المنبرالحر

وأخيرا اقتنعت الحكومة بزيف أجهزة كشف المتفجرات / د. على الخالدي

لم يمضي يوم منذ 2004 بدون تفجير يحصد أرواح العشرات من المواطنين . وكان تفجير الكرادة في بغداد قبل يومين أكثرها دمويتا وعنفا ، حيث كانت حصيلته اﻷولية هي إستشهاد 213 قتيل وجرح 200 مواطن .ورغم إرتفاع صوت الجماهير وقواها الوطنية مطالبة ، بضرورة وضع إستراتيجية أمنية قادرة على التصدي للإرهاب ، وإن جهاز كشف المتفجرات ﻻ جدوى منه ، لكن أصواتها تـُسمع باﻷذن اليمنى لتخرج من اليسرى .
إن تفجير الكرادة وحجم ضحاياه البشرية والمادية كان وراء إصدار رئيس الوزراء تعليمات الى اﻷجهزة اﻷمنية من سبع نقاط ، أهمها ، سحب أجهزة كشف المتفجرات من السيطرات . منع إستخدام جهاز الهاتف النقال من قبل اﻷجهزة اﻷمنية عند الحواجز ، و... ، وآخرها مطالبته بتوزيع مسؤولية القواطع اﻷمنية بالتنسيق بين قيادات العمليات ووزارة الداخلية ، وجهاز اﻷمن الوطني والمخابرات ، (كل هذه المؤسسات هي أجهزة بنيت على أساس المحاصصة الطائفية ، غيب منها حاملي الهم العراقي ، وهذا معناه أن نهج المحاصصة لن يتنازل عن مواقع الكتل واﻷحزاب القائمة عليه ، أي تبقى نفس العناصر من ترسم السياسة اﻷمنية ) ويبرر هذا القرار بإعتباره سيجد حالة من التكامل بينها بعيدا عن التنازعات
والذي خلال ثلاث عشر عاما لم يُلمس هذا التكامل الذي ذهب ضحيته الآلاف من المواطنين بين قتيل ومعوق ، لكون هذه الكتل كانت مشغولة بكيفية حماية أصحاب شراء أجهزة الكشف عن المتفجرات ، ولم يتم التعامل مع مستورديها بنفس الصيغة التي تعاملت بها بريطانيا مع مسؤول شركة تصديره للعراق ، بواقعية تلامس التدهور وتنامي قوة اﻹرهاب وخاصة العاصمة بالسيارات المفخخة ، التي تعبر السيطرات دون أن نسمع عن كشفه لسيارة مفخخة ، ومع هذا يصر المسؤولون في حكومة المحاصصة على استمرارية إستعماله ، وهم مطنشون عن ذلك
إن ما يدور في ذهن المواطن أنه كيف تُنفذ تعليمات رئيس الوزراء ، ومن أي طرف والمتحاصيصيون يتنافسون على مواقع القرار ، حيث صرح أحدهم ، في وقت لم تجف به دماء القتلى والجرحى من أنه ﻻمانع من العودة مجددا لرئاسة الحكومة . بينما رؤساء الكتل واﻷحزاب المسؤولة عن حرف العملية السياسية عن سكتها الصحيحة ، يأتي على لسانها ما تستغربه الناس ،من عبارات ﻻ تخرج عن أطار الحرص اللفظي لمصلحة الوطن ، ويدعون الى اﻹنطلاق من مصالح الشعب والوطن كما يقول أحدهم بعيدا عن الحسابات اﻷنانية والمصالح الحزبية الضيقة ، وأن اﻷنا تذوب بالعراق ، ويدعو إلى تشخيص ومحاسبة الفاسدين الذين إستفادو من هذا النهج . والكل منهم يؤكدون على اﻷخذ بنداءات تصدرت مطاليب الجماهير وقواها الوطنية لما يزيد عن 13 عاما دون إستجابة ، حتى أن المتظاهرون بحت أصواتهم ، وجفت اقلام الكتاب من حاملي الهم العراقي ، ناهيك عن مناشدة اﻷحزاب الوطنية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي ودعواته المتكررة بالتخلي عن هذا النهج المقيت خشية أن يسبب مخاطر أعمق مما نحن عليها ، حيث جاء في بلاغ اللجنة المركزية في 26/5/2016 والذي ناشد فيه القائمين على العملية السياسية ( أن تدرك اﻷطراف جميعا مخاطر الوضع وإمكانية إنحداره الى ما هو أسوء ، ووجوب تجنيب شعبنا ووطننا الخيارات السيئة والخطرة وما يترتب عليها من العودة الى الوراء ) ، لو أخذ بتلك النداءات لما وصلت البلاد إلى ما عليه الآن من فساد وتخريب وفقر يضعهم أمام مسؤوليتهم عنه منذ تسلمهم السلطة بعد إسقاط الصنم الصفوف اﻷمامية للمسؤولية .
فهم من جير مردودات أسقاط الصنم لمصالحهم الذاتية والحزبية ، حتى أن الديمقراطية السياسية واﻹجتماعية والدستور الذي نص على حمايتهما ، وضعاه على بساط مسارهم اﻷحمر لتدوسها أقدامهم . وإعتبروا المظاهرات السلمية المطالبة باﻹصلاح فقاعات ، وفاتهم إدراك إمكانية تحول الضرب بيد من حديد الذي خول به رئيس الوزراء العبادي من يده ليد الجماهير ، بجهاديتهم الهادفة ﻹنقاذ الشعب والوطن من نهج المحاصصة المقيت ، والسير بالوطن نحو بناء الدولة المدنية التي هي فحسب من يشيع الديمقراطية و العدالة اﻹجتماعية . وأن تكون مجزرة الكرادة هي آخر أحزان الشعب العراقي
المجد لشهداء مجزرة الكرادة والصبر والسلوان لذوي الضحايا وهم يهتفون للعراق