المهمات ، تحديد المشكلات الاقتصادية الاجتماعية المتمثلة في البطالة والتضخم ومعدلات النمو في القطاعات السلعية للصناعة بكل فروعها، والزراعة بقطاعيها النباتي والحيواني ونسب الفقر في المجتمع والتفاوت في مستويات معيشة المواطنين العراقيين وهذه من المؤشرات الاساسية التي تحدد طريقة وآليات توزيع الثروة الوطنية على افراد المجتمع بما يقربنا تدريجيا من تحقيق العدالة الاجتماعية التي ركز عليها الدستور.
وهذه التوجهات تتطلب دراسة للواقع الاقتصادي الذي يتصف ومازال باختلال في الهيكل الاقتصادي وهيكلية تكوين الناتج المحلي الاجمالي وفي هيكل تمويل الموازنات العامة للدولة، وكذلك في الاستيرادات والصادرات وتشوهات جهاز الاسعار، وإذا ما توافرت المعطيات في كل هذه الامور وتم تقييمها فان وزارة المالية المسؤولة عن رسم السياسة المالية تكون قد اقتربت كثيرا من رسم استراتيجية كلية للاسهام الفعال في النمو الاقتصادي على اسس جديدة.
ان التوجه الى تحديث السياسة المالية وبنائها على اسس جديدة من اجل تحقيق اهدافها يتطلب اتخاذ سلسلة من الاجراءات نشير الى اهمها:
1.تحديد اوجه وحجم الاوعية الخاضعة للضريبة ووضع التشريعات المشددة ضد ظاهرة التهرب الضريبي ،سواء كانت ضرائب الدخل او الضرائب على رأس المال وكذلك الضرائب على الانتاج وعلى الاستيراد والتأكيد على تنفيذ قانون التعرفة الكمركية ,خاصة على السلع غير الضرورية والضرائب على العقار والتركات .
2.فرض الضرائب التصاعدية لتشمل اصحاب الدخول العالية وفي هذه المناسبة يتعين الزام موظفي الدولة وأعضاء مجلس النواب وأعضاء مجالس المحافظات بالكشف عن الذمم المالية، حيث ان الامتناع عن كشف الذمم المالية هو فساد وتهرب ضريبي يتعين اتخاذ الاجراءات القانونية تجاهه ، وإعفاء ذوي الدخول الواطئة الذين حرموا عن قصد من الثروة الوطنية قبل الازمة المالية اثر انخفاض اسعار النفط من الضرائب.
3.العمل الجاد على بناء قاعدة بيانات واقعية ومتطورة وجهاز تنفيذي كفء يتولى تنفيذ السياسة المالية وفقا للآليات المرسومة
4.ضرورة اتخاذ الاجراءات اللازمة من قبل ديوان الرقابة المالية للبدء بوقت مبكر لانجاز الحسابات الختامية وسد الثغرات المعيبة التي تشهدها الموازنات السنوية والتي تسهم في التغطية، عن قصد او غير قصد، على حالات الفساد المنتشرة في كل مفاصل الدولة .
5.اصلاح الجهاز المصرفي واتباع الاساليب الحديثة في عمله واسهامه في عمليات الاستثمار والنمو الاقتصادي من خلال توفير القروض لأغراض استثمارية بأقل الكلف وتنشيط المصارف المتخصصة عن طريق صناديق الاقراض التنموية والعمل على محاربة غسيل الاموال والمضاربات المالية .