المنبرالحر

هل يحق للعراق إحياء الاتفاقية العراقية - السوفيتية مع روسيا ؟ / زهير كاظم عبود

عقدت الحكومة العراقية والأمريكية اتفاقية أمنية في العام 2008، ودخلت هذه الاتفاقية حيز النفاذ اعتبارا من اليوم الأول (1) يناير/ كانون الثاني 2009، ووفقا لبنود هذه الاتفاقية تكون سارية المفعول لفترة ثلاث سنوات من تاريخ الانعقاد ، مالم يتم إنهاء العمل بها من قبل احد الأطراف المتعاقدة ، ولايتم العمل بنصوص هذه الاتفاقية إلا بموجب اتفاق وتوافق بين الطرفين ، وفقا للإجراءات والنصوص الدستورية المعمول بها في كلا البلدين ، على أن يتم إنهاء العمل بالاتفاقية بعد مرور سنة واحدة من تاريخ استلام احد الأطراف إخطارا خطيا من الطرف الأخر .
ان الاتفاقية المذكورة جاءت لتعزيز الأمن المشترك لكلا البلدين والمساهمة في السلم والاستقرار الدوليين، ومحاربة الإرهاب في العراق، والتعاون في مجالات الأمن والدفاع، ومن خلال كل ذلك، ردع التهديدات الموجهة ضد سيادة وأمن ووحدة أراضي العراق؛ وإذ يؤكد الطرفين أن مثل هذا التعاون مبني على أساس الاحترام الكامل لسيادة كليهما وفق أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة؛ ورغبة منهما في التوصل إلى تفاهم مشترك يعزّز التعاون بينهما؛ ودونما إضرار بسيادة العراق على أرضه ومياهه وأجوائه؛ وبمقتضى ما تعهدا به بصورة مشتركة كشريكين ذوي سيادة ومستقلين ومتكافئين .
ونصت المادة ( 2 ) من الاتفاقية على ان تُجرى جميع العمليات العسكرية التي يتم تنفيذها بموجب هذه الاتفاقية بموافقة حكومة العراق وبالتنسيق الكامل مع السلطات العراقية. وتشرف على عملية تنسيق كل تلك العمليات العسكرية لجنة مشتركة لتنسيق العمليات العسكرية (jmocc) يتم تشكيلها بموجب هذه الاتفاقية. وتُحال إلى اللجنة الوزارية المشتركة القضايا المتعلقة بالعمليات العسكرية المقترحة والتي يتعذر على اللجنة المشتركة لتنسيق العمليات العسكرية تسويتها. 3. تنفذ جميع تلك العمليات بمراعاة الاحترام الكامل للدستور العراقي والقوانين العراقية، ويكون تنفيذ هذه العمليات متماشياً مع سيادة العراق ومصالحه الوطنية، حسبما تحددها حكومة العراق. ومن واجب قوات الولايات المتحدة احترام قوانين العراق وأعرافه وتقاليده والقانون الدولي النافذ. كما اتفق الطرفان على مواصلة جهودهما للتعاون من أجل تعزيز قدرات العراق الأمنية، وفقاً لما قد يتفقان عليه، بما في ذلك التدريب والتجهيز والدعم وتوفير وتأسيس وتحديث المنظومات اللوجستية (النقل والإيواء والتموين للجنود). ولم يرد في هذه الاتفاقية أي نص يحد من حق الطرفين في الدفاع عن النفس، كما تم تعريف هذا الحق في القانون الدولي النافذ .
وأمام مثل هذه الاتفاقية يمكن أن نتساءل حول إمكانية عقد اتفاقيات اخرى مع دولة اخرى ؟ كأن تكون الاتفاقية مع روسيا أو مع ايران على سبيل المثال لا الحصر .
حيث أن الاتفاقية نفسها وأن نصت في الفقرة رقم ( 1 ) من المادة الثالثة والعشرون على تطبيق هذه الاتفاقية على دول أخرى مع احتفاظ العراق حق التوصل إلى اتفاق مع أية دولة من الدول المشاركة في القوات متعددة الجنسية لطلب مساعدتها في تحقيق الأمن والاستقرار في العراق .
ومن اللافت للنظر وجود نص الفقرة الثانية من نفس المادة والذي يبيح للعراق بحق التوصل إلى اتفاق مع أية دولة أو منظمة دولية أخرى لطلب مساعدتها في تحقيق الأمن والاستقرار في العراق، والذي قد يتضمن مثل هذا الاتفاق شروطاً مناسبة وردت في هذه الاتفاقية.
الاتفاقية الدولية تعبير عن توافق بين شخصين أو أكثر من شخوص القانون الدولي ، يتم انعقادها بين دولتين أو أكثر لإنشاء علاقات قانونية على أن تكون مكتوبة وموقعة من قبل الأطراف كافة، ولذا فان شروط الاتفاقية الدولية لا تختلف كثيرا عن شروط الاتفاقيات التي يعقدها الأشخاص الطبيعيون ، فيشترط بها الرضا ، وان لا تتعارض مع القواعد الآمرة في القانون الدولي العام ، وان يتم توقيعها والالتزام بها من قبل الأطراف المتعاقدة .
وكان العراق قد عقد في نيسان من العام 1971 اتفاقية لتطوير التعاون الاقتصادي والفني تعلقت بتنفيذ مشاريع مهمة منها :
1- مصفى للنفط في الموصل مع خط أنابيب لتزويده بنفط خام كركوك.
2- خط أنابيب بغداد – البصرة للمنتجات النفطية.
3- محطتين كهرومائيتين على سدي دوكان ودربندخان بما في ذلك وسائل نقل القدرة الكهربائية للضغط العالي لربط المحطتين المذكورتين بالشبكة الكهربائية الوطنية.
4- منجم الفوسفات في عكاشات مع معمل التركيز ومصنع الأسمدة الفوسفاتية الثلاثية.
5- مشاريع الصناعة السمكية (مصنع تعليب الأسماك، وحدات التبريد، أرصفة لسفن صيد الأسماك، مركز للبحث ومركز للتدريب) بما في ذلك تجهيز سفن صيد الأسماك.
6- معملين لمنتجات الألبان.
تحدد طاقة المشاريع وأحجام الإنتاج من قبل المؤسسات المختصة للجانبين عند الاتفاق على أسس التصميمية للمشروع.
يحق للجانب العراقي بعد التشاور مع الجانب السوفيتي أن يحذف أو يبدل أي مشروع ورد في هذه المادة وان يدرج فيها بموافقة الجانب السوفيتي أية مشاريع جديدة ضمن مبلغ القرض المذكور في المادة (3) من هذه الاتفاقية.، والذي يستعمل لتسديد نفقات المؤسسات السوفيتية المتعلقة بتنفيذ أعمال التصاميم والمسح وتجهيز المعدات والمكائن ومكائن ومواد البناء لمشاريع كاملة من اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية على أساسا (سي اند اف) الموانئ العراقية للمشاريع المنصوص عليها في المادة (1) من هذه الاتفاقية ولمنشآت إضافية أخرى تابعة لهذه المشاريع، وكذلك نفقات إقامة العراقيين الموفدين الى الاتحاد السوفيتي للتدريب المهني، كل ذلك وفقاً للعقود المبرمة بين المؤسسات السوفيتية والعراقية المختصة.
ولاينكر احد حجم التعاون العسكري بين الاتحاد السوفيتي سابقا وبين العراق ، وقد بقيت مواقف الدولة الروسية الاتحادية ثابتة في الدفاع عن وحدة العراق ومحاربة الإرهاب ، ودعم التعاون الفني العسكري .
وطيلة الفترة الماضية والحقبة التي تلت الدكتاتورية لا يوجد ما يمنع العراق من تجديد عقد الاتفاقيات العسكرية والاقتصادية والفنية مع روسيا ، بالنظر للمواقف الثابتة أولا ، وللفائدة التي تحققت للعراق جراء تلك الاتفاقيات ثانيا ، وتعزيزا ودعما للتوازن الدولي في المنطقة ثالثا .