المنبرالحر

الكتل والأحزاب الإسلامية مع الإصلاح، ولكن.... / د. علي الخالدي

لم يجد المتابعون للشأن العراقي اي شيء جديد في الوضع الراهن الذي تصاعدت فيه تصريحات قادة   الكتل واﻷحزاب اﻹسلامية الحاكمة بدعم الإصلاح مشروطاً بضمان عدم مس نهج المحاصصة الطائفية واﻹثنية ، كي يستمر تحكمهم بالسلطة ، و بإتجاه عملية اﻹصلاح .
بدون وجل وبشكل مباشر أعلنوا مطالباتهم بإستحقاقاتهم كممثلين للطوائف في وثيقة اﻹصلاح الوطني التي خرج بها إجتماع الرئاسات الثلاث وإياهم . حيث جاءت الوثيقة ، مكرسة للنهج الطائفي ، وداعية ﻹحداث إجراءات شكلية ، تضمن إستدامته ، تحت وابل من عبارات الحرص على اﻹصلاح واﻹستجابة لمطاليب الجماهير ، الذي نفته مواقفهم اليومية المعادية للتظاهرات المستمرة ، ووضع معوقات امام تحقيق مطلب الجماهير وقواها الوطنية بإصلاح حقيقي ، بإتخاذ خطوات جريئة لمحاسبة الفاسدين وحماة حيتانه ، والمسؤولين عن ما آلت اليه أوضاع الوطن والشعب منذ تبني النهج الطائفي  
إن تلك المواقف إتضحت بشكل واضح في جلسة عرض تشكيلة ما سمي بحكومة التكنوقراط ، التي ظهرت لعديد من البرلمانيين ناهيك للمتظاهرين ، أنها إستمرار لحكومة تخضع ﻹرادة متبني النهج الطائفي ، الذين لم يحققوا إﻻ ما زاد من بؤس معيشة الناس اليومية خلال حكمهم ، وأشاعوا الفساد   والمحسوبية في الدوائر اﻹدارية واﻷمنية للدولة ، ونهبوا ثروات البلد ، ومع هذا أرادوا تمرير تشكيلتها الطائفية المختفية بمظلة التكنوقراط على مجلس الشعب ، غير مبالين أن سلوكهم هذا أدى الى ترسيخ حقيقة أن الجماهير والعديد من المحسوبين عليهم في مجلس النواب قد أغاضهم التعالي وعدم إحترام   إرادة الجماهير منذ تبنيهم نهج المحاصصة ، الذي كان وراء زيادة ثقل معاناة ومآسي الشعب الموروثة من الدكتاتورية ، وإبقاء العراق آخر الصف . لقد غسل المطالبون باﻹصلاح الحقيقي ايديهم من مقوﻻتهم اللفظية ومن وثائق الشرف التي يخرجوا بها بين الحين واﻵخر وهي توعد بالتغيير .
قال رئيس مجلس النواب عن مفهوم اﻹصلاح … اﻹصلاح ﻻ يتوقف على التغييرات التي تطرأ على المواقع التنفيذية بل يتعداه الى إعادة النظر في منهجية بناء الدولة ، (القائم على اساس المحاصصة بمسمياتها المختلفة ) *، داعيا جميع اﻷطراف الى العمل المشترك للوصول غلى صيغة تكفل تحقيق معايير تشكيل حكومة تكنوقراط
بينما قال السيد الحكيم ، …. مهماتنا اليوم أن نحمي العراق ( من من ؟ وهو يعرف أن أس بلائه هو المحاصصة ) * ، ونعبر به الى بر اﻷمان وبعدها سيكون الحساب عسيرا لكل من غامر بدماء هذا الشعب وبدد أرزاقه وخان اﻷمانة . بينما إنفرد نوري المالكي رئيس الوزراء لدورتين سابقتين ، ورئيس إتلاف دولة القانون حاليا . … اﻹصلاح السياسي محاولة ﻹفشال المشروع اﻹسلامي ( الذي تبنى نهج المحاصصة الطائفية واﻹثنية )* وضرب المتدينين ، ولم يتطرق للفساد الذي تحمله الجماهير مسؤوليته عنه ، فطيلة حكمه بقي و ﻻ زال متمسكا بنهج بالمحاصصة وإستدامتها . مما يدل على أن كل ما طرحوه في إجتماع الرئاسات الثلاث هو تثبيت قواعد النهج الطائفي بلباس جديد (تكنوقراط) لا يختلف لون قماشه عن لون وتركيبة الحكومات السابقة ، التي لم تنصاع لتلبية إرادة الجماهير باﻷصلاح الحقيقي ، جاعلة منه أمرا عسيرا بعيد المنال ، رغم سهولة سلوكه ووضوح معالمه التي حددها المتظاهرون ، وصاغها بشكل واضخ سلس بيان اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي المنعقد في 12 آذار 2016 فقد جاء فيه …. يدور صراع شديد بين القوى المتنفذة حول طبيعة التغيير وسبل إحتفاظ كل طرف بحصته وإمتيازاته ، ويجري هذا الصراع في ظل معطيات إستمرار الحراك الشعبي ومطالباته بإنهاء نظام المحاصصة وضرب الفساد والمفسدين … وتحقيق اﻹصلاخ بإعتماد نهج المواطنة في بناء الدولة .
ومع هذا تخرج علينا وثيقة اﻹصلاح الوطني بأفكار تجريدية ، غير واقعية ، بعيدة عن الواقع الذي يعيشه الشعب ، ولا تتحلي بالموضوعية . حيث إقتصر إجتماعهم مع الرئسات الثلاث على التداول بكيفية خلق أجواء إستدامة النهج الطائفي، وشرعنة عدم المس به ، بدلا من ترطيب اﻷجواء ، بالتشديد على محاسبة الفاسدين ، و تغيبهم من مواقع القرار ، والدعوة ﻹصلاح القضاء ، وتطبيق القانون .
ومما صعد من غضب الجماهير وأثار حفيظة العديد من ممثلي الشعب ، أن وثيقة اﻹصلاح ارجعت البلد الى المربع اﻷول ، بضمان مبدأ الشراكة والتوافق السياسي واﻹستحقاق اﻹنتخابي ، غير ملتفتة الى أنها بذلك قد نفت مبدأ اﻹستقلالية، في قيادة العملية السياسية وأبعدت التغيير عن محتواه الوطني ، ليبقى عصر العراق مظلما ﻻ يبزغ نوره ، بإستدامة النهج المحاصصة جائما على صدور العراقيين . هذا ما سيحدده اﻹصرار الجمعي لمسار التظاهرات الجماهيرية وإعتصام ممثلي الشعب الذين إنحازوا لها .    
***بين اﻷقواس من وضع الكاتب