حاول البعض طيلة الاسابيع الماضية في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب الانتقاص من الانتفاضات الجماهيرية الواسعة والمتواصلة والمنظمة والسلمية المطالبة باصلاح النظام وتخليصه من امراضه الولادية وعاهاته المزمنة كمرض المحاصصة الكارثي ووباء الطائفية الخبيث وكذلك المطالبة بازاحة الحيتان الكبيرة الفاسدة والمافيات الاقتصادية التي تضخمت واصبحت (دولة داخل دولة) باعتراف صناع القرار والمهيمنين .

ان نظام المحاصصة الطائفي المقيت هو المسؤول عما وصلت اليه البلاد من خراب كارثي ومستقبل مجهول. وفي ظل هذا الخراب ومطالبة الجماهير باصلاح الاوضاع يطل علينا أحد فرسان الطائفية من أحد القنوات الفضائية ليعلن بأن هذا الحراك الجماهيري في بغداد وباقي المحافظات لا يمثل الرأي العام للشعب العراقي لقلة عدد المشاركين ولأنه مسيس ومخطط له وتقف جهات خارجية خلفه ؟ , مبينا ان بامكان أحزاب السلطة تحشيد الملايين من المتظاهرين من مؤيديها مقابل هذه القلة من المتظاهرين لدعم السلطة وللدفاع عن منجزاتها المتحققة.. وهذا وارد وغير مستبعد من قاموس المهيمنين في أن تعاد تجربة تموز 2012 عندما تم تحشيد المئات من بطانة السلطة بعد أن تم نقلهم من المحافظات بوسائط نقل مريحة وتقديم الخدمة والكرم الضيافي ومصروف الجيب من المال العام على أن تكون مهمتهم الاعتداء على متظاهري ساحة التحرير.. ولا ندري عن اي منجزات يتحدث هذا المسؤول؟ وعن أي منجزات تدافع تظاهراته المليونية الموهومة؟ وعن أي أكثرية حصلوا عليها في انتخابات ( ديمقراطية ونزيهة؟ ) كما يزعم متناسيا الوسائل غير المشروعة التي استخدمت في الانتخابات وشرعنة سرقة ونهب المال العام واستخدامه شراء ذمم المواطنين المعدمين واستغلال بؤسهم وفقرهم والضحك على ذقون الناس بالوعود الكاذبة كالتوظيف والتطوع في الاجهزة الامنية وتوزيع سندات قطع أراضي سكنية وهمية ,اضافة الى دور هيئة الانتخابات (التحاصصية) غير المحايدة وغير المستقلة والمنحازة لصالح أحزاب السلطة المهيمنة وكذلك عزوف قطاعات مهمة وواسعة من المجتمع عن المشاركة في انتخابات محسومة نتائجها مسبقا, متناسيا هذا المسؤول أن ظاهرات الشعب الواسعة والمتواصلة قد انطلقت للدفاع عن مصالح الشعب وحماية ثرواته المنهوبة بسبب الفشل والفساد المستشري . والتظاهرات الشعبية التي عمت العراق تمثل :

- الملايين الصامتة على مضض والمغلوبة على أمرها والمصابة بخيبة الامل والاحباط من فساد السلطة.

- الملايين من سكان العشوائيات وبيوت الصفيح المنتشرة في أطراف ( عاصمة العراق) والمحافظات والتي لا تصلح لإيواء الحيوانات؟

- الملايين من العاطلين عن العمل ومعانات عوائلهم من الفاقة والحرمان ومذلة الفقر والجوع..

- ملايين الأرامل والايتام ونابشي القمامة من العوائل والاطفال بحثا عن القناني الفارغة وأكياس النايلون وفضلات الطعام الملوثة لبيعها وسد رمقهم في عراق ميزانيته مليارات الدولارات ويملك ثروات طبيعية طائلة ,..

- ملايين العوائل العراقية المشردة من محافظاتها ومناطق سكناها بسبب احتلال عصابات داعش الاجرامية وتخاذل الحكومات المحلية والمركزية أمامها وفساد أجهزتها الامنية والعسكرية.

- وطن هجرته كفاءاته وشعب هاجر شبابه ونهبت ثرواته ودمرت اقتصادياته وسلبت حرياته وانهارت قيمه.

- عوائل وامهات ضحايا مجزرة سبايكر النازية .

وتعتبر التظاهرات بحق مدارس تعليمية ومعاهد تطبيقية لتعليم الاجيال الشبابية وتمرينها على كيفية ممارسة حقها للمشاركة في الشأن العام والدفاع عن حقوقهم المكتسبة وانتزاع المغتصب منها من خلال العمل الجماهيري والمطلبي السلمي المتواصل والمتعدد الاشكال والاوجه.

فالحذار ...الحذار ... من تجاهل مطالبها والتعامي عن حقوقها والايغال في اذلالها وتجويعها لتجنب انفجارها وللتاريخ شواهد وعبر لا تعد ولا تحصى.