المنبرالحر

ﻻ يملكون في قلوبهم محبة للعراق / د. علي الخالدي

لقد غيب الطائفيون حقوق اﻷنسان العراقي وابقوها راسية على مراسي شواطيء وعرة، مهددة بأمواج الحقد والكراهية والثأر واﻹنتقام الدفينة منذ قرون في ذاكرة هذا المذهب وذاك ، زارعة الخوف في نفوس الناس . وليومنا هذا لم تُكتشف حقيقة من يقف وراء ذلك ، حيث يستمر إنعاش ظروفها بعيدا عن قوانين الطبيعة القائمة على قيم المحبة والعطاء والتسامح والغفران ، للحيلولة دون تحقيق تحرر اﻹنسان من اﻹستغلال ودون نشر قيم العدالة اﻹجتماعية ، التي قُدمت الدماء والتضحيات من أجل نصرتها على مر العصور ، ومنها ما قدمته مكونات شعبنا العراقي ، حيث أرخصت العطاء والفداء في سبيلها ، منذ نشوء الدولة العراقية . ومما زاد من خيبة عطائه وإستدامة فرحته ، القوى السياسية التي سُلمت لها مواقع القرار في العملية السياسية بعد إسقاط الصنم ، خاصة بعد تبنيها النهج الطائفي واﻹثني المقيت ، والتي قامت بشكل متعمد الى تغييب ، ما كان يعتقده الناس ، من أنها ستعيد للوطن نسائم ثورة تموز المجيدة . ويشم الشعب نسائمها من جديد . ومع هذا ﻻ زال الجيل الذي عايش الثورة ، تواق لتحسس جزء من مآثرها التي فرضتها على ذاكرته منجزاتها الوطنية ، التي بفعلها نقل العراق رغم شحة مصادره المالية آنذاك ، الى مواقع متقدمة في التقدم العلمي والتحضر واﻹخاء الوطني في المنطقة والعالم ، ذلك أن قلوب قادتها كانت مفعمة بمحبة العراق ، ولم يستبعدوا محاولة قيام مجتمع جديد مستند الى الكفاية والعدالة ، و فرص مادية للممارسة الديمقراطية . لكن قوى الطابور الخامس ، ومن ﻻ يملك محبة العراق ، الذين بقوا معشعشين في أجهزة الدولة ، شحذوا همتهم التي إستصغرها قادة الثورة ، وبدأت تعمل على كل ما من شأنه اﻹطاحة بالثورة وبمكتسباتها ، كما تحاول حاليا بوضع العصا في عجلة التغيير لتضييع المكاسب الوطنية ، وتحرير اﻷرض التي سلمت لداعش ، ومعها يغيبوا ثقافة إحترام حقوق اﻹنسان التي نص عليها الدستور ، أو تبقى مخنوقة .
كل ما تخشاه الجماهير الشعبية أن نفوذ الطابور الخامس ومعهم من ﻻ يملك محبة العراق ﻻ زالوا فعالين كما تشير اﻷحداث في أجهزة الدولة ، وهم من يقف وراء عرقلة التغيير واﻹصلاح ، وخلق المعوقات والصعوبات أمام كل من يسعى للقضاء على روح الكراهية والثأر واﻹنتقام ، التي زرعها نهجهم الطائفي اﻹثني ، مستغلين الديمقراطية الهشة ، في أجواء إثارة الرعب وفقدان اﻷمان بين الناس ، على شكل تفجيرات يومية هنا وهناك ، ولم يكتفوا بذلك بل إبتكروا طرقا جديدة ﻹثارة الرعب بين الناس ، يكمن في طياتها الحقد الدفين على كل شيء يمت للعراق بصلة ، شملت التعرض لحياة اﻹطفال الخدج ، بإفتعال الحرائق في مؤسسات الدولة واﻷسواق ، وليس آخرها حريق قسم الوﻻدة بمستشفى اليرموك التعليمي الذي فحم أجساد 12 طفلا خديج ، وحُملت مسؤوليته كالمعتاد على تماس كهربائي . وهكذا إعتادوا تمويه خططهم في ترويع الناس من جهة ، وتغييب ملفات فسادهم المنتشر في دوائر الدولة من جهة ثانية ، بالرغم من أن اللجنة التحقيقية الخاصة توصلت الى أن الحريق تم بفعل فاعل ، ومع هذا عم الصمت والسكوت المؤسسات المسؤولة ، وتم تناسي هذه المجزرة ، ليمضوا قدما بهدوء لمواصلة مسرحية النهج الطائفي المقيت ، ليصبح التخندق الطائفي والكراهية سيد العملية السياسية
لقد ذكرني تفحم اﻷطفال الخدج ، بنشاط الخلايا اﻹسلامية النائمة في ليبيا ، عندما برر أحد أعضائها معارضة إقتراحي القائم على ضرورة النهوض بتوفير أجراءات وقائية من الحرائق والحوادث اﻷخرى التي تُعرض حياة اﻷطفال الخدج للخطر في قسم العناية الفائقة لمستشفى صلاح الدين التعليمي بطرابلس ، المبنية أقسامها من الجبس كارتون ، والمكيفة أقسامه ، ذكرني إحتجاج أحد أفرادها اﻷطباء الملتحين والساهرين على أداء فرائض اﻹسلام بأوقاتها ، قائلا ، ومن اين تأتي الجنة بعصافيرها إذا قمنا بإنقاذ حياة كل طفل . لكن محبي بلدهم سرعان ما أوصلوا أقتراحي الى الجيش ، وقام مشكورا بتزويدنا بمعاطف ، تحوي على عدة جيوب يوضع فيها اﻷطفال لينقلوا الى مكان آمن ، ومثل هذه اﻷمور واﻹجراءات الصبيانية ، تفرض تواجدها في ذهن من يشرع بتأسيس قسم العناية الفائقة للأطفال وحديثي الوﻻدة قبل إفتتاح القسم ، لكن يبدو أنه ﻻ زال في بين صفوف المعنين في بلدنا من ﻻ يكن الحب للعراق ، ويعمل على ترويع الناس لتبقى عمليات تزويد المقابر بالجثث مستمرة
لقد حان الوقت ليستشعر الناس الحاجة الملحة لكنس من ﻻ يملك في قلبه محبة للعراق من مواقع القرار ، وكل من يعيق المطالبة بحقوقها المهضومة ، والتمتع بالحياة الحرة الكريمة ، التي توفرها ثروة الوطن النفطية والمائية ( دجلة والفرات) . اللتان فيما لو أستغلت في أجواء عدالة الدولة المدنية الديمقراطية ، لخرج العراق من ما هو عليه من مآسي وويلات ولتمتع شعبه بالحياة الحرة الكريمة