المنبرالحر

أزمة سكن، سرعة كلام / راصد الطريق

أزمة السكن، عبارة صارت تتردد على ألسن الناس وترددها الحكومات المتعاقبة منذ السبعينات. قبلها كانت، ولكن من غير ان تشكل قضية في الاعلام وفي الدوائر وفي بيوت الناس.
لماذا أزمة سكن اليوم؟ لماذا لم تكن قبل اربعين او ثلاثين سنة؟ دعونا من نظريات الاقتصاد وحديث الاساتذة في التخطيط والهندسة. لهم الاحترام، ولكننا نتحدث حديث ابناء الشعب الذين لا يملكون مالاً ولا يملكون نظريات تشبه الاعذار!
كان ابن البلد الذي يتيسر له مبلغ من الدنانير، يشتري بيتاً او يبني بيتاً ويؤجره. وكان يعيش من ايجار بيتين او ثلاثة وكان يسمى ملاكاً. البيتان او الثلاثة مجموعها نادراً ما يزيد على اربعمائة متر. وهكذا كانت الناس تسهم في حل « ازمة « السكن. لأن كلفة البيت محددة، كما ان الربح من ايجاره واضح. فهو استثمار محلي، شعبي بسيط.
حين ارتفع سعر الارض وارتفعت اسعار مواد البناء وتقدم مستوى خرائط البيوت، صار بناء الدار مكلفاً. وحين صار مكلفاً لم يعد مربحاً! لأن المستأجر ليس ثرياً ومبلغ الايجار لكي يكون مجزياً لصاحب الدار سيكون كبيراً على المؤجر. هنا بدأ التناقض وبدأت المشكلة بعد إكمال المشروع.
شرط اساس لنجاح الاجراء ان تفكروا ان المؤجر ليس ثرياً وليس متبرعاً. وهو رجل يريد ان يعيش. ليس ملاكاً. واذا كان ملاّكاً فهو مستثمر. ولا ننسَ ان بعض المؤجرين لا يملك غير دار واحدة يعيش من ايجارها!
لو تمت المساعدة على بناء المشاريع السكنية بالارض والقرض والقانون المنصف الذي يحفظ الحقوق، لتقدم كثيرون لمشاريع مثل هذه ولتقدمت الجمعيات والنقابات في بناء مساكن لاعضائها، ولاستثمرت هذه الجمعيات والنقابات أموالها في مشاريع كهذه، صغيرة او كبيرة. ولأن الكلفة معتدلة فالايجار سيكون معتدلاً. ولأن الكلفة معتدلة فستبيع الجمعية او الشركة الشقق او البيوت لاعضائها بأثمان معتدلة.
اما ان يخرج علينا متحمّس ليتكلم ضد اصحاب الدور المؤجرين وكأنهم تجار اعداء او اقطاعيون كبار ويطالب بتخفيض الايجار، فهذا منطق جاهل ولا يحل المشكلة بل يزيدها. لانه سيوقف البناء للايجار والاستثمار، فلا احد يريد ان يخسر.
خفّضوا اسعار مواد البناء، ساعدوا الناس او الشركات في الارض، ستكون اثمان البيع او أسعار الايجار منخفضة ومجدية. اما ان تصدر قوانين دكتاتوريين او سياسيين فاشلين تجبر الناس على الخسارة او عدم الربح، فهذا عمل غير صحيح وغير عادل ويزيد، بل يُعقّد ازمة السكن.
اطلبوا العدالة للطرفين إذا اردتم حلاً!