المنبرالحر

حركة الأسعار والعوامل المؤثرة فيها / إبراهيم المشهداني

صرح وزير التجارة ملاس محمد عبد الكريم، قبل أيام ان وزارته تتابع مستوى الأسعار في الأسواق التجارية التي تهدف الى احداث خلل من اجل ابتزاز المواطن خلال شهر رمضان مضيفا ، في بيان له ، ان الوزارة شكلت لجانا رقابية تتابع مستوى الاسعار وتناقش آليات الدخول كمنافس قوي لمنع المضاربات التجارية وإحباط محاولات البعض رفع اسعار المواد الغذائية مستغلين حاجة المواطن خلال شهر رمضان ..وأضاف الوزير ان غرفة عمليات الوزارة تتابع مستوى الاسعار وتضع الحلول الآنية بناء على استنتاجات ترصدها في السوق المحلية ) .
هذا التصريح وان جاء متأخرا ولكنه يحتوى على توجهات تستهدف الحد من تصاعد الاسعار الا انها بحاجة إلى توضيح للآليات التي ستستخدمها الوزارة في منافسة القوى التجارية المهيمنة على قطاعات واسعة من السوق بالاستناد الى قوى سياسية منتفعة تقف خلفها منذ سنوات عدة بعد التغيير حتى ان الدولة تقف عاجزة امام تطبيق قانون التعرفة الكمركية منذ صدوره في عام 2010.
كيف تتمكن لجان الرقابة التجارية من متابعة حركة الأسعار؟ وهل تستطيع الوزارة اتخاذ الإجراءات المقتضية للحد من جشع التجار والتصدي للأساليب الخبيثة في استغلال المواطن وسرقة قوته اليومي لتزيد من معاناته في الحصول على لقمة عيشه وتدفعه الى البحث عنها في اكوام القمامة؟ هذه التساؤلات تستمد بواعثها المنطقية من خلال تلكؤ الوزارة في توفير البطاقة التموينية بكامل مفرداتها، وفي كل شهر بالرغم من التخصيصات المالية في الميزانية الاتحادية العامة .
نظريا ، مستوى الاسعار يتحدد في السوق من خلال تقاطع منحني العرض والطلب فإذا زاد العرض وظل الطلب ثابتا فان الاسعار تأخذ في الانخفاض الى ان يتحدد توزن جديد والعكس اذا انخفض العرض وزاد الطلب فان هذا المستوى سيرتفع حتى يتحقق توازن جديد وهذه القاعدة تنطبق على الطلب ايضا ، غير ان العرض والطلب يتأثران بعوامل عدة من بينها تنامي عمليات التنمية الاقتصادية في القطاعات السلعية بالإضافة الى السياسات المالية والنقدية والقيمة الحقيقية للعملة الوطنية المتداولة في السوق، فانخفاض قيمة الدينار العراقي ازاء الدولار ادى الى اضعف القوة الشرائية للمواطن من جهة والى ارتفاع الاسعار من جهة اخرى بالنسبة للسلع المستوردة بشكل خاص. وهناك مؤشرات على ارتفاع الاسعار في سوق الجملة، فمثلا سعر الكيلو من لحوم البقر والغنم ازداد من 15 الف و 500 دينار الى 16 الف دينار كما ازدادت اسعار لحوم الدجاج للكيلو الواحد من 4 آلاف و 800 دينار الى 5 آلاف دينار وازدادت اسعار الحمص والفاصوليا اليابسة والزيوت المستوردة ومعجون الطماطم واللوبيا والبيض المستورد والسكر. وهذه المواد تشكل السلة الغذائية للمواطن ، كما ان اسعار الملابس المستوردة هي الاخرى قد ارتفعت ومن ذلك يتضح ان اسعار المواد الاساسية اجمالا قد ارتفعت. وهذا يؤشر حجم الخلل في السياسة الاقتصادية للدولة وبضمنها السياسة التجارية ، ما يتعين وضع استراتيجية واقعية قابلة للتنفيذ في مختلف جوانب الاقتصاد العراقي مع وضع سياسة سعرية جديدة الهدف منها قبل اي شيء اخر رفع قدرة المواطن الفقير وتمكينه من الحصول على قوت يومه وضمان حقه في العيش الكريم وهذا لا يتحقق ما لم تكن هناك خطط وأدوات فاعلة ومن اجل ذلك لا بد من :
1. تشكيل جهاز مركزي لتحديد الاسعار يتولى مراقبة حركة الاسعار وتحديد العوامل المؤثرة فيها وإلزام باعة الجملة والمفرق بوضع لائحة الاسعار على السلع المعروضة لطمأنة المواطن من عدم حصول تلاعب.
2. تفعيل لجان الرقابة التجارية ومنحها القوة القانونية لأداء واجباتها في مراقبة الاسعار ومحاسبة المتلاعبين بالتنسيق مع مديرية الامن الاقتصادي التي لم نلمس دورا لها في السوق.
3. تفعيل القوانين المعطلة المتعلقة بالاقتصاد وحماية المستهلك مثل قانون حماية المنتجات الوطنية وقانون التعرفة الكمركية المعطل منذ عام 2010 وقانون منع الاحتكار وقانون حماية المستهلك .
4. احترام دور الإعلام في فضح عمليات الفساد التي تستهدف المال العام وحقوق المستهلك التي تقوم بها مافيات مدعومة من بعض السياسيين وخصوصا المضاربات التجارية والمالية لما لها من تأثير على العملية الاقتصادية عموما، وحركة الاسعار خصوصا.