المنبرالحر

المتلونون بنصرة الطائفة وراء أﻹنتكاسات الوطنية / د. علي الخالدي

مرة ثانية تلتقي قوى الطابور الخامس التي غدرت بثورة الفقراء تموز المجيدة ،التي تتحاشى ذكرها ولا تقتدي بمبادئها اﻷحزاب المتنفذة . دون مراعاة لمشاعر الشعب العراقي الذي أعتبرها نقطة تحول في حياته المستقبلية ، بما حشدته من طاقات وطنية كفوء في البناء والتعمير ، وضعته على سكة بناء عراق متقدم ومتحضر ، في كافة اﻷصعدة .
هذا ما كان يأمل به الشعب بعد إسقاط الصنم على أيدي التحالف الدولي الذي قادته دول إستعمارية وغير إستعمارية ، ومع هذا هلل الشعب له ، لكن فرحته بزوال الدكتاتورية لم تدم طويلا إذ سرعان ما سُرقت فرحته وأحلامه، بتجيير مردودات التغيير لصالح ، قوى وليدة الطابور الخامس ، التي ألتقت مصالحها للمرة الثانية ﻹجهاض المكاسب الوطنية وعرقلة القضاء على موروثات الدكتاتورية ، بطرق بانت دروبها ، عندما سلمت السلطة بعد زوال سلطة اﻹحتلال ، بإسلوب إنتقائي ،لُون بإشاعة الديمقراطية وبصيانة حقوق اﻷنسان وبدستور لم يقدر على حمايتهما ، لسياسيي الصدفة الذين أغلبهم لبس عباءة المذهب ونصرة الطائفة ، وبدأ يجأر بخطاب طائفي بعيد عن الوطنية، مما أدى الى تعثر العملية السياسية وبالتالي خنقها وهي في المهد.
لقد وجد البعض ممن تدربوا على قابلية التلون ، وحرفية التملق والتستر على ما كانوا يضمروه للشعب (لو أنهم نصروا ) من روح إنتقامية عشعشت في نفوسهم خصوصا بعد ، خسوف قمر القومية ، في فتح أبواب اﻷحزاب اﻹسلامية أمامهم ، وخاصة لهؤلاء ، الذين إكتسبوا خبرة عمليه ونظرية في التزمت والتوظيف اﻹنتقائي للمذهب من الحملة اﻹيمانية التي أطلقها الدكتاتور ، و بشطارة بهلوانية عمدتها حناجرهم بالهتاف لنصرة الطائفة ، بلفوا قادة اﻷحزاب اﻹسلامية التي تفتقر للكادر العلمي والسياسي ، فمنحوا مناصب عليا في اﻷجهزة اﻷدارية واﻷمنية ، بينما أغلقوا أبواب تلك الدوائر أمام الكفوئين من الوطنيين، الذين قارعوا الدكتاتورية في الداخل والخارج ، لمعرفتهم المسبقة أن تواجد أمثال هؤلاء في تلك الدوائر ، لن يسهل سرقت المال العام وتجيير مكتسبات التغيير لصالحهم ولصالح أحزابهم وكتلهم التي ضموا اليها ، فسارعوا بمعيتهم الى إشغال الناس بإلتبرهج في إقامة مراسيم مذهبية تثير حفيظة وإمتعاض الطرف الآخر ، ولتمويه ما يسعون اليه تحمسوا لما إقترحه العامل الخارجي من تبنيهم بدون دراسة نهج المحاصصة الطائفية واﻹثنية رغم تحذيرات القوى الوطنية لما سيأتي به على الشعب من مآسي وويلات ، ومع هذا تمسكوا به ، بإعتباره أفضل إسلوب لتقسيم الكعكة العراقية ،يسهل طرق سرقة المال العام ونشر الفساد، و يتيح فرصة تطبيق ثقافتهم القومية والمذهبية في عمل الدولة على حساب إضعاف الولاء للوطن ، الذي قيد الى شفا هوة سحيقة ستفقده توازنه اﻹجتماعي , وتقسمه الى كانتونات طائفية ، وإثنية تطبيقا ﻷجندات خارجية .
باﻹضافة ﻷعتماد اﻷحزاب اﻹسلامية والقوى الدينية على بقايا النظام الدكتاتوري ، طعمت قيادات اﻷجهزة اﻹدارية واﻷمنية ، بالذين جيء بهم بعد سقوط الصنم من أوطان جنسيتهم الثانية ، على إعتبار كونهم ، قد إكتسبوا خبرة عملية في أثناء تواجدهم في دول اللجوء الكافرة المعادية للعروبة والدين على حد قولهم كلاجئين سياسيين ، بينما إستبعدوا (إلا ما ندر ؟ ) من عاش في دول أوروبا الشرقية .
بعد تواجدهم الطويل فيها منحوا الجنسية فصارت لديهم جنسيتان يستغلون الثانية للطواريء ،كما حصل وسيحصل لاحقا هروبا من غضب الشعب ، وقف وراءه منحهم الجنسية حاجتهم الى اﻷيدي العاملة ، ولسد العجز في الزيادة السكانية في مجتمعاتهم . فكُلفو بأعمال يستنكفوا القيام بها في أوطناهم ، ورغم ذلك بداء البعض منهم يتبجح بالحياة المرفهة التي حظي بها في وطنه الجديد ، مكنه من زيادة ثروته المنقولة وغير منقولة ، لتغطية ما تم سرقته من المال العام ، ويقدر بالملياردات ( بالدولار طبعا) وليبرر أنه ترك النعيم وجاء لخدمة الوطن ، وهو من وقف أمام عودة الكوادر العلمية والفنية العراقية من الخارج ، إلا من فرضه عليهم صاحب إمتياز التغيير واﻷخزاب الحاكمة ، لينفردوا بجعل ثقافة نصرة هذه الطائفة وتلك ، بين الناس وجعلها شأن إلزامي عليهم ، غير قابل للنقاش ،شأنها شأن وأطيعوا اولي اﻷمر، في التصدي لثقافة التحضر ونشر الشعوذة بين الناس بإغرائهم أن من يسايرهم سَيُطعمون خبز صاج ولحم دجاج ، وسيدخلون الجنة أفواجا أفواجا ، بينما من يَعْصيهم سيطعم نشارة خبز شعير ، ومصيره جهنم وبؤس المصير.