المنبرالحر

من يوصل اﻹسلاميين الى السلطة / د. على الخالدي

عند التوقف أمام معطيات الواقع السياسي الذي نشأ بعد ما سمي بالربيع العربي في الشرق اﻷوسط ، نجد هناك مسألتين معنيتين بالدراسة ، اﻷولى من كان وراء وصول اﻹسلاميين الى مواقع القرار في بعض البلدان العربية ، والثانية , هل إحتكارهم للسلطة عزز اﻹسلام السياسي وقوي مواقعه بين الجماهير . وأرتنا معطيات المشاهد السياسية التي نشأت في المنطقة ، يأن الغرب وعلى رأسه أمريكا واﻷنظمة الرجعية والدكتاتوريات وقفت وراء وصول اﻹسلام السياسي لمواقع القرار في تلك البلدان
من المعروف إن السلفية واﻷحزاب اﻹسلامية تضع إستلام السلطة كهدف أساسي من واجباتها الدينية ، فهي تسعى جاهدة الى اﻹستيلاء عليها ، ولا يهمها إن كان ذلك يتم بتدخل خارجي ، طالما يضمن توفر شروط إنفرادها بالحكم ، وفرض أجنداتها على المجتمع ، بقوة المال والسلاح التي توفرها لهم السلطة ، بإعتبارهم ممثلي مشروع إلهي ، في حكومة ملائكية ، كما يدعون ، فيستحوذوا على مواقع القرار ، ذات الصلة المباشرة بالتنمية ، كي يجيروا ما يرصد لها لصالح أحزابهم وكتلهم ، خالقين بذلك تناقضات داخلية ، بين واقع تصرفاتهم وإدعاءاتهم المتناقضة ، في أطر نزعة تنافسية فيما بينهم ، مدعومة بإستحقاق إنتخابي منح لهم بغفلة من الزمن ، مما ولد ندما جماهيريا ، عكسته اﻷنتفاضة الشعبية الجارية حاليا في مدن العراق كافة ، معتبرة إياه عامل إنجاح حسن إختيار الصالح في اﻹنتخابات القادمة بالتصميم على عدم تكرار الندم مرة ثانية.
عندما تتموضع اﻷحزاب اﻹسلامية على موقع القرار ، يبدأ التخطيط الذي من شأنه الحد من ممارسة المكونات العرقية لشعائرها الدينية ، وتضييق حرية حركة العلمانيين على كافة المستويات ، و العمل على طمس أستحقاقاتها في المشاركة في إدارة تلك المرافق ، في أجواء صمت العامل الخارجي ، كما شوهد ويشاهد في بعض البلدان ، وما يراد له أن يكون في سوريا وليبيا ، واليمن ، وإلى ما يسعون اليه في العراق . ولولا يقظة جماهير الشعب المصري والتونسي ، التي قرأت خطابهم جيدا ، فإنتفضت وأحبطت تللك المخططات في بلديهما.
فالغرب وأمريكا ، يدركا حاجة التنظيمات اﻹسلامية اليهم لتماثل أهدافهم السياسية واﻷقتصادية في توجيه مسيرة النظام الجديد لخدمة مصالحهم ، وتحقيق أجنداتهم . بإستخدام شتى الوسائل المادية واللوجستية للوصول الى ذلك الهدف ، بالضد من المصالح الوطنية. أما الدكتاتوريات وأﻷنظمة الرجعية ، فهي وراء تسهيل حركة ونشاط التنظيمات اﻹسلامية وأنتشار اﻷفكار السلفية ، عند محاربتهم الفكر العلماني ، وتصفية حامليه جسديا (وسط صمت مدعي نشر الديمقراطية والعدالة اﻹجتماعية) مما يتيح للإسلاميين فرصة برمجة عقول بسطاء الناس ، ضمن دائرة تنظيماتها ومؤسساتهم وخصوصا في صفوف الشعوب ذات النسبة العالية من اﻷمية ، من أن المشاكل اﻷقتصادية واﻹجتماعية لا تحل إلا بإطاعة أولي اﻷمر ، خالقين بذلك إستقطاب بين مكوناته، وعدم إستقرار . ومع عدم تملك من يدين بالولاء لهم ، المؤهلات والكفاءة ، لقيادة الدولة ، فُقدَتْ القدرة على كنس موروثات الحكومات السابقة ، والنهوض بعمليات اﻷصلاح والتنمية ، ليصبح الفساد والفشل ونهب المال العام في أجواء فوضى عارمة تعم البلاد ،سيد إنجازاتها ، كما حصل في بعض بلدان الربيع العربي.
.
لقد إعتمدت أمريكا طريقة ملتوية للتعاون مع اﻹسلام السياسي ، تخفي في طياتها تحقيق مكاسب جيوسياسية ، لمعرفتها ودرايتها المسبقة ، بأن نهج اﻹسلاميين السياسيين ، سيؤلب الجماهير عليهم على المدى البعيد ، كونها تنظيمات ﻻ تؤمن بالديمقراطية من جهة ، وتقف بالضد من بناء قمة التحضر ،الدولة المدنية ، من جهة ثانية ، لتبقي بلدانها وشعوبها آخر اصف من التمدن كما تريدوه . ومع أستهانة اﻹسلاميين بصوت الجماهير وبحقوقهم ، تستعر التناقضات بين الطرفين ، وتتصاعد مطاليب الجماهير ، الهادفة الى بناء وفاق وطني وفق معايير اﻹنتماء للوطن . ولتغليب مصالحهم على مصالح الشعب ومكوناته ، يعمدوا الى تشكيل لجان توازن ترتبط برؤساء الكتل وأحزابهم ، توزع المناصب العليا والدرجات الخاصة بما فيها المتعلقة بالهيئات التي يقولون عنها مستقلة ، ليغطوا على مواصلة نهج المحاصصة الحزبية المقيت ، وهذه صفة مميزة في أجنداتهم ، أفسدتها إنتفاضة الشعبين التونسي والمصري . بينما يراد لها أت تسود في ليبيا وسوريا واليمن ، بينما حذت جماهير الشعب العراقي ، حذو تونس ومصر بإنتفاضة تطالب بإصلاح حقيقي يضمن محاسبة الفاسدين ، وتطبيق مبدأ من أين لك هذا ، لقادة سياسيين في موقع القرار أغلبيتهم من حملة الجنسية المزدوجة ، جيء بهم من دول اللجوء الغربية.
يتبع