المنبرالحر

العبادي يتظاهر / نوري حمدان

من الطبيعي ان تتظاهر الشعوب احتجاجا على قرارات لم تصب بمصالحهم او لاصدار قرارات تنصفهم، والشعب العراقي من تلك الشعوب التي تتظاهر لتحقيق مكاسب مشروعة قد كفلها الدستور والمواثيق الدولية، كذلك يطالب بالاصلاح في كافة مفاصل الدولة وبمقدمتها العملية السياسية والتي تعود بالتالي الى الرئاسات الثلاثة والقضاء.
رئيس الوزراء هو المعني بحسب الدستور بتنفيذ هذه الاصلاحات مع تداخل صلاحيات رئاستي الجمهورية ومجلس النواب، استجاب رئيس الوزراء حيدر العبادي الى مطالب الجماهير المتظاهرة خصوصا وانها حظيت بدعم المرجعية الدينية، ايد اغلب السياسيين اصلاحات العبادي وصوت مجلس النواب عليها بل عززها باصلاحات تخص المجلس ايضا.
ما سلف ليس بجديد على القارى اللبيب ولكن الجديد هو ان رئيس الوزراء الذي يجب ان يتظاهر عليه الشعب ليحقق مطالبهم يدعو للتظاهر كي يتمكن من تحقيقها، معادلة صعبة بالحقيقة وهي تبدو جديدة في الانظمة الديمقراطية والسؤال هو هل سيخرج العبادي ليتظاهر مع المتظاهرين ضد الفساد ولتحقيق الاصلاحات.
العبادي خلال كلمته في ورشة عمل تنفيذ الاصلاحات الاقتصادية للنهوض بالقطاع الصناعي الخاص قال ان البعض يريد ان يعرقل ويعطي معلومات كاذبة عن الرواتب والسلم الجديد مشيرا الى ان التنافس السياسي ليس هذا مجاله لان هؤلاء لايريدون الاصلاحات والبعض سكت مرغما عنه امام الضغط الجماهيري ولكنه بدا يتحدث حاليا ويثير الاشكالات، ولكني ارى ان الغالبية في البرلمان يؤيدون ويسيرون مع الاصلاحات.
هذا يضعنا امام عناوين يجب التوقف عندها اولها ان نفهم ان العبادي بحاجة الى الدعم الجماهيري لتحقيق الاصلاحات وخلافها لايمكن لاي شخص ان يصلح ما خرب في هذا البلد، كذلك يفهم من كلام العبادي الدعوة للتظاهر بل لزيادة الزخم في التظاهر كي لا يسمح للفاسدين باستغلال الفرص في تسويف الاصلاحات والتخريب عليه وهذا هو نمط جديد في العمل السياسي في ادارة دولة تتمتع بدستور ديمقراطي وتعمل بقوانين مشرعة من مجلس نواب منتخب وبالتالي القانون بيد العبادي بصفته رئيس مجلس الوزراء ويحق له تنفيذ كل ما هو قانوني..
اذن ما الذي اضعف العبادي؟
اولا علينا ان نقر ان العبادي الان ضعيف وتصريحه الاخير خير دليل وسبب ضعفه النظام السياسي الذي بني على اساس طائفي وقومي استفحل فيه الفساد والفاسدين الذين لا يسمحون للنزيه بالعمل معهم ويعملون كل ما بوسعهم لافساده من خلال الترغيب وعند عجزهم يسعون الى الترهيب وهذا يجعلنا نتوقف عند التصريحات التي تتحدث عن مؤامرة تقودها امريكا لتغيير العبادي ويبدو ان اشارة العبادي الى بعض السياسيين الذين يريدون ان يروجوا معلومات كاذبة عن الرواتب والسلم الجديد كما قال ان التنافس السياسي ليس هذا مجاله ويقصد سلم الرواتب اي قوت الناس.
الفاسدون والانتهازيون والوصوليون لا يهمهم مصير الناس بل ما يهمهم كيف يكونون في المكان الذي يبتغون الوصول له.. من هنا اقول انا ليس مؤيدا ولا مدافعا للعبادي كشخص بل مع رئيس وزراء يريد تنفيذ الاصلاحات ومحاربة الفساد وعلى الجميع ان يكونوا معه للتخلص من هذا الوضع المزري.. ولا يختلف موقع رئيس الوزراء عن الاخرين في حال اخضاعه للفاسدين لاي سبب كان على الجميع ان يكونوا ضده وعدم السماح له.