المنبرالحر

لماذا أهمل مشروع قانون الإصلاح الاقتصادي؟ / ابراهيم المشهداني

يعد تشريع قانون الاصلاح الاقتصادي احد اهم التوصيات التي خرج بها المؤتمر الوطني حول مستقبل العراق الاقتصادي, المنعقد في بغداد للفترة 24-26 ايار 2011 والذي يهدف الى رسم الملامح الاساسية لإيجاد بنية اقتصادية متماسكة ولم يخرج هذا المشروع ثمرة للمؤتمر لولا التيقن من ان السياسات الاقتصادية طوال الفترة ما بعد التغيير كانت فاشلة بامتياز ، وكان المؤمل من هذا المشروع الخروج من التخبط الاقتصادي في المفاهيم والاستراتيجيات وغياب الاهداف الطموحة ما وضع البلد على اعتاب الدمار والخراب الاقتصادي في العراق طولا وعرضا نتيجة الحروب والحصار الاقتصادي في زمن النظام المباد .
حقا كانت الآمال المعقودة على تشريع هذا القانون كبيرة ومشروعة والتي تتلخص في انهاء التقاطعات في السياسات العراقية والتأسيس لاقتصاد نام بشكل لافت خلال الاعوام المقبلة، خاصة ان التوصيات التي خرج بها المؤتمر كانت مزيجا من الاستشارات الوطنية والمنظمات الدولية المشاركة فيه. ان من المؤمل ان يؤدي هذا القانون في حال تشريعه ، الى انعاش الكثير من القطاعات الانتاجية المعطلة كما كان من المفترض ان يؤسس لتشكيل مجلس اعلى للإصلاح الاقتصادي من اقتصاديين اكفاء يتولون رسم السياسات التنموية والإنتاجية وإزالة التحديات التي تواجه عملية التنمية المستدامة وتخليص الاقتصاد من طابعه الريعي من خلال توظيف الموارد البترولية لإيجاد مصادر اخرى لتمويل الموازنات السنوية والتركيز على القطاعات الانتاجية السلعية .
وحتى هذه اللحظة فان الآمال المرسومة على القانون مجرد اضغاث احلام ما لم يتحول هذا المشروع الى تشريع قانوني يقره مجلس النواب العراقي ولكن البرلمان بتركيبته الطائفية وصراع كتله على مركز القرار والسلطة والنفوذ كان عقبة ليس فقط امام هذا القانون الواعد ولكن امام العديد من القوانين المتعلقة ليس فقط بالإصلاح الاقتصادي وإنما بالاصلاح السياسي والاجتماعي, مثل قانون العمل وقانون الاحزاب وقانون الضمان الاجتماعي وقانون النفط والغاز وغيرها. وهذا ما حصل بالفعل ، فبعد ان وافق مجلس الوزراء على مشروع القانون وأرسله الى مجلس النواب ، رفضه المجلس وأعاده الى مجلس الوزراء ولا احد يعرف في اي درج حفظ !؟
ومن الواضح ان هذا المشروع ليس هو الوحيد المعطل بل الخطط كافة التي وضعت هي الاخرى لم تنفذ ومنها على سبيل المثال خطة 2010 - 2014 وما بعدها خطة 2013- 2017 والخطط التي سبقتهما وسبب عدم التنفيذ هو عدم عرضها على مجلس النواب لإصدار القانون الملزم بتنفيذ هذه الخطط , ما أنتج زيادة في نسبة العاطلين زادت على الـ 40 في المائة، وازدادت نسبة الفقر الى اكثر من 30 في المائة والاستمرار في اعتماد الانتاج المحلي الاجمالي على واردات النفط. ان هذا التعثر في النمو الاقتصادي قد ادى الى تفاقم المشاكل الاجتماعية وهذه هي نقطة الضعف الاساسية التي هيأت الاجواء امام قوى الارهاب للتسلل الى العراق والعبث بموارده الاقتصادية وبالطبع بدعم خارجي . من هنا تنهض الحاجة الماسة الى اعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية بنمط تفكير جديد يتخطى الاطر الطائفية والاثنية ويتوجه الى النخب الثقافية والاقتصادية والأكاديمية في سياقات عمل جديدة تتحول فيها كل مؤسسات الدولة الى ورشة عمل فاعلة, ومن دون ذلك ستبقى الدولة تدور حول نفسها كما كانت في الفترة الماضية.