المنبرالحر

الخطأ التاريخي !/ محمد عبد الرحمن

من حقنا ان نقلق على عراقنا من التيهان والضياع والتشرذم واللادولة، فلا يكاد يخفت اوار ازمة الا وتندلع نيران ازمة اخرى، فيما الناس تتفاقم معاناتها على وقع الازمة السياسية والاقتصادية وموازنة « التقشف» والشلل في الخدمات، وتنامي مؤشرات الفساد على نحو مخيف في الدولة ومؤسساتها، كما في المجتمع، ومصير الوطن في مهب الريح تتقاذفه الاهواء والتدافع والتقاتل من اجل الكرسي والمصالح الضيقة.
السلطة للكثيرين هي الهدف، وما عداها فهو فداء لها! هذا ديدن المتنفذين، كم منهم؟ لا اعرف ولكن من المؤكد ليس كلهم بل جلهم. فهم (المتنفذون) والحق يقال على استعداد تام وجهوزية كاملة لارتكاب الحماقات والكبائر في سبيل كرسي السلطة والاحتفاظ به،ألم يتجسد هذا في الصراع الذي كاد ان ينفجر على نحو اخر، غير سلمي، في السعي الى الاحتفاظ بمنصب رئيس الوزراء على قاعدة « ما ننطيها «، وفيما راح المواطنون يتداولون الاحاديث عن شراء هذا المنصب الوزراي او ذاك بملايين الدولارات ويذكرون ارقاما مذهلة تدفع بصاحب الموقع المشترى الى الركض سريعا، والتسابق مع الزمن كي يجمع المبلغ الذي دفعه، بما فيها بيع وظائف الوزارات بتسعيرة معروفة، على ان تنجز المهمة خلال السنوات الاربع. الوقت ثمين أليس كذلك ؟!.
لم يعد شيئا مخفيا، ويحتاج الى التكهن وضرب الاخماس بالاسداس، فالمواقف مكشوفة ومفضوحة وما سبق 2003 واضح، وما تلاه اوضح. لن تنال من الحقائق وتخفيها عمليات الكذب المتواصل و»التقية» وطأطأة الرأس حتى تمر العاصفة او تدبيج الكلام المعسول والتدليس ولبس رداء الدين الذي أساء اليه المتنفذون الاف المرات، رغم الصلوات الخمس والحج كل عام، والاكثار من ذكر أسماء الأئمة والمصلحين الاطهار واجهاد النفس في ترديد اقوالهم بمناسبة او من دونها ! ولكن الغربال لا يحجب نور الشمس، فالفرق شاسع بين الثرى والثريا، واين هؤلاء المتنفذون والسارقون ومزوري الشهادات من قول الامام العادل: « من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه «. فَقد فقد هؤلاء الحياء منذ زمن.
القلق يكبر وانت تراقب المشهد امامك، وتتمعن في المواقف. فهل من المعقول هذا الاختلاف في الاساسيات، وما هو مسلم به وليس موضع جدل ونقاش؟ هل يعقل هذا الاختلاف والتقاطع الكبير فيما يخص سيادة الوطن وحرمة اراضيه؟ وهل في الاستقواء بالاجنبي، ايا كان، والازدواجية منه، شيء من الوطنية العراقية التي غادر مواقعها البعض، ورسوا على ميناء المصالح تحت يافطة الدين والطائفة والقومية والمذهب.
حين يصبح الوطن «خان جغان» ويتفاقم التدخل الخارجي، ويقول البعض بلسان فصيح ويهدد باللجوء الى التقسيم تحت غطاء ودعوات انشاء الاقاليم في غير سياقاتها المعروفة والدستورية، ويتناغم البعض مع مشاريع بايدن ومكين، فمن حقك ان تتساءل عن مستقبل بلد اسمه العراق، وهنا الامر سيان ان يمزق اربا، او يبقى، كما يريد البعض، كيانا موحدا، ولكنه هش «لاينش ولا يكش».
لا امل في هذا البعض، فقد تجاوز الحدود، وعبرنقطة اللاعودة، ولكن رحيلهم يبقى بيد من اوصلهم الى مواقعهم، وعلى هؤلاء المواطنين تصحيح هذه الخطأ التاريخي والكبير في اول فرصة قادمة، فيما يبقى شعار « تظاهر ياشعب. لا تكول شعليه « يلح كي تدور دولايب عملية الاصلاح وتضغط لتصحيح ما افسده الدهر والمحتلون والمتنفذون الفاسدون والمحاصصة المقيتة.