المنبرالحر

نحو تكامل افضل بين الصناعة والزراعة / إبراهيم المشهداني

لاشك ان استراتيجية البنك المركزي تهدف من بين أُمور عديدة الى الاسهام الفاعل في عملية التنمية الاقتصادية ورفع معدلاتها وصولا الى دعم القيمة الحقيقية للدينار العراقي إزاء العملات الأجنبية، الى جانب الآليات التي يتبعها البنك المركزي للحفاظ على قيمة الدينار في السوق وخفض معدلات التضخم، كما ان تقديم القرض الانمائي ومقداره خمسة تريليونات دينار عراقي هو الشكل الاكثر فاعلية في عملية التنمية اذا ما وضع هذا المبلغ الكبير في مكانه وزمانه الصحيحين وفق آلية تمنع الفاسدين وسراق قوت الشعب من محاولة الاستحواذ عليه، وسيضع القطاعات الانتاجية على سلم النهوض بالاقتصاد الوطني وخاصة في قطاعي الصناعة والزراعة اللذين اذا ما تم التكامل بينهما وفق استراتيجية اقتصادية سليمة سيؤديان الى تحريك دورة رأس المال وتحقيق التراكم الرأسمالي وامتصاص البطالة ضمن منهجية خلق التوازن بين القطاعات الاقتصادية، وإنعاش الصناعة التحويلية.
ان الاهتمام بهذين القطاعين ينطلق من وفرة العوامل الإنتاجية والطبيعية فيهما سواء الأيدي العاملة واحتياجات السوق العراقية ووفرة الاراضي الزراعية والمياه، والطلب الواسع لمنتجات هذين القطاعين ودواعي أوضاع الريف العراقي الذي وصل التخلف فيه الى مستويات مريعة.
ولم يكن هذا الموضوع مجرد رؤية عراقية نظرية غير قابلة للتنفيذ ، بل إن منظمة الأمم المتحدة للزراعة والتنمية (FAO ) قد نصحت الدول النامية التي تواجه ظروفا بيئية مماثلة لظروف بلادنا ان تخصص للزراعة 10في المئة من الميزانية العامة للدولة وعلى المنهج نفسه تعهدت القمة العالمية المنعقدة في روما في تشرين الأول من عام 2009حول الأمن الغذائي بزيادة الاستثمارات في القطاع الزراعي ورفع نصيب الزراعة وتنمية الريف بنسبة لا تقل عن 15 في المئة من مصروفات بلدان أعضائها في القطاعين العام والخاص الزراعيين وعلى هذا النحو أكد معهد مجلس الوحدة الاقتصادية العربية في عام 2011 في القاهرة .
إننا ندرك إن وراء تخلف القطاعين الزراعي والصناعي وتنسيق العلاقة العضوية بينهما، عوامل عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر ،غياب الرؤية الإستراتيجية الثابتة وغياب التنسيق بين الوزارات ذات الاهتمامات المشتركة وخاصة الصناعة والزراعة والتخطيط، وفشل إدارة المياه بالكميات المتاحة, واقتصار وظيفة وزارة الزراعة على تقديم الخدمات الإرشادية وإجراء البحوث وتنظيم القروض مع ما في الاخيرة من فوائد تشجع الفلاحين على الانتاج الزراعي. وخلاصة القول إن توافر عوامل التكامل الزراعي والصناعي لا تحتاج إلا إلى إعارة الاهتمام الكافي بتنظيم هذين القطاعين بما يؤدي في النهاية إلى تفعيل حركة ديناميكية في الإنتاج الصناعي الزراعي وخاصة القطاع الصناعي الخاص تماشيا مع برنامج الدولة في الشراكة بين القطاعين العام والخاص على طريق الإسهام في زيادة نسبتهما في الإنتاج المحلي الإجمالي وتشغيل الأيدي العاملة العاطلة والنهوض بمستوى الريف العراقي وتحسين معيشة الفلاحين وإعادة التوازن الى الاقتصاد الكلي .فهل ذلك عصي على بلد يعوم على ترسانة هائلة من الثروات تحت الأرض وفوقها ؟!