- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الثلاثاء, 25 آب/أغسطس 2015 18:59

يعتبر النضال الجماهيري من الأساليب المهمة في نضال الشعوب من أجل حريتها وحقوقها ، ويأتي هذا النضال نتيجة تراكمات ومعاناة لدى الجماهير وكذلك مدى استجابة السلطة أو المعنيين لهذه المطالب أو الوقوف ضدها ، ويأخذ النضال الجماهيري أشكالا متعددة حسب ظروف البلد والناس والمنطقة . واليوم يتصاعد النضال الجماهيري في العراق ويأخذ مديات أكبر وأكبر تحت وطأة ما يعيشه الناس من ظروف قاسية تتفاقم يوما بعد يوم وسوف تتفاقم أكثر بعد أن وصل سعر البرميل أقل من أربعين دولار وبعد أن اتضح إن الإصلاحات التي يدور الحديث عنها في أحزاب السلطة هي إصلاحات جزئية وتستغل لكسب الوقت .
وفي النضالات الجماهيرية الواسعة كما يحصل اليوم في العراق تشترك جماعات وفئات وطبقات مختلفة فيها ، ولذلك فإن مطالبها تتنوع وتتطور حسب الوقت والظروف التي تحيط بهذا النضال خاصة موقف السلطة منها ، ولهذا من الواجب الحرص على إيجاد القواسم المشتركة لهذه المطالب خاصة وإن المساهمين في التظاهرات من منحدرات اجتماعية وطبقية وثقافية مختلفة ومعاناتهم المباشرة من الوضع الراهن مختلفة أيضا . فالتركيز على المطالب الخدمية والاقتصادية فقط سوف لن يقدم في النهاية إلا إجراءات ترقيعية وقتية في وقت يبقى السبب الرئيسي لهذا الوضع المتمثل في الفساد السياسي والمحاصصة والطائفية التي تولد يوميا ظروف ما نعيشه اليوم ، كما إن استباق تطور الحركة الجماهيرية في طرح شعارات تلقى هوا في النفوس ولكنها بعيدة عن الواقع حاليا سوف تربك الحركة وربما تزجها في صدامات هي في غنى عنها وهناك الكثير من يتربص بها ، إن تقدير الوضع المناسب ستجده القيادات الميدانية لهذه التحركات والقيادات الشابة الجديدة التي ولدت في هذه الأحداث وكذلك تراكم الخبرة عند الجماهير .
واليوم هناك ظروفا مساعدة كثيرة لهذه التحركات الجماهيرية ، فالمرجعية الدينية طالبت وتطالب بمحاربة الفساد بكل أشكاله واحلال الرجل المناسب في المكان المناسب بعيدا عن الحزبية والولاء ونبذ المحاصصة والطائفية والتأكيد على أن المرجعية مع الدولة المدنية ، وحمل المرجع الأعلى السيد علي السيستاني مؤخرا الحكومات السابقة مسؤولية ما وصل إليه الوضع الآن ، وإن هذه الدعوات المباشرة والعلنية سوف تدفع بمزيد من الناس في هذا الحراك والنضال الجماهيري إذا حرصنا على رفع شعارات وطرح مطالب هي من صميم مصالح الناس المعاشية والسياسية والابتعاد عن الشعارات التي تفسر بأنها تخص عقائد الناس والتي ستكون مكسبا لا يقدر بثمن لأحزاب السلطة وهم في ظروفهم الصعبة هذه .
إن فرحنا وحماسنا بما يحدث من نضالات جماهيرية يتوجب أن لا ينسينا هواجس ما يدور حولنا ، والذي عبرت عنه خطابات قيادات الأحزاب الدينية الحاكمة في ذكرى استشهاد محمد صادق الصدر وكذلك اجتماع حزب الدعوة بعد عودة المالكي من إيران وبحضور العبادي فالكل مع الإصلاح ( بقدرة قادر ) وحديثهم عن الإصلاحات ينحصر في الخدمات فقط وأن تكون وفق القانون والدستور والتحذير من سحب المحافظات الوسطى والجنوبية للفوضى وتدخل السفارات في الشأن الداخلي .
لقد كشفت هذه الخطابات وما قبلها هدف أصحابها في الالتفاف على مطالب الجماهير والمرجعية وكسب الوقت ، كما جرى في فعاليات سابقة وهدفهم الوصول إلى شهري محرم وصفر ومناسباتهما الدينية واملهم بأن يشغل الإهتمام بالشعائر الدينية عن التظاهرات الجماهيرية ، كما جرى جس نبض الشارع من خلال ضرب المتظاهرين والمعتصمين في البصرة وبابل والنجف وغيرها .
إن الوضع الحالي يتطلب وضع هذه الهواجس أمام الجميع فليس أمام الحركة الجماهيرية سوى تشديد مطالبها وتطوير أساليب الإحتجاج والابتعاد عن المواقف والشعارات الذاتية والتي لا تعبر عن المطالب الأساسية للجماهير وأن يحذروا من مناورات وألاعيب أحزاب السلطة والقوى التي تتربص لهذه الاحتجاجات .