المنبرالحر

حيل شرعية للالتفاف على الإصلاح / قاسم السنجري

تتحجج القوى النافذة بأن رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي لم يتشاور معها في الاصلاحات التي شرع بتنفيذها. وتطالبه بأن يكون لها دور في تطبيقها.
ويبدو أن هذا «العذر» جميلا في ظاهره، ولكنه يخفي الكثير من الالتفاف على الإصلاح وعرقلته وتعطيل خطواته وتفريغه من محتواه.
فهل يمكن لقوى ستتضرر من اجراءات اصلاحية ومن ملاحقة المفسدين واسترداد الأموال المنهوبة، أن تكون قوى فاعلة في عملية الإصلاح؟ هذا الأمر يشبه ملاحقة الرجل لظلّه فلا يستطيع لا اللحاق به ولا الامساك به.
ان هذه القوى تبتكر كل ما يمكن ان يجعلها بمنأى عن الملاحقة والضرر، وهي كمن يمكن وصفه بأنه لا ضرع فيحلب ولا ظهر فيركب، فهي متنفذة بكل مفاصل المؤسسات الحكومية، وتعرف اين ذهبت أموال الدولة وأي الجيوب التي امتلأت ذهبا ونفطاً. فكيف يمكن لحكيم أن يصدق أن هذه القوى «زعلت» لأن رئيس الوزراء حرمها من «شرف» المشاركة في حملة الإصلاح الكبرى؟
هذه القوى التي ذهبت إلى أبعد من سحب التفويض من العبادي من خلال «نكتة» المحافظة على الدستور والفصل بين السلطات، وهذا قول حق ولكن تلبسه الباطل من جميع الجهات، ذهبت إلى التفكير بسحب الثقة من العبادي لأنها وجدت عنده طموحاً ليكون رجل دولة يصغي نوعاً ما لمطالب الجماهير. لذا ضغطت عليه، ولكن ضغط الجماهير على العبادي كان اقوى حيث استمرت المطالبات بملاحقة المفسدين والمتحاصصين، لذا فكرت باستبدال العبادي بمن ينفعها ويسمعها ولا يبالي بصرخات الناس.
هذه القوى التي تقاسمت مؤسسات الدولة عن طريق المحاصصة وجعلت هذه الوزراة «سنية» وتلك «شيعية» واخرى «كردية» في مخالفة دستورية صريحة وفاضحة، تتباكى اليوم على الدستور وعلى الفصل بين السلطات، بينما جميع الوزارات والمؤسسات لا تنفصل عن بنايات الاحزاب ولها أبواب خلفية ترتبط بأبوابها لتمرر منها ما تمرر من قرارات وتعيينات وعقود وصفقات.
إن الحديث عن الالتفاف بحد ذاته ليس جديداً، فهذه القوى التفت على العملية السياسية وجعلتها حكراً على احزاب قليلة وحرمت بقية القوى من حقها من خلال لَي عنق القوانين كقانون الانتخابات وقوانين أخرى ذات صلة ببناء مؤسسات الدولة. فكيف لا تلتف اليوم على اية حركة اصلاحية جوهرها تخليص الدولة من نظام المحاصصة المقيت، واستبعاد الفاسدين والذين اثروا على حساب المال العام افراداً واحزاباً، لذا فان هذه القوى تفكر في «حيل شرعية» للالتفاف على الاصلاح والقوانين ومطالب الناس وتوفير الخدمات. فهي بارعة في ايجاد الذرائع والحجج والأعذار عن كل مصيبة يوقعون الشعب فيها، بينما يزدادون هم ثراءاً ونفوذاً وسلطة، وثم لم ولن ينتجوا سوى الخراب.