المنبرالحر

هذه هي أمريكا يوجد.. فيها شيء ببلاش / د. علي الخالدي

كنت واضعا في برنامجي زيارة مقهى الشعب كما تشير اللافتة ، لكن البعض يدعوها بحانة الشيوعيين ، واقعة بالقرب من مركز كمبرج ، الذي يضم جامعة هارفارد، كان ذلك صباحا فلم أجد أحدا فيها ، غير منظف المقهى الذي يبدو انني ضايقته في عمله ، طلبت جع وبحثت عن مكان للجلوس، أجابني المقهى مغلق ، يفتح مساءا ، مما يدل على التقيد بالنظام والتعاليم . الشيء الجديد الذي شاهدته ، هو أن الجهة الخارجية اليسرى للمقهى محلات ببوستر حائطي كبير للجندي اﻷحمر بينما الجهة اليمنى فهي لبوستر فلم اﻷم ، أما حيطان الداخل أضيف عليها بوسترات تحكي للداخل اليها بطولة الجيش اﻷحمر لتخليص العالم من الفاشية مع صور قادة الحركة الشيوعية كارل ماركس روزا لوكسمبرغ وجي غيفارا لنين وستالين ، وغيرهم . دخلتها مساءا ، وبحثت بالوجوه لعلي أستدل على أحد من المجموعة التي إلتقيتها قبل عامين . كنت جوعان كلام ودردشة مع أي شخص ، ولكن إنهماك الجالسين بالحديث والقراءة منعت تطفلي ، لمحت في زاوية مجموعة من متوسطي اﻷعمار تشرب الجعة ، حييتهم فردوا علي بإستغراب ، و لم يطلبوا مني الجلوس إلا بعد أن عرفتهم بهويتي ، فزاد فضولهم ، ونهض أحدهم وجلب كرسي ، وبدأت تنهار اسئلة حب اﻷطلاع لمعرفة ما يجري في العراق وشرق أوروبا ، وفي خضم السؤال والجواب حاورت أحد الجالسين ، أخوه كما قال عمل في العراق ، صحيح إننا لم نكمل إحساننا لكم ، لكن هذا لا يبرر حرق علمنا ، وحرق جنودنا ، وإنبرى آخر بقوله إنكم لا تستحقوا الديمقراطية التي أردناها لكم ، وأردت تغيير مجرى الحديث ، منتقلا لما زرعه بريمر في العراق ، مسببا وقوع العراق في المحظور ، المشحون بالويلات والمآسي، ونريد التخلص منها وبمساعدتهم حاليا . حاولت أن اقحمهم في سياسة قادتهم في العراق ، فبدى انهم لا يعطوا للغريب فرصة الطعن بقادتهم ، وهم يكنوا لهم اﻷحترام بحجة أنهم منتخبون من قبل الشعب ، ولكن في مجال حقوق العمال يشاطرونك الحديث ،وبشكل يثير فيك تعظيم موقفهم ضد اﻷستغلال ومن جملة ما قاله أحدهم أن سياسيينا، من الطبقة الرأسمالية فحسب ، يستغلوننا لكن لديهم ميزة تصب في صالحنا ، وهي انهم يستغلون شعوب العالم ﻷسعادنا ، وبهذا ينالوا رضانا وسكوتنا عن تصرفاتهم في الخارج ، إجبته بينما سياسيونا يسرقون ثرواتنا ليستثمروها في بلدكم ، ويقنعوا سياسييكم ليسكتوا عن تجويعنا وخراب بلدنا . تدخل آخر مبديا أعتراضه على إجتياح العراق . مختصر ما إستشفيته منهم ومن غيرهم أن اﻷمريكيين غير راضين عن سياسة أمريكا الخارجية ، وظهر أيضا إنهم مبتهجون بعودة العلاقات مع كوبا ، ﻷن ذلك يفتح مجال أستثمار قريب من أمريكا ، لذا فهم يعولوا على منافس السيدة كلنتون ، لكرسي الرئاسة عن الحزب الديمقراطي المرشح ربيرتي ساندرز ، واضعا في برنامجه اﻹنتخابي ، مفاهيم إشتراكية لغرض كسب أصوات العمال ، كوضع حد أدنى للإجور 15 دولار/ساعة ، وإنتهاج سياسة مجانية في التعليم ، وأن تكون اﻹجازات المرضية مدفوعة اﻷجور، وإعادة النظر بالضمان الصحي الذي أرهق ميزانية ذوي الدخل المحدود ، وفرض ضرائب على الشركات الكبيرة ، وعقوبات قاسية ضد المتحايلين على دفعها ، ويقال والعهدة على إبنتي نادية ، إذا لم يعلن أحد من أفراد العائلة عن دخله الحقيقي ، فإن أحد أفرادها يوشي به للسلطات ، كمتهرب من دفع الضريبة ( مليارديرينا يسرقون ولا أحد يحاسبهم ) .
سألتهم عن المشاهد الحية في هارفارد سكوير ، رجالا ونساء يحملون لافتات كتب عليها أنا عاطل ، وليس لي سكن أطلب المساعدة . ألا يعطي هذا صورة عن خداع العالم بالرفاهية التي يتمتع بها الفرد هنا ، أجابني أحدهم هذا ما نجنيه من الرأسمالية والشركات اﻹحتكارية ، لذا ستتوجه بأنظارنا نحو إنتخاب ساندرز ، الذي سيعمل على إعطاء بعض الحقوق للفقراء ، كما أكد أحدهم ، وهنا تدخلت الغيرة العراقية ، إذن لماذا لم تساعدوا العراقيين في الكشف عن مصير الملياردات التي سرقت من قبلكم ومن قبل الرجال التي جيء بهم مع الدبابات بعد سقوط الصنم ، ولم يطبقوا أي خصلة من الخصال التي عايشوها عندكم ، وبصورة خاصة حبهم وإنتماهم للوطن كما أنتم فاعلون . إستغربت إبنتي من قولي إنهم دفعوا عني ثمن الجعة ، قائلة هذا لم يحصل إلا نادرا ، ودعتهم على أمل للقاء بهم يوم الثلاثاء قبل عودتي ، قائلا قيل لي ليس هناك شيء ببلاش في أمريكا بزيارتي اﻷولى ، وأنا وجدت في الزيارة الثانية هناك شيء ببلاش في أمريكا وهو إكرام الغريب ، والتعينات تتم حسب الكفاءة وبدون محسوبية ، ولا بالدفع مقدما.