المنبرالحر

حقائق لم تفرز بعد / د. علي الخالدي

رغم معرفة الجميع أن اﻷزمة التي تمر بها البلاد ، هي أزمة خانقة لا تحلها اﻷفكار التي ﻻ تلامس جذور وقائعها المريرة بموضوعية ، وحيثيات مآربها التي تقف وراء مساعي إستدامتها ، كي يُحافظ على المغانم التي جُنيت عن سابق إصرار وتخطيط ، أخفيت بدوافع طائفية وأجندات إقليمية إستطاعت أن تجر أحزاب اﻹسلام السياسي وحلفاءها إلى تبني نهج المحاصصة الطائفية واﻹثنية المقيت. مراهنة على الفراغ السياسي الذي ولده العامل الخارجي ودول الجوار في المسرح السياسي العراقي، بإبعاد من قارع الدكتاتورية في الداخل وعايش حروبها العبثية . وتعرف على ما جرى وما ستورثه جماهير شعبنا من الحقبة الدكتاتورية من مآسي وويلات ، أكسبتهم معرفة مسبقة بما سيحل بالوطن على أيدي من جيء بهم لمليء ذلك الفراغ السياسي واﻹمني في الدولة التي ارادوا بناءها على أنقاض النظام السابق ، دون تطهيره أجهزته من أدوات الطابور الخامس الذين تموضعوا في أجهزتها التنفيذية وبصورة خاصة الخدمية واﻷمنية ، بحجة اﻹستفادة من خبراتهم التي إستقوها من الحقبة الدكتاتورية ، مضافا لذلك الرغبة في إرضاء من له أذرع في الداخل ، والذي جل ما يخشاه هو ما سيأتي به إنعاش روح اﻹنتماء الوطني والتصدي ﻷجندات من يتدخل بشؤون الوطن الداخلية ، بينما يرتاح لليونة التعامل مع من تجره المغانم و المكاسب الذاتية والحزبية من الذين جيء بهم من الخارج من مزدوجي الجنسية ، الذين هللوا لمقترح تبني نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية ، بأعتباره الحل السحري الذي سيذيب خلافات تقسيم كعكة الحكم ، فيما بينهم لينفرد الطائفيين والقوميين بالحكم ، بالتحكم بمسار العملية السياسية.
مع هذا سرعان ما دب الخلاف بينهم ، وبدأ التنابز والتنافس على إحتلال مواقع القرار ، فعطلوا اﻹصلاح ، وكنس موروثات الدكتاتورية ، وتمادوا في إهمال دعوات القوى الوطنية ليومنا هذا ، ومنها دعوة الحزب الشيوعي العراقي للجميع ( … أن يفكروا مليا في ما هو عليه البلد اليوم من إستعصاء سياسي ، وأوضاع خطرة ، وتداعيات سلبية محتملة ، وأن ﻻ ينطلقوا إلا من مصالح الشعب والوطن العليا ، بعيدا عن الحسايات اﻷنانية والمصالح الحزبية الضيقة )، بجانب تلك النداءات عارض البعض منهم تعبئة الجميع ، ليقفوا بجانب جيشنا الباسل في معركة تحرير اﻷرض التي ﻻ زالت داعش تدنسها ، ناهيك عن نسيانهم ونكثهم بما وعدوا به طوائفهم ، بل إستعملوا القوة المفرطة في التصدي للمطالبين بالتغيير واﻹصلاح ، ووقفوا متحدين حراك جماهير شعبنا المطالبة بمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين وإسترجاع ما نهبوه من أموال الشعب ، وخاصة بعد أن شخصت الجماهير وقواها الوطنية أن وراء مآسيهم وويلاتهم يقف نهجهم المحاصصاتي ، مطالبين بالتخلي عنه ، وكنس المتمسكين به من مواقع القرار.
ومن المضحك المبكي أن أحد القادة قد خرج علينا مؤخرا بفكرة بيع الدور والقصور لمن سيطر عليها من المسؤولين ومن حيتان الفساد ، متناسيا أن عائديتها للشعب ، وليس من إستغل سطوته وراكم أمواله الثابتة والمتحركة من السحت الحرام . ولم يسمعنا هذا المسؤول من سيحدد أسعارها ، وإلى من ستؤول أثمانها ﻻحقا على بخسها ؟ وهل ستوجه لمعركة التحرير والتنمية ، أم لخزينة الدولة لتعبث بها أيديهم من جديد ، لينطبق علينا المثل العراقي تيتي تيتي مثل ما رحت جيتي.
ومما يحز في نفس الكثير من ابناء شعبنا ، أن ينبري أحد القادة بجانب ذلك كله وكأن الشعب ﻻ يدرك من هو المسؤول وراء ما نحن عليه الآن ويتحفنا بمقولة ، … من المؤسف أن هناك سياسيين مستعدين ﻹحراق العراق من أجل مصالحهم الشخصية وطموحاتهم ذريعة اﻹصلاح … ، تاركا التعليق على ذلك للقاريء.
إن المآسي والظروف الموضوعية والمعطيات الدولية ، التي تحيط بالوطن وتثقل من معاناة مكوناته اﻹجتماعية تجبر كل حريص وبشكل جمعي ، بأن يدعو الى عدم السير وراء لغة المهاترات القائمة بين اﻷحزاب والكتل المتمسكة بالنهج الطائفي ، والبدأ بلغة لا تنقصها جرأة تثوير الجماهير على شخوص محركي أستمراريته ، والدعوة لمواصلة الحراك الجمعي بالتظاهر السلمي للضغط على المعنين بأﻹستجابة لمطاليب الجماهير بالبدأ باﻹصلاح والتغيير المنشود ، بما يؤمن اﻷستقرار اﻷمني ويدعم جهود جيشنا الباسل و هو يحرر اﻷرض التي دنستها داعش ، حتى يفوتوا فرصة تَضييع شخوص مسؤولي الفساد في متاهة التشخيص الجمعي دون فرز ، ويبرؤوا أنفسهم عن المسؤولية القانونية ، بإثارة مشاعر وعطف الجماهير ، بأساليب ملتوية بعدما إعتادوا على نمط حياة القصور والعيش المرفه ، ولن يستطيعوا التنازل عنها ، وإعادتها للشعب ، بينما بنفس الوقت يستعملون القوة المفرطة منذ شباط 2011 في التصدي لمطاليب الجماهير ، وهم مستقوون بميليشيات منفلتة وبعشرات الحمايات واﻹجراءات اﻷمنية في الشارع ومناطق تواجدهم . يهددون بها كل من تسول له نفسه من الباحثين عن الوضوح والجرأة في تشخيص معطيات مآربهم ، ويكشف زور عزمهم ، بمحاربة الفساد والفشل الذي مورس خلال 13عاما بحق الشعب والوطن ، حتى ﻻ تعاد اﻷخطاء التي يريد أطرافها إستدامتها إرضاءا لدول قريبة وبعيدة طامعة بثروات الوطن ، تحت ذريعة اﻹستحقاق اﻹنتخابي ! ! والتوافق والشراكة السياسية. .