رحم الله من قال "شر البلية ما يضحك"
لا حاجة لأن نعرض للقارئ الكريم الأساليب الحربائية للبعث المقبور والتي تضاهي أفعال الأبالسة في تلاوينها وخداعها في فهم السياسة وتكييف ما يلائمه من مفردات وصياغات وشعارات لتتحول إلى منهج عمل وأدوات قمع لا محيد عنها في الحفاظ على سلطته وبسط نفوذه والتشبث بها حتى وإن كلفه ذلك أنهار من الدماء، ومحو شعب بكامله وإحراق بلد.
" أليس شعارهم سئ الذكر على لسان شاعرهم الجهبذ " وطن "حكم" تشيّده الجماجم والدم.... تتهدم الدنيا ولا يتهدم" فلم يكتف هذا الشاعر المخبول بتهديم البلد، بل تعداه إلى تهديم العالم.
وهذا ما كان الوضع عليه إبان حكم الطاغية انطلاقا من شعار "من لم يكن معي فهو ضدي" وبالتالي ينبغي محوه ان لم يذعن لهم ويتحول الى اداة قتل ووشاية ونحر الابرياء ممن يتجرؤون بمجرد فتح الأفواه حتى وإن لم تصدر كلمة رفض واحدة، لأن الحكم والقصص عندهم بالنوايا فقط وعلى لسان قائدهم الجرذ.
وتأسيسا على ذلك بقي العراق رهين هذا العته البعثي لأكثر من أربعة عقود، حكم خلالها البلد بالحديد والنار ومارس كل انواع الابادة الوحشية بحق العراقيين ومن كل المشارب ودفع العراق للمجهول ليكون الخروج من هذا النفق في علم الغيب.
ما دعاني لإثارة هذا الموضوع وتحريك اوجاعه التي يحاول الناس تناسيها ولو لحين لعظمة البلاء الذي سببته لكل الاجيال العراقية، هو الخبر المنشور في موقع البعث الرث "شبكة ذي قار"، ولا اعرف كيف توصلوا لإيميلي الشخصي لتظل بربرية هذا الفصيل الارعن تلاحقني طيلة العقود الأربع حتى وأنا في المهجر لأكثر من ثلاثة عقود ونصف.
يقول الخبر : "تشكيل لجنة تمثيل الجبهة الوطنية والقومية والإسلامية في اقطار المغرب العربي"
اضافوا الاسلامية لأكاذيبهم
ويذهب الخبر " بعد الاتكال على الله وبالتشاور مع عدد من أبناء الجاليات العراقية في أقطار المغرب العربي، وهم من مختلف التوجهات والتيارات السياسية العراقية، ومن سائر الأطياف الوطنية والقومية والإسلامية المؤمنة بحق شعبنا في استرداد حريته وكرامته وتقرير مصيره ، والمتطلعة إلى غد يكرس ويضمن لكافة ابناء العراق تحقيق عدالة بناء نظامهم السياسي الديمقراطي الذي سيقرره أبناء العراق بكل حرية واختيار ديمقراطي"
من هم هؤلاء؟ يقينا انهم فلول البعث المنتشرين في اقطار المغرب العربي ممن افلتوا من حساب الشعب و اختبأوا في جحورهم تمثلا بقائدهم المعدوم، اعتمادا على ما نهبوه من أموال العراقيين ليمارسوا ذات السلوكات الخرقاء ايام السلطة الغاشمة دون ان يرتدعوا أو تتحرك ضمائرهم الميتة أصلا، املين بالعودة ثانية لحكم العراق، وهذا بتلقي طبعا الدعم القوي من ايتام صدام فرسان السحت الحرام من كتبة واعلاميين ونقابيين، عربا وعراقيين، بنوا جميعا عروشهم المالية من أموال العراقيين، ليستمر التنسيق مع الفارين من البعثيين ليستجمعوا تشكيلاتهم الهاربة من القصاص، والمصيبة الافدح أن معظم هؤلاء البعثيين يعملون في السفارات العراقية ويتبجحون بانتمائهم وعلى "عينك يا تاجر" دون أي اجراء يوقفهم عن غيهم ونزوعهم للخراب وما زالوا يتمتعون بذات الامتيازات السابقة وأكثر. فاين اجراءات الدولة من الاجتثاث الحقيقي وليس للاستهلاك الإعلامي لتبقى دار "صدام" على حالها.
تهيأوا للضحك بامتلاء احبتي القراء للآتي من الخبر المضحك المبكي:
يتبنى البعثيون هذا الاجراء ويبتهجون له لأنه سيكون بوابة الخلاص من "قمع السلطة الحالية والسعي لتطبيق الديمقراطية الحقيقية"؟؟
ها كم ما جاء في البيان البعثي:
"وبناءا على ما جاء في البرنامج السياسي للجبهة الوطنية والقومية والإسلامية في العراق وما اطلعنا عليه وتابعناه عن قرب ، من أنها الجبهة التي تلتزم بإقامة نظام سياسي ديمقراطي في العراق المحرر، يرتكز على التعددية السياسية، وحق التداول السلمي للسلطة، ويضمن حقوق المواطنة المتساوية لجميع العراقيين، والعمل على إلغاء كل شكل من أشكال التمييز والتهميش والإقصاء بين أبناء شعبنا بسبب الدين والمذهب او القومية أو العقيدة السياسية أو التحزب السياسي أو الجهوية، ونرى فيها: أنها الجبهة التي تتكفل بضمان وحماية الحقوق القومية والثقافية للشعب الكردي وباقي القوميات الأخرى وتحترم الحرية الدينية والمعتقد لجميع العراقيين والحقوق على قاعدة وحدة العراق، أرضا وشعبا؛ بما سيكفل صيانة سيادة واستقلاله الوطني المنشود.
وهاكم القول الأعظم:
"واقتناعا منا جميعا : إن تلك الأهداف النبيلة والمشروعة لا يمكن تحقيقها من قبل حزب او قوة أو جماعة سياسية معينة، مهما كانت إمكانياتها ما لم تستند إلى أوسع تحالف ممكن يجسد الإرادة العراقية الطموحة والمخلصة الى تلك الأهداف والى إنجاز أوسع تحالف وطني ممكن ، تحالف متضامن بشكل طوعي وواع ومخلص ومدرك لمدى جسامة هذه المسؤولية التاريخية واتخاذ القرار الوطني المستقل لرسم مستقبل العراق والشروع بتحقيق ما ينشده العراقيون بعد كل تلك السنوات المريرة التي انتهت بكارثة الغزو والاحتلال الأمريكي لبلادنا، وما نشاهده ونرقبه من تفكيك اسس بناء الدولة العراقية، وتدمير بنيات العراق الاجتماعية، بما كرسته سياسات الاحتلال وتشريعاته ودستوره لاحقا من خلال سياسات رسمها ووضعها ونفذها الاحتلال مباشرة، وبمساعدة عملائه ووكلائه المحليين، وما تبعه الأمر من فرض ونفوذ لوصايات أجنبية لحكم العراق من خلال تكريس السطوة لعملية سياسية مشبوهة الأغراض والمرامي والأهداف الخبيثة المبيتة، وهي العملية الجارية اليوم ،على قدم وساق، بكل مكوناتها المتشاركة والمتحاصصة على نهب العراق وتدميره ، والتي باتت، وبلا شك، مرتبطة وبخضوع كامل إلى الإملاءات الخارجية والتبعية والعمالة للأجنبي ونفوذ دول الجوار، وهي تنفذ اليوم متكاملة ومتعاونة تلك الأهداف التي تسعى الى تدمير العراق وإلغاء وجوده الحضاري ودوره الفاعل بين أمم العالم شعبا ووطنا وثقافة وحضارة"
يجد القارئ الكريم اننا وضعنا خطوظا تحت الاهداف التي يسعى البعث لتحقيقها؟؟
مثل:
الديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية والتبادل السلمي للسلطة وان الدولة لا يمكن ان يحكمها حزب واحد وغيرها من المبادئ التي كان البعث من أشد اعدائها والرافضين لها.
فما الذي حدث يا ترى ليصبح البعث بين ليلة وضحاها من اشد المدافعين وأكثر المتحمسين للدفاع عن هذه المبادئ.
يبقى العلم عند الله والراسخين في يقينية الحيل البعثية وأحابيلهم السياسية والشواهد العديدة لا تحتاج الى تأكيد من انهم يسعون الى تطبيق مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" ولا ضريبة على فلتات اللسان عندهم طبعا دون سواهم.
ألم أخبركم بأنكم ستنبطحون ارضا من الضحك على هذه التلوينات البعثية المسخرة.
ولله في خلقه شؤون