المنبرالحر

أموال مهدورة! / محمد عبد الرحمن

نشرت في الآونة الأخيرة، معلومات كثيرة عن الكيفية التي جرت بها إدارة المال العام في السنوات السابقة.
وكان بين ذلك ما كشفه المفتش العام لوزارة المالية عن انه أعاد ٥١٠ مليارات دينار الى خزينة الدولة، بعد ضبط مخالفات وتجاوزات على المال العام. فيما أشار تقرير الحسابات الختامية لسنة ٢٠٠٧ الذي قرأ في مجلس النواب يوم ١٨ شباط الجاري الى ضياع ٧٥ ترليون دينار لا يُعرف مصيرها . ورصد التقرير مخالفة من جانب وزارة المالية بمنحها سلفا نقدية بلغ مجموعها ٥,٥ تريليون دينار، من دون وجود تخصيص لها وبناء على قرارات خاصة من مجلس الوزراء . وقد بلغ الفائض في موازنات السنوات ٢٠٠٣-٢٠٠٧ مبلغا قدره ٥٢ تريليون دينار .
لا شك ان هناك ملاحظات عديدة يمكن ان تقال بشأن ما أعلن وما قد يعلن في المستقبل عن مثل هذه الحالات، التي نتوقع ان تكون واسعة نظرا لحجم الفساد المستشري في مفاصل مؤسسات الدولة كافة ، وبنسب متفاوتة .
لكن أية فائدة ترتجى من تقرير ينشر بعد ٩ سنوات من موعده ؟ ومن المسؤول عن تكرار اخطاء عدم تقديم الحسابات الختامية في موعدها ؟
لا شك ان الكل مسؤول عن ذلك : مجلس الوزراء ومجلس النواب، والأخير استسهل إقرار الموازنات من دون حسابات وتقارير ختامية ، فيما لم يصادق على أضخم موازنة في تاريخ العراق، وهي موازنة سنة ٢٠١٤ التي لا احد يعرف حتى الآن كيف صرفت.
ويبقى السؤال : أين ذهبت الأموال المختفية والضائعة، وهي بكميات كبيرة من دون شك، ونحن في ظروف البلاد الصعبة الحالية في أمس الحاجة إليها ؟
هناك بالطبع الحقيقة الساطعة والمعروفة ، التي لا احد من المسؤولين المتنفذين يريد ان ينتبه اليها ، ويتخذ اللازم بشأنها ، والمقصود هنا هو المبالغ الطائلة الفائضة في موازنات السنوات السابقة ، التي جرى اقرارها بعجز لكنها في اغلبها انتهت بفائض معتبر ، غير مقيد ولا مسجل في الموازنة اللاحقة ولا ربما في اي مكان اخر . فهل من المعقول ان تتواصل هذه المهزلة ، ويستمر عدم الكشف عن أموال الشعب هذه، وعن العابثين بها ؟
ثم ان الواجب والمسؤولية الوطنية والأخلاقية يوجبان، وفقا لكل الاعراف، تحديد المسؤولين عن هذه الفوضى ، وعزلهم عن مواقع المسؤولية ان كانوا لا يزالون يحتلونها، رغم ما الحقوه من اذى شديد بالشعب وموارده. كما يجب الا تتوقف ملاحقة من تركوا هذه المواقع، بغض النظر عن المهمات التي كانوا يضطلعون بها.
ان ما أعلن هذا الأسبوع في هذا السياق من حقائق يؤكد من جديد الحاجة الماسة الى تفعيل كل أدوات الرقابة ، والى نهوض مجلس النواب بواجبه كاملا ومن دون «تغطيات سياسية» على افعال قبح ترتكب وينتهك بها القانون وتضيع الحقوق، وتبقى حدود المسؤولية مفتوحة بلا نهايات ، ويختلط الحابل بالنابل .
ان من الضروري ضرورة ملحة ان تنطلق وتتواصل حملة وطنية شاملة ضد الفساد والفاسدين، وان يشارك فيها الملايين من ابناء شعبنا – ضحايا الفساد والفاسدين.