المنبرالحر

استثناءات مقدسة / قاسم السنجري

لا أحد ينكر مكانة ائمة الإسلام في نفوس العراقيين، وما يكنونه لهم من احترام وقدسية، يظهران بجلاء في ثنايا أحاديثهم وما يتناقلونه عن فضلهم وإيثارهم. فكتب التراث الإسلامي زاخرة بفضل موسى الكاظم الإمام السابع لدى المذهب الجعفري (توفي 183هـ)، وجاره ابي حنيفة النعمان مؤسس المذهب الحنفي العريق (توفي 150هـ )، وليس بعيداً عنهما عبد القادر الكيلاني إمام المتصوفة (توفي 561 هـ). ومن يطلع على كتب التراث سيرى كيف كان هؤلاء الأئمة سنداً لاتباعهم ويؤثرونهم على أنفسهم ولو كانت لهم بها خصاصة.
تدور أحاديث في هذه الأيام الساخنة بحرارتها واحداثها، عن قرار يستثني عدة مناطق من بغداد من القطع المبرمج للكهرباء، وهذه المناطق هي التي تضم مراقد الأئمة السالف ذكرهم، أي في الكاظمية والأعظمية وباب الشيخ، وان هذا الاستثناء يهدف إلى تجهيز هذه المناطق اضرحةً وبيوتاً بطاقة كهربائية لـ٢٤ ساعة يومياً، وانها أمنية كل عراقي أن يرى العراقيين ينعمون بطاقة كهربائية على مدار اليوم، ولكن لا أن تتنعم فئة ويتم حرمان فئة أخرى لأنها لم تتشرف بالسكن قرب أحد المراقد المقدسة. فهذا الأمر يزيد من حسرات العراقيين ويقض مضاجع الأئمة في مراقدهم حين يرون أنهم اصبحوا سبباً في تفضيل فئة على أخرى، واصبحوا جزءاً من محاصصة سكانية تضاف إلى المحاصصة الطائفية بل وتزيدها ترسيخاً في المجتمع العراقي.
ما ذنب المواطن العراقي الذي يسكن في اطراف بغداد أو أماكن غير الأماكن المقدسة في العاصمة؟ هل تؤخذ من حصته المتذبذبة اصلاً لتمنح إلى منطقة أخرى بذريعة قدسيتها؟
تستطيع وزارة الكهرباء أن تستثني اضرحة الأئمة من القطع المبرمج وهذا معمول به منذ مدة على ما أظن، حيث يتم تجهيز هذه المراقد بمغذيات كمغذيات الطوارئ التي تزود بها بعض الدوائر الحكومية أو مقرات المسؤولين المتنفذين بحسب ما أدلى به وزير الكهرباء في جلسة البرلمان يوم السبت الماضي، حين قال إن «بعض الدوائر والمسؤولين يستحوذون على جزء كبير من حصة بغداد من الطاقة الكهربائية».
أليس من الأولى رفع تجاوزات هؤلاء المتنفذين على الشبكة الكهربائية قبل أن يفكر البعض في تمييز فئة على أخرى في تجهيز الكهرباء؟ أي مسعى هذا الذي يخلق التمييز والفرقة بين ابناء الشعب الواحد بذرائع شتّى، حيث حتى المقدسات اقحمت في المخططات واستغلت كدعاية سياسية عبر قرارات تصب في مصلحتهم انتخابيا ومناطقياً، ولقد تم استغلال القنوات التشريعية والتنفيذية لتنفيذ رغبات ساذجة تعتدي على حقوق الجميع بعد أن ضيّع هؤلاء المتنفذون أموال الشعب وتراثه وارضه.