المنبرالحر

المهام الآنية للبرجوازية الهجينة الحاكمة / د. علي الخالدي

أدركت الشعوب التي غلبت على أمرها ، ان الرأسمالية المعولمة ، وأزمتها اﻹقتصادية ، ونهج إقتصاد السوق المنفلت هي من شجعت الدول الرأسمالية على غزو بعض بلدان الشرق اﻷوسط بحجة إنقاذها من ظلم اﻷنظمة الشمولية ونشر الديمقراطية فيها . متبعة طرقا أخفت وراءها دوافع ذاتية دولية وإقليمية ، تصدرها إستباق (الراسمالية المعولمة) ، حاملي الفكر العلماني من القوى الوطنية ، التي قارعت اﻷنظمة الشمولية من منطلقات وطنية بحتة عامة ، أوصلتها الى حتمية إنهيارها ، فإستغلت الراسمالية المعولمة ذلك ، وسلمت سلطة ما بعد أسقاط اﻷنظمة الشمولية لعناصر وقوى إعتمد البعض منها منطلقات طائفية ومذهبية صرفة في خضم صراعه مع اﻷنظمة الشمولية ، بينما البعض اﻷخر تفرج على حراك الجماهير الشعبية من على أرصفة الشوارع.
أغلبية قادة اﻷحزاب التي سلمت لها العملية السياسية ، أتصفت بحب المال والحياة المرفهة ، بقدر حبها للسيطرة واﻹنفراد بمقدرات الشعوب ، ناهيك عن ليونتها بتقبل الخضوع وتنفيذ ما يوكل لها من مهام تضر بمصالح الشعب والوطن ، علاوة على قابليتها في التلون والتستر بجلباب اﻹسلام السياسي.
لقد برعت هذه اﻷحزاب في إستمالة فئات واسعة من بسطاء الناس وفقرائه الذين سحقتهم برجوازية اﻷنظمة الشمولية ، مكونين طبقة أجتماعية هجينة ، أغلب قاعدتها ، من الذين خرجوا من رحم الطبقة الوسطى وما دونها بعد تهشيمها ومن رجالات العهود التي أسقطت ، وتحولت في فترة وجيزة الى قوة مؤثرة في المجتمع تحميها ميليشيات منفلة، غير مقيدة بمفاهيم وفكر البرجوازية الصغيرة المتعارف عليه وطنيا وطبقيا . فهي لم تنصف الفقراء ولا حتى طوائفها ومذاهبها كما أدعت . بل أتت عليهم من شر يضاهي ما تعاملت به أﻷنظمة الشمولية المعنية بحق شعوبها .
لم نجد لقادة هذه اﻷحزاب من تسمية غير كونها ممثلة لطبقة برجوازية هجينة ، تصرفت بثروات البلاد ، وهي ترفع شعارات طائفية ومذهبية ، لافة بهذا أواساطا واسعة حولها . خصوصا ممن أرهق الجوع والفقر والحرمان كاهلهم . إذ سرعان ما عملت هذه الطبقة الجديدة ، على حصر مردودات التغيير و ثروات البلاد في أيادي فئة قليلة من بين قادتها ، وبرعت بسرقة المال العام ، وأشاعت الفساد والرشوة والمحسوبية في الدوائر اﻹدارية واﻷمنية ، وسهلت نهب شركات وهمية ثروات البلاد رهن كومشن . ناقلة ما سرقته للإستثمار في دول لجوئها ، مما أدى الى أتساع رقعة الفقر بين جماهير بلدانها الغنية أصلا بواردات نفطية تُحسد عليها كما يجري حاليا في العراق وليبيا.
ومن المهام اﻷخرى التي أنيط تنفيذها لقادة هذه الطبقة البرجوازية الهجينة ، هي برمجة عقول بسطاء الناس بأن مصالحهم ﻻ تتحقق إﻻ بإستدامة نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية المقيت ، ومن خلال ضمان دعم متبنيه ، الذين لم ينسوا إلتزاماتهم تجاه دول ، أرتبطوا وإياها بروابط أممية مذهبية ، فلم تبخل في تعضيد إقتصادياتها على حساب تنمية أقتصاد بلدانها ، محولة شعوبها إلى مستهلك لما تنتجه تلك الدول . مما أكد حقيقة فشل إمتلاكهم لقرار وطني يصون حقوق الجماهير الفقيرة ، تاركين ثروات البلد تحت رحمة مآرب أقتصاد السوق ، الذي خلف لها أزمات إقتصادية ﻻ يسهل الخروج منها بسهولة ، وإذا ما أضيف على ذلك ، تحصن قادة هذه اﻷحزاب ومحسوبينهم في المنطقة الخضراء (العراق مثلا) ، كظاهرة تشير على حدة التمايز الطبقي الذي أتت به قيادة هذه البرجوازية الهجينة بين بقية الفئات اﻹجتماعية ومحسوبينهم ، يبرز لنا مبررات تصاعد حدة مستوى السخط الجماهيري فيه عليها.
منذ أول تظاهرة لهم في 25 شباط عام 2011 قوبلت بقوة مفرطة بعد إنطلاقها للمرة الثانية في تموز 2016 ، خاصة بعد إستيقاظ فئات واسعة من بسطاء الناس من غفوة الوعود التخديرية التي أطلقها قادة الطبقة البرجوازية الهجينة الحاكمة خلال 13 عاما ، وإتضاح إن قادة هذه الطبقة ، يطرحون افكارا غير واقعية تهدف الإلتفاف على مطاليب الجماهير باﻹصلاح ، وتسعى ﻹطالة الوقت ، ظانين أن ذلك قد يستنفد وطنية المطالبين به ، ويمكنها من تمرير خططها الرامية لعرقلة تنفيذ مطاليب الحراك الجماهيري ، وإستدامة نهجها المحاصصاتي بإنتهاج سياسة معاداة الفكر العلماني وبناء الدولة المدنية التي تسعى لتطبيق العدالة اﻹجتماعية .