المنبرالحر

الكسلة .. وأيام الأثل / عبد السادة البصري

في الربيع ، وتحديداً في احتفالات نوروز ، يخرج البصريون وعوائلهم الى منطقة الأثل للترويح عن أنفسهم والابتهاج باعتدال الطقس.
والأثل الذي تم زرعه على شكل غابات كحزام أخضر يصد الرياح والرمال والأتربة عن مدينة الزبير من جهة الصحراء منذ خمسينيات القرن الماضي، كان دائماً من أجمل أماكن السفرات. وكما يقضي البصريون ساعات بهجة وفرح في الأثل فإنهم يملأون شط العرب بزوارقهم البخارية والشراعية والمراكب الصغيرة وهي مزينة بالأعلام والورود وتصدح فيها الموسيقى والأنغام و( الصفكة ) البصراوية التي تصاحب ( تومان) وهو يعزف بنايه نافخاً الهواء من أنفه في الناي، أحلى دبكات (الهيوة) وأغاني (الخشابة)..
البصريون يقضون يوم نوروز في الشط مع الزينة والغناء وناي تومان، وفي الأثل مع الخشابة والبستات الحلوة والرقصات الجميلة والصفكة، كذلك يقومون في أوقات أخرى بسفرات الى الأثل وقضاء سويعات رائعة مع الأهل والأصدقاء، وفي سبعينيات القرن المنصرم كان البعض من أحبتنا وأثناء سفراتهم يعقدون اجتماعاتهم بعيدا عن أعين العسس والرقباء، وقد استمرت أيام (الكسلة) وهي احتفالات نوروز في شط العرب مثلما السفرات و(الكعدات) وأيام (الكشتة) في الأثل لغاية اشعال الحرب مع ايران وتحويل المنطقة كلها الى ساحة قتال. فكان نصيب (الكسلة) التوقف والهجران، وغابات الأثل أن يتحول قسم منها الى معسكرات للجيش.
وتمر الايام لتذهب اشجار الاثل شيئا فشيئا حطباً للتدفئة والطبخ أيام الحصار. وبعد سقوط النظام الفاشي تحولت منطقة الأثل برمتها الى مواقع للشركات النفطية وغيرها، لتنتهي صوراً في ذاكرة البصريين مثلما انتهت لحظات (الكسلة) ولم تعد الزوارق تمخر شط العرب بزينتها وأصوات الموسيقى تصاحب الصفكة وأغاني البحر وناي (تومان) الذي رحل مع صاحبه.
كما لم نعد نسمع صفارات البواخر وهي تطلقها ابتهاجا بالاعياد ونوروز والربيع،
ما الضير لو أعدنا أيام الكسلة ، وقمنا بانشاء اماكن للسياحة والاصطياف ، لتعود البصرة مكاناً يقصده السائحون والمصطافون والعرسان ....؟!
(الكسلة) والأثل وجزيرة السندباد والعشار والكورنيش وسواحل الفاو وأبي الخصيب والتنومة والسيبة من أجمل الاماكن السياحية ولو استغلت بالشكل الأمثل، فستؤمن موردا مالياً اخر ينعش الاقتصاد الوطني كما الاماكن الدينية والأثرية .