- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الإثنين, 19 أيلول/سبتمبر 2016 20:41
معارك تحرير المدن العراقية من داعش مرحلة مهمة نعيشها الآن ولا سيما بعد تحرير القيارة والرطبة والرمادي والفلوجة وصولا الى المعركة الكبرى لتحرير الموصل. وبالتأكيد ان القوات الامنية في السنوات الماضية تمكنت من تحرير مدن وقصبات عديدة بتضحيات كبيرة لكن الامر لم يكن بالشكل الذي نطمح اليه، حيث عاد الارهاب ليحتل هذه المدن ثانيةً بطرق مختلفة مما حملنا كعراقيين خسائر بشرية ومادية كبيرة.
لذا فان علينا ان نضع ستراتيجية ما بعد تحرير المدن، التي يجب ان تقوم على مبادئ واسس قوية اولها المصالحة الوطنية ومنح الثقة لابناء المناطق المحررة لادارة شؤون مدنهم اولا، وثانيا وهو الاهم ان تكون هذه الثقة متبادلة بين ابناء المناطق المحررة والقوات المسلحة. هذه القوات التي بالتأكيد ستظل هناك فترة غير محدودة بحكم العمليات العسكرية وعمليات التطهير وحماية المدن من فلول داعش التي لا تستسلم بسهولة كما ستظل هناك جيوب وخلايا نائمة تحاول بين الحين والآخر القيام ببعض العمليات الارهابية من اجل زعزعة الاستقرار.
وهذا يتطلب ان ينظر كل طرف إلى الآخر بايجابية بعيدا عن ترسبات الماضي التي كان من نتائجها احتلال داعش لتلك المدن بالشكل الذي شاهدناه في السنوات الماضية.
والجانب الآخر يتمثل في وجود مشروع وطني حقيقي وليس مجرد شعارات، في اطار مصالحة وطنية حقيقية تستند على وحدة العراق ارضا وشعبا، وتغلق الابواب امام اي تدخلات خارجية تحاول استقطاب هذا الطرف او ذاك على حساب وحدتنا كشعب ظل متعايشاً آلاف السنين. وان لا ندع (شيوخ الفتنة) من المتربصين بنا والذين كانوا سببا رئيسيا في وجود الارهاب بصورة عامة وتنظيم داعش بشكل خاص، ولا نستمع لصراخهم وعويلهم من فنادقهم ذات النجوم العديدة. وان على ابناء المناطق والمدن المحررة ان يكونوا الآن اكثر وعياً وان لا يسمحوا لتجار الحروب والازمات ان يتلاعبوا بمصيرهم مرة ثانية.
ومن خلال تجاربنا الطويلة نجد اثناء وبعد كل معركة مصيرية وانتصارات لجيشنا الباسل ترتفع اصوات نشاز تحاول التقليل من قيمة الانتصارات المتحققة بشتى الطرق وبأي ثمن كان، على حساب مستقبلنا ووحدتنا. والجانب المهم الآخر هو ان تركز الحكومة والجهات الدينية والمنظمات الدولية جهودها لاعمار ما يمكن اعماره في هذه المرحلة في المدن المحررة، من اجل تأمين عودة النازحين إلى مدنهم وتحفيز دول العالم المختلفة على المساعدة في اعادة الاعمار خاصة وان العودة تمثل اولوية لسكان هذه المدن الذين عانوا الكثير في السنين الماضية، وبالشكل الذي يؤمن ديمومة الحياة في هذه المدن العائدة الى احضان الوطن.
ان تحقيق هذا المشروع الوطني ليس مسؤولية الحكومة فقط، بل هو مسؤولية مشتركة بين الجميع سواء كانوا قوى سياسية او دينية او شيوخ عشائر ومنظمات مجتمع مدني عراقية او دولية.
فعلى الجميع ان يشارك في بناء مدننا العراقية العزيزة من جديد وفق مبادئ حب الوطن.