المنبرالحر

في صلب التظاهرات ... رجّعو فلوسنه! / شاكر عبد جابر

أمرٌ دُبر بليل، وبتدخل سفارات أجنبية ودول خارجية، هكذا رأت العيون المصابة بالرمد المعرفي، تظاهرات شعبنا من البصرة إلى بغداد، وكل هذا البحر الهائج في الساحات، و(جمعة ورة جمعة)، مؤامرة.
التظاهرات هذه ليست عفوية وهي بفعل فاعل، ودُبرت بليل، نعم، ولكن بلا سفارات ولا دول اجنبية، لان الفاعل لا يحتاج لمساعدة فيها وأخذ كل وقته وعلى مدى ثلاثة عشر عاما لا هم له الا تدبير هذه المؤامرة الدنيئة في سرقة أموال الشعب ونشر الفساد دون أن يلتفت لمن اوصله الى هذا الموقع وهو معجب ومستمتع بأغنية الفنان علي العيساوي (بوك يمعود دبوك ... كبل ما ينزل السوك).
العيون المصابة بالرمد لا تفهم قوانين المجتمع، تلك التي تتمظهر بأشكال مختلفة، وأحيانا كثيرة يأخذ القانون الواحد الشكل وضده فيكون مذهلا وجميلا للبعض، ومرعبا ومخيفا للبعض الاخر، كما لاحظنا كيف خرجت الجموع في الجمعة الاولى وهي تهتف لا للفساد، بعد أن تراكم الضيم وتحول الى كم أذهل المتظاهرين انفسهم، حيث ليس كل من خرج للتظاهر كان يعلم أن مئات الآلاف سوف تخرج معه، وارعب من دبر المؤامرة.
نعم .. إن هذا الشعب طلع وحده .. ، ولم يخطط للتظاهرات احد ولم يحرض المتظاهرين ولم يهديهم مسدسات او بطانيات او سندات مزيفة لقطع اراضي، او وظائف كاذبة. نعم وحده الشعب، وعلى الفضاء مباشرةً في عالمه الافتراضي وبشباب مدرك ومستوعب للفعل، والا لما رأينا هذه الاهازيج التي عكست وعي الشباب وابداعهم بهذا الشكل المذهل (هذا الشعب وحده طلع لا تركب الموجة) او الاهزوجة الملحمة (بأسم الدين باكونه الحرامية)
العيون المصابة بالرمد هذه ولأنها لا تقرأ، ولا تفهم، ولا تستوعب قوانين المجتمع، وتعتقد أنها تستطيع احتواء التظاهرات، فتلجأ الى أن ( تركب الموجة) او تقف في وجهها، وهذا قمة الغباء لأن بعض قوانين المجتمع تحاكي احياناً قوانين الطبيعة، فكما يلفظ البحر كل جسم غريب عليه الى الشاطئ، فان حركة الشعب تلفظ هي الاخرى كل جسم غريب عنها.
فالموج واحد ان كان موج البشر او موج البحر، وليس امام هؤلاء الذين يدبرون دناءاتهم في الليل، الا مخرج واحد وهو: «رجعو فلوسنة».