المنبرالحر

فلسطين: شعب تحت الإحتلال..!!! / باقر الفضلي

دون سابق إنذار؛ إنقضت مجموعة فتيان من المستوطنين، مع ثلة من جنود الإحتلال الإسرائيلي، وهم يهرعون من سيارتهم، مشهرين أسلحتهم في الفضاء، تستحثهم صيحات ونداءات مجموعة الفتيان من المستوطنين الإسرائيليين، ممن كانوا يتراكضون ويطلقون الصيحات ، والتحريض، بإتجاه شاب، كان يحمل حقيبة على كتفه، ولم يبدو عليه الفزع أو أي رد فعل للصيحات ، التي كان يطلقها الفتيان، بل ظل يسير في طريقه بهدوء بين قضبان لسكة حديدية، وسط مسار كان محاطاً بسياج، ليسقط بغتة، حينما ترجل رجال الشرطة من سيارتهم وهم يطلقون النار دون أي تمييز أو تدقيق، إنما وكما يظهر من الفيديو، فقط إستجابة لتوجيهات الفتية من المستوطنيين وإشارات الإستدلال الى الفتى، الأمر الذي من الصعب توضيحه، دون التطلع الى الفيديو الذي سجل تفاصيل جريمة القتل، والتي راح ضحيتها الشاب الفلسطيني (فادي علون)، ويترك التعليق والحكم على الحادث من خلال المشاهدة، فالموقف الهستيري لرجال الإحتلال، وإرتكابهم القتل بدم بارد، لرجل لم يظهر عليه أي ملامح للمقاومة، أو ما يفيد كونه حاملاً لأي سلاح، أو إن كان هناك، ثمة من كان مصاباً من الفتية المستوطنين، أو أي علامات لإشتباك في الموقع..!
إنها حالة تبعث على الحزن والأسى؛ أن يعيش الفلسطينيون في قراهم ومدنهم وهم يقتلون بدم بارد، ولا يأمنون على حياتهم من فلول المستوطنين؛ فالتسجيل الذي جرى بثه حول الجريمة النكراء، يعكس حجم الخطر الذي يتعرض له الفلسطينيون، حتى لو كانوا في منازلهم..!! فإن كان شريط الفديو، حقاً يعرض، المشهد الحقيقي للجريمة، فإنه ربما يكون من الأدلة المادية التي يمكن أن تستخدمه أي شرطة ضد المتهم بإرتكاب جريمة إطلاق النار على الفتى وقتله في الحال، ولكن شريط الفيديو في الواقع؛ كان واضحاً في إشارته الى تلك الأدلة، التي يمكن أن توجه الى رجال شرطة الإحتلال أنفسهم قبل غيرهم، فهم ومن دلائل الشريط، يظهر الشريط، وكأنهم أول من أطلق النار على الضحية، قبل أن يتأكد لهم من واقع الحال، ما يبعث على الشك بوجود حالة من التصادم، أو التشابك بين جمهرة المستوطنيين وأي جهة أخرى في المكان، في وقت لم يظهروا فيه وكأنهم في حالة من الدفاع عن النفس، بقدر ما كانت الدلائل المسجلة في حيثيات شريط الفديو، تشير الى تورطهم في إطلاق النار بشكل مباشر بإتجاه الضحية، إستجابة لطلب جمهرة الفتية المحيطة بالمكان، والذين كانوا يشيرون الى ذلك الشاب وهو يواصل سيره بإعتدال وهدوء، حتى خر صريعاً بعد أن إستقرت الرصاصات المنطلقة في جسده لترديه ميتاً بلا حراك..!!؟ (*)
إن شريط الفديو، الذي كان يوضح كيف كان الشهيد الفلسطيني (فادي علون)، في حينها، محاصراً بين إعداد من المستوطنين، وهم يلاحقونه في دائرة مغلقة، وهو منفرداً يسير بين قضبان سكة الحديد، ويدفعون شرطة الإحتلال، التي حضرت الى المكان، ويحرضونهم على إطلاق النار عليه، وهذا ما يبدو وكأنه قد تم فعلا.. لترتكب الجريمة، بهذه الوحشية المفرطة؛ مما دفع، وعلى لسان عضو المجلس الثوري لحركة فتح، والأمين العام للتجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة، السيد ديمتري دلياني، الى إستنكار الجريمة وتحميل الحكومة الإسرائيلية مسؤوليتها..!(1)
إنه وفي نفس السياق، تعود بنا أحداث الفيديو المذكور، وما تضمنه من تفاصيل تتعلق بالجريمة التي أرتبكت بحق الشهيد الفلسطيني ( فادي علون)، الى ما جرى تناوله سابقا، في المقالة الموسومة ( الإستيطان وأبعاد الجريمة)، المنشورة في 1/8/2015 والتي تناولت أبعاد الجريمة التي راح ضحيتها الشهيد الطفل الرضيع (علي سعد دوباشه) وحرق عائلته في منزلها، مما أثار غضباً عارما لدى الشعب الفلسطيني، وفي مقدمته الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس، لتلتقي دوافع وأسباب الجريمتين، المنكرتين، في " الإستيطان" ودوام الإحتلال للأراضي الفلسطينية، وعجز الشرعية الدولية في بسط إرادتها وفي إجبار الدولة الإسرائيلية، الإذعان الى قرارات تلك الشرعية، وبعكسه فلا يرى المرء مناصاً من تكرار القول، وكما ورد في متن المقالة المذكورة، بالتأكيد على أن :
[[ الإستيطان، والذي بذاته يشكل جريمة دولية، فإنه وبكل دوافعه وتبعاته، يظل العامل والدافع الرئيس، الذي يقف وراء الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين الأبرياء من قبل المستوطنين المتطرفين؛ وهو وحده من يدفع الى تكريس الإحتلال الإسرائيلي، ومصادرة الأرض الفلسطينية والتمدد في جميع الإتجاهات، وبالتالي فهو المحفز على التطرف الإسرائيلي، والخالق للمنظمات والأحزاب المتطرفة الإسرائيلية، والدافع المباشر لتشكيل الحكومات الإسرائيلية العنصرية المتطرفة، وهو الذي يدفع من جهة أخرى، على ردود الفعل المعاكسة، من الجانب الآخر؛ إذ من غير المنطقي أو المعقول، أن يستسلم من يقع عليه العدوان وتترصده الجريمة، كالتي وصفها رئيس اللجنة التنفيذية، السيد محمود عباس ب " جريمة حرب" ، والقى مسؤوليتها وتبعاتها على عاتق الحكومة الإسرائيلية ، التي تؤمن الحماية للمتطرفين من المستوطنين بإرتكاب جرائمهم بحق الفلسطينيين، من دون رد فعل مشروع، أو من حق الدفاع عن النفس هذا في وقت لا يألو فيه الفلسطينيون جهدا، في اللجوء للطرق السلمية للدفاع عن أرضهم وحقوقهم المشروعة، تمسكاً بها وإرتباطاً بقرارات الشرعية الدولية حول الإستيطان وتقرير المصير..!!]](2)
ومن جانب آخر يـأتي تصريح السيد رئيس الوزراء الفلسطيني د. رامي الحمد الله، صاباً في نفس الإتجاه، حيث ورد بقوله: [[ إن جرائم المستوطنين هي العامل الأساسي في إشعال الأوضاع في الضفة، لا سيما ما أقدم عليه مستوطن صباح اليوم في القدس من الاعتداء على فتاة مقدسية وإطلاق النار عليها، مضيفا أن على إسرائيل ردع المستوطنين ووقف الاعتداءات بحق المواطنين وبشكل خاص في القدس، محملاً الحكومة الإسرائيلية مسؤولية تصعيد المستوطنين وقوات الاحتلال]].(3)
ولكن ورغم كل ما تقدم، فإن الإدارة الإسرائيلية برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لن تألو جهداً في مواصلة التصعيد، والدفع بإتجاه إتخاذ قراراتها بتكثيف نشر قوات الجيش بالقدس، والتعامل بأقصى درجات الشدة مع الفلسطينيين..!؟(4)
فألإحتلال مهما كان شكله ومكانه، ودوافعه وأسبابه، يظل حدثاً مرفوضاً، مهما قصر أو طال أمده، وليس بوسع شعب من شعوب العالم، نسيان الويلات والمصائب التي يسببها وجوده؛ فالإحتلال، يظل تلك الآفة التي تلقي بثقلها على النفوس، وتسعى الشعوب لإنهائها، بكل ما أؤتيت من قوة وعزيمة، وليس الإحتلال الإسرائيلي وحده مستثنى من غيره ومن أمثاله من كوابيس الظلام التي ألقت بثقلها على كواهل الشعوب، وولت مدبرة، لا تلوي على شيء..!؟(5)
ومع ذلك، فليس هناك أكثر وضوحاً من موقف الجانب الفلسطيني في إجتراحه لطريق السلام مع إسرائيل، وهو أمر ما إنفكت تؤكده القيادة الفلسطينية بإستمرار، وما عكسه خطاب الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وما ورد أخيراً الثلاثاء 6/10/2015 في مستهل إجتماع مجلس الوزراء الفلسطيني، في موقفه الداعم والمؤيد لذلك الخطاب، ما يؤكد تلك الحقيقة، التي تحاول الحكومة الإسرائيلية، تجاهلها في جميع المناسبات، بل وتدفع بإتجاه التصعيد وخلق المبررات لذلك، بما يلقي ضلالاً من الشك والريبة على الأهداف المتوخاة من وراء ذلك التصعيد..!!؟؟(6)