المنبرالحر

الايديولوجيا في قروض صندوق النقد الدولي / ابراهيم المشهداني

يجري العراق في عمان مفاوضات من اجل الحصول على( قرض تحت الطلب ) من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبعض الدول كالولايات المتحدة ودول الخليج والدول الصناعية السبع الكبار . وتشير الاخبار ان قيمة القرض تبلغ 16 مليار دولار يدفع على مدى ثلاث سنوات
ومن المعروف ان طبيعة القروض التي تمنحها هاتان المؤسستان الدوليتان كما يعرفها الاقتصاديون والسياسيون ، مشروطة في معظمها بفرض قيود تكبل القرارات الوطنية المتعلقة بإصلاح الاقتصاد وحسب مقاسات هاتين المؤسستين والتي لا تخلو عادة من ضغوط سياسية بسبب عدم استقلاليتهما وتأثرهما بسياسات الدول صاحبة الحصص الاكبر في رأسمالها التي تتسيد الاقتصاد العالمي ورهاناتها على الاستحواذ على اسواق وموارد البلدان المقترضة وخاصة التي تتسم اقتصادياتها بالاختلال الكبير بهدف التحكم بمساراتها ، وفق نظرية اقتصاد السوق والتكييف الهيكلي ، والتأثير في مواقفها السياسية . وهي تدرك ان الاقتصاد والسياسة جبهتان مترابطتان عضويا لذلك فان القول بان السياسة تعبير مكثف عن الاقتصاد لم تكن خارج قناعات هذه المؤسسات .
وإذا ما دققنا في تصريحات المستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء لتبين ان الوصايا الخمس لصندوق النقد الدولي وبرنامجه في مراقبة تنفيذ الاهداف الارشادية الخمسة المطلوب تحقيقها في نهاية عام 2015 تنصب على خفض مستوى الاجور والتقاعد والسلع والخدمات اضافة الى التحويلات . وبناء عليه شرعنت الحكومة العراقية ، اذعانا لهذه التوصيات ، تخفيض رواتب الموظفين والمتقاعدين فضلا عن توقف بعض الوزارات عن دفع رواتب المتعاقدين والعاملين بأجور يومية بالإضافة الى الرسوم التي تفرضها على الخدمات التي تقدمها مؤسسات الدولة كما يجري في وزارة الصحة ودوائر اخرى ، الجنسية والجوازات مثلا ، بما يخالف جوهر ومحتوى المواد الدستورية ذات الصلة . ووفقا لهذه السياسة المالية تكون الدولة قد استهدفت اكثر الشرائح فقرا وتضررا بمجمل السياسات الاقتصادية التي وضعتها الحكومة على مدى السنوات العشر الماضية . وتتضح بجلاء الانحيازات الطبقية لشروط ووصايا الصندوق وشقيقه البنك الدولي . كما يلاحظ ضمنا ان توجه الحكومة العراقية للاقتراض يستهدف سد العجز في الميزانية العامة من خلال دفع الصندوق والبنك الدوليين لتقديم الدعم بشراء سندات الدين المالية الحكومية في الخارج .
ومن الملاحظ ان صندوق النقد الدولي يتمسك بفرضية الربط بين الموارد المالية والنفقات ويعول على الموارد اولا فإذا قلت الموارد لابد من تخفيض النفقات وهذا التخفيض كما هو واضح في شروطه يركز على حجم العمالة والأجور وتقليص الخدمات والدعم الحكومي من دون ان يمس مصالح الاثرياء في عراقنا المنتهك من الطفيليين و البيروقراطيين الفاسدين ، ولو ببنت شفة .
لذلك نعتقد بضرورة الاخذ بفرضية تبادل التأثير بين الموارد والنفقات ، والتوازن بين النفقات الجارية والنفقات الاستثمارية ، واحترام حقوق الشرائح الفقيرة بعيدا عن تقديس الوصايا الخمس للمؤسستين الدوليتين ،ضمن تدابير اصلاحية مدروسة فيما يتعلق بالإنفاق وإعادة دراسة النفقات الادارية الحكومية والنفقات اليومية لوزارات الدولة واللجوء الى الزهد في الانفاق ومحاسبة المبذرين في اعلى المستويات وإخضاعها لمعايير اقتصادية ومالية وان تكون النفقات مولدة للايرادات . وكذلك معالجة البطالة المقنعة والبحث عن مجالات منتجة والمناورة بالكادر الوظيفي لهذا الغرض ، وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة الممولة من قروض البنك المركزي ومراقبة انشطتها وتنمية الموارد البشرية عبر تاهيل قوة العمل وتدريبها ، كل ذلك وغيره من التدابير العقلانية مما يجنب بلادنا الرضوخ لشروط فيها الكثير من الجور والابتزاز .