المنبرالحر

القوانين تكتشف وتصاغ بشكل غير قابل للتأويل / د. علي الخالدي

ظلت نظرية إكتشاف قوانين الطبيعة الحقل الموحد لنظرية علمية مجردة ﻻ يفهمها إلا من تعمق في
قوانين الطبيعة وعلومها الكامنة التي ﻻ زال الكثير من قوانينها غير مكتشفة ، رغم التقدم العلمي والتكنولوجي ، الذي رافق تطور قوانين الحياة البشرية ، فالقوانين بصورة عامة إكتشفها اﻷنسان خلال وجوده على أرض البسيطة ، من واقع حاجات الناس لتسهل عليهم مواصلة حياتهم بسلاسة ودون متاعب إقتصادية وسياسية وإجتماعية . وصاغها بشكل سلس ومفهوم غير قابل للتأويل ، وقوانين الطبيعة بالذات غير محدوده ، منها المنظور والخفي على اﻹنسان ، ولوقتنا هذا ، هناك قوانين لم يتوصل الى إكتشافها .
فما يسير حولنا بشكل منتظم وبإنتظام ودقة ، هي قوانين تتعلق بحركة الطبيعة توضح بشكل منظور عملية النمو والتطور المتواصل في حاجات الناس ، والتوزيع العادل للثروة الوطنية بينهم ، وهي أذ تسير وفق نظام متقن ، ﻵصغر كائن حي من النبات والحيوان . من أصغر حشرة الى أكبر شجرة على وجه اﻵرض , وإذا ما أضيف لها قوانين سير الكواكب والمجرات في الفضاء ، لبدى لنا عظمة وقوة هذه القوانين ومن يقف خلفها ، فجعلها تسير وفق نظام محكم ، يستجيب لمتطلبات حياة الكائنات الحية على اﻵرض وربما على الكواكب اﻷخرى ، ومتماهية بشكل مستقر مع الحياة والعلاقات اﻹجتماعية بين الحيوان ( اﻹنسان من ضمنها) والنبات ، وما تقدمه الطبيعة لكليهما ﻵستدامة النمو والتطور ، وواقع هذه القوانين التي تنظم الحياة اﻷجتماعية وعلاقاتها مع أدوات الطبيعة المتغيرة بإستمرار . قد صيغت على أعمدة قائمة من المحبة والغفران والعطاء والتسامح ، وهي قوانين تحاول المجتمعات البشرية أن تتمسك بها ﻷجل أستدامة حياتها الطبيعية ،بصياغة قوانين بعيدة عن تدخل عنصر اﻷنا الكائن في الطبيعة البشرية ، الذي يقف دائما وراء خروجها عن قوائم أﻷعمدة المذكورة ، أو يحيدها عنن أحداها ، وبلك يشوه المعنى الحقيقي لتلك أﻷعمدة التي بها فحسب يستمد أي نظام قوته منها ، بصياغة قوانين من واقع اﻷعمدة اﻷربع ، وأي حياد عنها يعتبر تشويه لقيم الذكاء الكوني ، وخروج عن المألوف ، فاﻷنظمة الملكية والجمهورية ، كلما كانت قوانينها قريبة من تلك القيم كلما إستتب اﻷمن واﻹستقرار بين الفئات اﻹجتماعية ، كما يشاهد في بعض دول العالم ، بينما كلما أبتعدت بعض اﻷنظمة ومعظمها من دول العالم الثالث الذي يكون فيها مستوى الثقافة العامة والتعليم متدنية ، لذا تسهر اﻷنظمة قبل كل شيء الى مكافحة اﻷمية ونشر الثقافة ببناء المدارس وتطوير أساليب التعليم بما يطبق أعمدة وقواعد منطلقات ما تحتاجه تلك اﻷعمدة من تطبيق حي بما يلازم مسايرة قوانين الطبيعة
إحتكار العطاء لفئة معينة دون أخذ توفير حاجات الناس هو بحد ذاته خروج عن المألوف ، ويقف بالتضاد مع الرسالات السماوية ، وأي تحرف أو إدخال تشوهات على إكتشافات قوانين حركة الطبيعة ، إن على المستوى اﻹقتصادي واﻹجتماعي والسياسي ، يعتبر من باب اﻹجتهاد الفردي أو الجمعي ، وهو بالضرورة يؤدي الى إنفلات العلاقة بين القوانين ، وخاصة عند غياب السلطة ومؤسساتها ، التي تشرف على تطبيق القوانين المصاغة من وحي قوانين الطبيعة . سيفقد روحية مفعول هذه القوانين ، فأغلب قادة اﻷنظمة السياسية تلك ، وجد فيهم توفر مستلزمات إضطرابات نفسية ، في مقدمتها عدم الثقة بالنفس وباﻵخر وبأشكال متعددة ، ( ليس هنا مجال الخوض بها )، فالعقل السياسي المدير لتلك اﻷنظمة كما يشهد التاريخ ، يصروا على حرف مسار تطبيق القوانين المكتشفة عن سكتها الحقيقية بقوانين من بنات أفكارهم ،مستقاة من وحي ساور العديد منهم ، تجيء به قريحتهم ، بدليل أنه عندما يستحوذوا على مقاليد الحكم ، يتحولوا الى أعضاء منتدى مطلقي الصلاحيات على الحق والباطل ، فيصيغوا قوانين من شأنها إحداث نفخ مفتعل في مسؤولياتهم المتعارف عليها من قبل أبسط الناس ، يبيح التنافس فيما بينهم ، فيفقدوا هيبتهم ، ويمعنوا بتحريف القوانين ويفسروا أو يقفزوا فوق الدستور الذي ينظم تطبيق قوانين المحبة والغفران والتسامح والعطاء ، مما يدل على أن عقول أغلبيتهم يسيطر عليها نوع شديد وغير منطقي كالشك المستديم وعدم الثقة بالمستقبل ، ونزعة دائمية تفسر بروز أعراض أضطرابات نفسية يحركها التخوف من إنتزاع الكرسي من تحت وركهم , لذا أكثر اﻷنظمة التي تسهر على تطبيق حقيقي لقوانين الطبيعة ، تراقب نفسية قادتها ، وقد يتطلب عرض ذلك على أﻷطباء ﻷخذ مشورة في إمكانية مواصلة عملهم بمسؤولية .
إن أقرب نظام يتبنى قوانين الطبيعة هو النظام اﻹشتراكي الذي راح ضحية القائمين عليه ، الذين وجدوا بالتأميم التقرب أكثر للقوانين الطبيعة ، غير مدركين الى أن مجمل عملياتهم خلقت راسمالية دولة لم تأخذ بنظر اﻹعتبار مآرب الفئات اﻹجتماعية التي كانت تجبر علاى تفهم أن الديمقراطية تأتي من دكتاتورية البروليتاريا ، مبتعدين عن التطبيق الحي لما إكتشفه ماركس وإنجلز من قوانين أجتماعية مرتبطة ومنسلخة من القوانين الطبيعية ، وليومنا هذا جرب الكثير من الشعوب معظم اﻷنظمة السياسية ، ولم يحن الوقت لتجربة نظام الدولة المدنية الديمقراطية الذي يبنى على صيغ مستمدة من قوانين الطبيعة المتماهية مع متطلبات الحياة الطبيعة وقوانينها الوضعية ، وهذا ما سنتطرق له ﻻحقا