المنبرالحر

قانون التعرفة الكمركية وصراع المصالح / ابراهيم المشهداني

يعدُّ قانون التعرفة الكمركية رقم 22 لسنة 2010 بإبعاده الاقتصادية والاجتماعية واحدا من ابرز القوانين الحاكمة التي أوجدتها الحاجة الملحة الى وجود مصادر تمويل فعالة لتدعيم عملية التنمية الاقتصادية المستدامة وتحفيز الانتاج والتخفيف من ظاهرة الاقتصاد الريعي ووحدانية الاقتصاد التي تكرس الاعتماد على مصدر تمويلي وحيد من شأنه، كما حصل بالفعل، ان عرض البلاد الى ازمة مالية حقيقية نتيجة انخفاض اسعار النفط .
ومن الاهمية بمكان، النظر الى الإجراءات الحكومية المقررة لتنفيذ هذا القانون وتفعيل آلياته ، لما لها من دور ليس فقط في التنفيذ ، وإنما ايضا في مواجهة محاولات اعاقة تنفيذه من الشرائح المتضررة كما حصل وعطل خمس مرات في السنوات الخمس الماضية، ومن بينها اقرار تطبيقه في كافة المنافذ الحدودية واستحداث نقاط معتمدة تتولى التدقيق والتأكد من استيفاء التعرفة المقررة وفق النسب المنصوص عليها في جداول التعرفة الكمركية والروزنامة الزراعية الملحقة بالقانون، مع استحداث نقاط للتقييس والسيطرة النوعية، وإجراءات وزارة الداخلية بنصب سيطرات قبل المنافذ الحدودية خاصة في المناطق التي تعاني مشاكل وخلافات بغية رصد المخالفات واتخاذ الاجراءات الرادعة ضد محاولات التملص من دفع هذه الرسوم ، وتشكيل لجان تنسيق بين وزارة التخطيط وحكومة الاقليم لمتابعة الالتزام بتطبيق التعرفة المقرة وهو الامر الذي اوقف الحجة التي تتذرع بها بعض ادارات المحافظات والتجار لا سيما في محافظة البصرة .
ان وجود قانون للتعرفة الكمركية ، ليس حالة يتفرد بها العراق ، ففي معظم الدول يطبق مثل هذا القانون رغم التفاوت في نسب الرسوم ، حسب تصنيفها ولكنها لا تقل عن 20 في المئة لما فيها من مردودات اقتصادية تتمثل في وجود مصادر تمويلية تدعم عمليات التنمية الاقتصادية ، وحماية المنتجات الوطنية ، والاحتفاظ بالعملة الصعبة والحفاظ على الاحتياطي النقدي الذي تستنزفه نوافذ بيع العملة الاجنبية ، في البنك المركزي ، التي شهدت عملية غسيل للأموال وتزوير للمستندات ، وبالإضافة الى هذا وذاك تخليص المجتمع من طابعه الاستهلاكي .
ولا شك ان تطبيق هذا القانون وبالجدية المتوخاة سوف لن يكون سهلا بل سيواجه مقاومة من قبل التجار المنتفعين الذين تعاظمت ارباحهم طيلة الفترة المنصرمة من دون رسوم او ضرائب ويسعون إلى الحفاظ على هذا المستوى من الارباح باستخدام كافة الوسائل المتاحة بما فيها الفاسدين في جهاز الدولة البيروقراطي وخاصة في النقاط الحدودية والمافيات المتنفذة في كافة المحافظات والتسلل عبر النوافذ الرخوة .وبقدر ما تحاول المافيات عرقلة تنفيذ القانون والالتفاف على اجراءاته فان الدولة بما تمتلك من قوة القانون وأجهزة امنية متخصصة قادرة على تعطيل عتلات المافيات من خلال :
• تفعيل الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ، للحد من دخول البضائع الرديئة وذات الاستعمال قصير العمر، والبضائع منتهية الصلاحية المضرة بالصحة العامة ، التي تفنن ضعاف النفوس من التجار في تزوير تاريخ الاستخدام ومناشئ الصنع .
• تشديد المراقبة على المنافذ الحدودية عن طريق ادخال الاجهزة المتطورة في كشف حالات التزوير واستخدام الكاميرات الحديثة لمراقبة التجاوزات التي تحصل خارج اماكن الفحص .
• ابعاد العناصر الفاسدة من الدوائر الكمركية الذين تربعوا على عرشها لفترة طويلة ، وتمرسوا في كيفية الالتفاف على القوانين والتعليمات ، وضرورة تدريب العناصر البديلة ومن خلالها بناء الكوادر العاملة على تطبيق التكنولوجية والأساليب الحديثة التي تتطلبها الدقة والحزم في تطبيق القوانين .
• تفعيل اللجان التنسيقية بين وزارة التخطيط وحكومة الاقليم المكلفة بمتابعة الالتزام بتطبيق القانون، وإتباع ذات التعليمات والسياقات المطبقة في المنافذ الحدودية الاخرى وسريانها اداريا وفنيا وماليا ومعالجة المشاكل التي تعترض التنفيذ ومعالجتها اولا بأول.