المنبرالحر

دور القطاع المصرفي في عملية التنمية / ابراهيم المشهداني

اذا كانت العوامل الاساسية في عملية النمو الاقتصادي عند (ولاس بيترسون) تتلخص في اربعة وهي 1- كمية القوة العاملة ونوعيتها و2- كمية الموارد الطبيعية ونوعيتها و3- كمية رأس المال الحقيقي و 4- مستوى التقنية التي توصل اليها المجتمع ، فأين دور القطاع المصرفي كأدوات فاعلة لتنفيذ السياستين المالية والنقدية في عملية النمو حتى لو لم يتوفر احد العوامل الاربعة او طرأت على بعضها بعض التغيرات التي تؤثر بهذا الشكل اوذاك على عملية التنمية .
ومن المعروف ان هناك اكثر من 60 مصرفا بين حكومي وأهلي عراقي واجنبي إلا ان الدور الرئيس لهذه المصارف لا يتخطى التعاملات التجارية والقروض للمشاريع الصغيرة وعمليات ائتمانية اخرى ، ودور المصارف بهذا الشكل المحدود لا يمكنه الإسهام بشكل فاعل في عملية التنمية الاقتصادية ما لم يتجه دورها الى عمليات الاستثمار في القطاعات السلعية والقطاعات الخدمية وهذه القطاعات هي التي تعيد التوازن الى الاقتصاد العراقي وانتشاله من طابعه الريعي وتعيد اليه عافيته المفقودة وهذا لم يجر في القطاع المصرفي الموجود فكيف اذا كان بعضها يتعامل بأسلوب المضاربات وغسيل الاموال في بيئة حكومية ينتشر فيها الفساد حتى النخاع في ظل رقابة حكومية خاملة؟ وتبلورت عنه مؤسسات خاصة بالفساد وحسنا فعل البنك المركزي في معاقبة المصارف التي ثبت دورها في غسيل الاموال مما ادى الى خروج العملة الصعبة الى الدول الاقليمية والدول الاجنبية وبالتالي سبب ازمة مالية خانقة في ظل الانخفاض المريع في اسعار النفط .
ان وظيفة الخدمات المصرفية تتمحور في تمويل طويل الاجل للشركات والمنشات وتقديم الخدمات الاستشارية وعمليات الوساطة لطرح الاسهم وإدارة القروض مع مجموعة من المصارف وتقديم ادوات مالية للاستثمار لراس المال المودع فضلا عن الخدمات التجارية من خلال الحوالات الداخلية والخارجية وغيرها من الوظائف المصرفية الاخرى ،ومن الطبيعي ان هذا الدور المتوقع من المصارف في تشجيع عمليات الاستثمار والتمويل الانمائي بالشكل المطلوب ,دون سياسة نقدية حكومية مباشرة لتنمية القطاعات المنتجة للسلع والخدمات ودعمها .من هنا يمكن القول ان تحسين اداء المصارف بمختلف اشكال الملكية وتطوره يتطلب:
1- تكاملية الادوار بين المصارف الحكومية والمصارف الخاصة وإعادة هيكلة المصارف مع وجود الادارات الكفوءة من حيث امتلاكها الخبرة الكافية في العمليات المصرفية وامتلاكها الرؤى الواضحة على المدى المتوسط والبعيد ومعرفة تامة بالوظائف التنموية للمصارف.
2- تفعيل الدور المحوري للبنك المركزي في التصدي الى التضخم والسيطرة على مناسيب السيولة النقدية والاستمرار على الحفاظ على ثبات سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الامريكي والحفاظ على استقرار النظام المصرفي.
3- العمل على رفع قيمة الدينار العراقي الحقيقية من خلال رفع معدلات التنمية الاقتصادية وسحب السيولة النقدية الفائضة في السوق فضلا عن زيادة عرض الدولار في السوق عن طريق البورصة شريطة منع احتكار الشراء لبعض المصارف . ان هذه الطريقة ستؤدي في نهاية الامر الى تخفيض الكلف المعيشية التي تتكبدها الطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود . وبدون هذه الاجراءات وكثير غيره سيبقى القطاع المصرفي منفلتا وستبقى معدلات التنمية في ادنى مستوياتها .