المنبرالحر

الدولة المدنية الديمقراطية من ينقذ العراق من التقسيم/ د. علي الخالدي

في مقالة سابقة ذكرت أن القوانين تكتشف ، و تصاغ بشكل سلس ومفهوم يتجاوب مع مصالح الجماهير ، وغير قابل للتأويل . وإن المطالبة ، وبذل جهود جمعية لتطبيقها بشكلها الصحيح ، ﻻتُفقد اﻷنسان لقيوده ، التي كبلتها به اﻷنظمة غير الديمقراطية ، بعيدا عن قوانين الطبيعة القائمة على المحبة والعطاء والغفران والتسامح .
ومن تلك المنطلقات وباﻹرتباط مع تجربة المطالبين بالتغيير واﻹصلاح ، وجد المتظاهرون ان أنسب مطلب يعلو على التغيير واﻹصلاح ، هو عدم التهاون مع متبني نهج المحاصصة الطائفية واﻹثنية ، والدعوة لكنسهم من مواقعهم في الدولة التي ربطوا دستورها بمواد بعيدة عن قوانين الطبيعة ، والتوجه نحو توحيد الجهود من أجل بناء دولة المؤسسات القانونية بشكل ديمقراطي ، بإعتبارها السبيل الوحيد لكشف عوراتهم وفشلهم في إدارة شؤون البلاد ، والذي سيوصل المواطن الى نيل حقوقه في التمتع بالحياة الحرة الكريمة ، إذ بقاءهم على مواقع القرار، سيتواصل إفقارالشعب ، واﻹصرار على مواصلة نهجهم الطائفي المقيت ، وتجاهل مطاليب الجماهير باﻹصلاح والتغيير الذي أبتداء بتوفير الماء الصالح للشرب والكهرباء التي كانت سببا رئيسيا وراء تظاهرها ، لما يقارب من عام ، ومع هذا لم تزل الكهرباء تزور المواطن لبضعة دقائق في بعض المناطق ، وأن تكرموا عليه بها ، فتأتيه بضغط عالي ، يسبب حدوث تماس كهربائي ، في توصيلات عنكبوتية متهرئة دون صيانة ورقابة ، وخاصة ، عندما يريدوا أخفاء ملفات الفساد والسحت الحرام ، من الدوائر الحكومية .
لكن حدوث هذا التماس في قسم اﻷطفال الخدج ظاهرة لم يذكرها تاريخ الطب وﻻ المستشفيات ، حيث أدى الى حريق فحم أجساد 12 طفلا خديج ، في مستشفى اليرموك التعليمي ، مما أثار غضب وإستياء ملائكة السماء، ناهيك عن الجماهير التي لم يكن أمامها خيار ﻻ مناص منه سوى تصعيد مطاليبها ، باقامة الدولة المدنية الديمقراطية كطريق ﻷنقاذ الوطن من المحنة التي وضعوه فيها ، والتخلص كليا من مواصلة تعميق غياب الحياة الحرة الكريمة ، وإستغلال اﻹنسان العراقي أبشع أستغلال بإسم الدين والقومية ، خاصة بعد تبيان المُتَسَتر عليه ، بما فجره وزير أهم وزارة سيادية لجزء من أكياس القيح التي تكونت في الجسد العراقي ، نتيجة فشل وفساد اﻷغلبية العظمى من المتربعين على مواقع القرار طيلة ما يزيد عن 13 عاما ، ، لصد التحول الكبير الذي سيحدثه التغيير واﻹصلاح المنشود ، والذي خاب أمل الجماهير من تحقيقه على أيديهم ، سيما وإنهم يصروا على مواصلة نهجهم المحاصصاتي المقيت ، في توزيع المناصب ، والذي به استطاعوا تغييب شروط توفير الكفاءة والدراية في الشخص المناسب لهم للمكان المناسب في دوائر و مؤسسات الدولة . مكتفين بتوفر التزلف والوﻻء لرؤساء الكتل ، والتفنن ببهرجه الشعارات المذهبية ، حتى أن البعض منهم قد زور شهادته ، ومع هذا عشعش في أجهزة الدولة وهو شبه أمي ، يضمر العداء للتغيير واﻹصلاح تحاشيا ﻹكتشاف أمره ، فسارع مع الطابور الخامس ،على تحويل الوطن لساحة تراكمت فيها ما خلقوه من مآسي ومنغصات ، وكأن ثقل ما ورث من الدكتاتورية قادرة الجماهير على تحمله أعباءه ، فزادوه معانات بإفقاره ،وبحرف العملية السياسية التي أمنهم عليها شعبنا بغفلة منه عن سكتها الحقيقية ، وتركوها تحتظر دون وضعها على سرير اﻹنعاش ، مغيبين عنها كل ما أقترحه حاملي الهم العراقي من وسائل إنعاش ﻹنقاذها من موتها السريري ، بينما وسائل إستعمال القوة المفرطة في قمع التظاهرات المطالبة باﻹصلاح ومحاربة الفساد ، حاضرة بقوة في الشارع ، ومغيبة عن التصدي لسرقة المال العام والرشوة التي تحولت لروتين في مؤسسات الدولة وخاصة الخدمية منها
لقد دعمت الجماهير مطاليبها بالدولة المدنية الديمقراطية ، بمبررات تهدف بمجملها تحقيق الوحدة الوطنية ، التي تجتمع تحت ظلها كل أهداف مكوناته التي أطروها في أطار الدولة المدنية الديمقراطية ، التي تأتي بالعدالة اﻹجتماعية ، وبدولة المؤسسات القانونية ، دولة الضمان اﻹجتماعي والصحي والتعليمي ، دولة تخدم اﻹنسان وتصون كرامتهة ، دولة تحمي مكونات شعبها من التحندق والتقوقع الطائفي ، وترسخ مفاهيم الديمقراطية والعدالة اﻹجتماعية ، هذا اﻹطار الذي تسعى اليه الجماهير، يتطلب نضال تراكمي متواصل من المتظاهرين لنسف جسور حكومة المحاصصة ، وإقامة الدولة المدنية الديمقراطية ، ﻻ بإعتبارها العلاج الشافي ﻵمراض العراق المزمنة والحادة ، بل ستكون الدولة القادرة على إكسابه كيان جغرافي متماسك ، وممتنع عن التقسيم