المنبرالحر

لماذا تتجاهل الحكومة ما تنشره الصحافة؟ / ابراهيم المشهداني

يعرف الكل الوظيفة التقييمية لدور الصحافة في التعامل مع الخطاب السياسي لأي بلد والكل يعرف ان الصحافة عبر سيرورة شاقة تحولت بحكم هذه الوظيفة الى سلطة رابعة لا يمكن تجاهل دورها في اصلاح الانحرافات التي يمكن ان تلازم هذا الخطاب في بلد ما والكل يعرف ان الصحافة بحكم وظيفتها تمارس دور رقابي وفي وضح النهار دون مواربة او تردد.ولكن ليس الكل يقرأ ويتابع كل ما تنشره الصحافة ولا الكل يعرف المخاطر التي يتعرض لها الصحافي وهو يؤدى واجبة في ساحات الحروب وميادين الصراع المجتمعي ، فآلاف الصحافيين قضوا نحبهم في هذه السوح ،لكونهم يحملون رسالة ارتض لانف?هم ان يحتملوا نتائجها دون غيرهم من عامة الناس وكما هو حال الصحافيين في العالم ففي العراق تحمل الصحافيون مثل هذه المخاطر ان لم يكن اكثر اذا استعرضنا التاريخ الصعب الذي مر به العراق في النصف الثاني من القرن الماضي وما يزال.
وبعد، اذا كان الصحافي في العراق يحمل كل هذه المتاعب والمخاطر فهل يحق للسلطة الحاكمة ان تتجاهل هذا الدور. وهل تتفهم قبل هذا وذاك رسالة الصحافة في عملية البناء السياسي والاجتماعي وإذا كانت حقا تتفهم هذا الدور، فلماذا تدير ظهرها لكل ما يكتب في الصحافة وكأنها لا تسمع ولا ترى من منطلق الشك وعدم الثقة بل انها كما اثبتت الوقائع تفسر ما يكتب عن اخطائها بكونه موقفاً معادياً يتعين عليها عدم الاكتراث بما يكتب وأحيانا تصعد من مواقفها على نحو اتخاذ اجراءات تمنع الصحافة من التغطية الميدانية للحوادث المأساوية التي يتعرض ?ها العراقيون من الاعمال الارهابية اليومية .او تغطية المظاهرات السلمية التي يقوم بها الشباب لطرح مطالب او رفع شعارات سلمية ضمن اطار مشروع للإصلاح السياسي وهل تظن الحكومة انها بمناى عن ارتكاب خطأ هنا وخطأ هناك؟ وهي امور كثيرا ما تقع حتى في البلدان الديمقراطية ولكن حكوماتها تدرك ان العاملين في اجهزتها لا يتسمون بالكمال فيرتكبون اخطاء لم يقصدوها وقد يقصدونها بالفعل، وهنا يأتي دور الصحافة للتنبيه خاصة عندما تنتج هذه الاخطاء اثارا تلحق الضرر بمصالح المواطنين وبدلا ان تؤنب الصحافة تثمنها ولهذا سنت القوانين التي?تحمي الصحافة والصحفيين من جور البيروقراطيين وتفتح امامهم كافة المصادر التي توفر لهم المعلومة التي تساعدهم في كشف الحقيقة .وتماشيا مع هذه القوانين شرعت الدولة العراقية قانون حقوق الصحفيين وهي خطوة ايجابية رغم نواقصه وكانت الاسباب الموجبة لهذا القانون (احتراما لحرية الصحافة والتعبير وضمانا لحقوق الصحفيين وورثتهم وتوكيدا لدورهم الهام في ترسيخ الديمقراطية في العراق الجديد ) .ولكن بمقارنة هذا النص مع ما يجري على الارض نجد العكس فلا يأبه المسؤولون بما تكتبه الصحافة ولا يكلفون انفسهم عناء الرد من اجل اظهار الحقيق? للناس مما يجعلون انفسهم في موضع الاتهام او التغطية على عمليات معولية تهدم البنى المجتمعية مثل الفساد التي يضرب اطنابه في كافة مفاصل الدولة ويساهم في خلق ارضيته لتنامي الارهاب، وإذا كانت هناك صحافة صفراء مفترضة تعمل بنظرية المؤامرة كما تصفها الحكومة او الناطقون باسمها فان هناك صحفا لها تاريخها الناصع في مقاومة الديكتاتورية والنظم السياسية الرجعية واليوم تحمل ذات الرسالة في الدفاع عن مصالح الشعب وسيادة البلد واستقلاله بعيدا عن نهج هيمنة وتدخلا الدول خارجية ليكون لها دور في القرار العراقي. ولا اجافي الحقيق? اذا قلت ان النظام السياسي في العراق وهو ينحت في الصخر خلال السنوات العشر بعد التغيير السياسي انتج طبقة سياسية نافذة تلعب دورا كبيرا في التسلط على رقاب الناس وتسعى بشكل محموم في الهيمنة على ثروة البلد وإعادة توزيعها عن طريق الموازنات السنوية ونظام العقود وضعف الرقابة والاداء السيئ لموظفين وجهاز بيروقراطي اعد لتحقيق هذه الاهداف. فماذا تفعل الصحافة الحرة؟ هل تتخلى عن رسالتها التنويرية في فضح هذه الطبقة ومشاريعها؟ وهل من الصحيح ان تتجاهل الحكومة المنتخبة للدفاع عن مصالح الناس الاساسية كل الناس عن عمد ما تنشر? هذه الصحافة كما هو حاصل؟ ام ان عليها ان تترصد اية معلومة تتعلق بتدمير البلاد والعباد تنشرها هذه الصحافة لكي تتخذ الاجراءات الدستورية والقانونية في مواجهة هذا الاخطبوط الذي اوصل مصير العملية السياسية الى الهاوية ؟