المنبرالحر

أوقفوا صفقة (بيع) ملعب الشعب الدولي ..!! / علي فهد ياسين

ونحن على أبواب اليوبيل الذهبي لافتتاح (ملعب الشعب الدولي)، تُعلن اليوم وزارة الشباب والرياضة طرحه للأستثمار، ضاربةً عرض الحائط رمزيته الوطنية عندما وضع حجره الاساس الشهيد عبد الكريم قاسم (ووضع حينها مبلغاً رمزياً لبنائه)، وأعلن وسط حشد جماهيري أنه (يعمل لانشاء ملعب دولي كبير)، بالاتفاق مع شركة (كولبنكيان) البرتغالية التي يديرها رجل الاعمال الارمني العراقي الأصل كالوست سركيس كولبنكيان، الذي يملك نسبة (5%) من مجموع اسهم الشركات النفطية العاملة في العراق.
في السادس من نوفمبر عام 1966 تم الافتتاح بمباراة لا تنسى بين منتخب العراق ونادي (بنفيكا) البرتغالي الذي يقوده اللاعب الاسطورة في ذلك الزمن (أوزبيو)، والتي قادها الحكم الدولي العراقي (فهمي القيمقجي) بمساعدة الحكام (سعدي عبد الكريم وصبحي أديب)، ثم توالت المناسبات الكبيرة التي تؤرخ لانجازات كرة القدم العراقية في هذا الملعب الوطني الأثير على قلوب العراقيين، فقد أحرز على أرضه منتخب العراق العسكري بطولة العالم العسكرية في الاعوام (68) و(72) ، وبطولة كأس الخليج في العام (79) ، اضافة الى المباريات الودية مع منتخبات مصر ورومانيا وفريق نادي فلامنكو البرازيلي، كذلك المباريات الحاسمة في التصفيات المؤهلة للبطولات القارية والعالمية والبطولات المحلية في الدوري والكأس على مدى العقود الخمسة الماضية من تأريخه .
وزارة الرياضة والشباب التي (تزف) اليوم خبر طرح ملعب الشعب للاستثمار، كان الأولى بها أن تُعلن برنامجها للاحتفال باليوبيل الذهبي لملعب العراقيين الأشهر والاوحد والأعز على قلوبهم، وتقدم كشف حساب لعملها طوال الاثني عشر عاماً على مسيرتها ومئات المليارات من تخصيصاتها من خزينة الشعب، لتبرئ ساحة مسؤوليها من تهم الفساد التي تحيط بهم، بدلاً من أن (تنحر) رمزية ملعبهم الوطني بعرضه للاستثمار!.
هذه المؤسسة الوطنية العريقة ليست عقاراً (عادياً ) آيلاً للسقوط كي تبادر الوزارة الى تحويله صوب الاستثمار، وبيان الوزارة الذي اشار الى اختيارها شركة (محلية) يتضمن العقد معها (تسقيف جزء من الملعب وبناء فندق للرياضيين وقاعة للمؤتمرات وتأهيل المسبح وملاعب التنس ونصب بوابات الكترونية وفتح محلات لبيع التجهيزات الرياضية)، كل ذلك كان من ضمن واجباتها، وهي الاقدر على انجازه بالتعاقد مع وزارة الاسكان والاعمار وباقي الوزارات وبكوادر عراقية، خاصةً في هذا الظرف الاقتصادي العصيب، بدلاً من الشركات الاستثمارية التي ستحوله الى مشروع تجاري يستنزف ميزانيات الاندية التي ستدفع للشركة الاستثمارية (بدل ايجار) عندما تخوض مبارياتها على أرضه، وسترفع اسعار دخول الجمهور العراقي للمباريات، كجزء من عقدها مع الوزارة .
هذا الاجراء الذي أقدمت عليه وزارة الشباب والرياضة يستدعي وقفة جادة من قبل الرياضيين العراقيين والجمهور الرياضي وادارات الاندية ومنظمات المجتمع المدني ومن الحكومة العراقية، لالغائه والزام الوزارة بتنفيذ ما جاء في بيانها من اعمال ذاتياً، مع رفدها بأموال اضافية من خزينة الدولة، حفاظاً على هذا المعلم الوطني الذي يستحق صيانته واظهاره بأفضل صورة، أحتراماً لواضع حجر اساسه وللجمهور الرياضي وللرياضيين ولتأريخ الرياضة العراقية .
المناسبة مؤلمة وتستدعينا للمقارنة بين رغبة المدرب العراقي الكبير الراحل عمو بابا التي ضمنها وصيته بدفنه في أرض ملعب الشعب، تقديساً منه لهذا الموقع الوطني المميز( وقد تحقق له ذلك)، وبين المتبنين لملف (بيع) الملعب للمستثمرين، وشتان بين الموقفين !.