المنبرالحر

ماذا تريد الملايين المتمردة والغاضبة ..في تظاهراتها ؟ / صادق محمد عبد الكريم الدبش

عندما أشهاد ما يتم عرضه على شاشات التلفاز يوميا تقريبا ، من مشاهد الأحتجاجات والأعتصامات هنا وهناك ، وما نراه من تظاهرات ، تعطينا صور واضحة ، وتؤشر بأن الوضع العام وفي نواحيه المختلفة ( السياسية على وجه الخصوص ..والأقتصادية المتدهورة وبشكل خطير ..وأجتماعيا وما يعانيه المجتمع من أمراض وعلل ، وما ينتابه من شروخ وأنقسامات وتشرذم في مناحيه الفكرية والأخلاقية والطائفية والعرقية والمناطقية ، وما تعانيه الشخصية العراقية من أمراض نفسية ، والذي يؤدي بدوره للخروج عن القواعد العامة للسلوك الطبيعي الأنساني ، وهو ناتج عن هذه التراكمات ولأهوال والعقد والحروب ، وعدم الأستقرار السياسي والأمني والعلل التي أنتابت المجتمع العراقي خلال العقود الأربعة الماضية).
بالرغم من كل الذي حدث لشعبنا ، لكنه ما زال متشبثا بالأمل ، وينتظر الأنفراج وبزوغ الضوء في أخر النفق ، أن شعبنا يستحق الأعجاب والفخر لصبره وأناته وتعلقه وتشبثه بالحياة ، في سبيل الخروج من أزمته نحو شاطئ السلام والأمن والتقدم والرخاء.
فأقول حي الله شعبنا ...حي الله من يهتف للحياة ..للدولة المدنية ..للقضاء على الفساد والمفسدين ..الذي يسعى لحث الحكومة بتوفير الخدمات ، وأيجاد عمل للعاطلين ..ولعودة النازحين وأنتشالهم من وضعهم الكارثي ...وشعبنا خرج وهو يهتف ومنذ ما يربو على العامين وبصوت عال !!..نعم للأمن والأمان ...نعم لأصلاح القضاء ...نعم لوحدة المؤسسة الأمنية والعسكرية وأعادة بنائهما على أساس مهني ووطني ونزيه ..نعم لحصر السلاح بيد الدولة ؟..ولا سلاح خارجها أبدا ...لا للميليشيات اللاغية للدولة ومؤسساتها ، نعم للعدل والحق والقانون ...نعم للسلم المجتمعي والتسامح والتعايش بين أبناء شعبنا بكل مكوناتهم وأطيافهم وأديانهم وتوجهاتهم الفكرية والسياسية والحزبية ... نعم لدولة المواطنة ..لا للتدخل السافر من قبل الدول الأقليمية والعربية والدولية والذي ألحق أفدح الخسائر بشعبنا وبتماسك نسيجه الأجتماعي ...نعم لأحترام سيادة العراق ووحدته الجغرافية والسياسية ..نعم للقضاء على الأرهاب والأرهابيين بكل أشكالهم ومسمياتهم ...نعم للوسطية والتعايش ومن دون غلو ولا تطرف ، ومن دون ألغاء ولا تهميش ، ومن دون أستعلاء ولا عنصرية ، ومن دون حقد ولا كراهية ..نعم للرخاء والنماء والعمل لبناء الأنسان والأوطان ... نعم للتعلم والتعليم وتطويره ولوطنيته ، ومن دون أمية وجهل وتغييب للوعي وتجهيل المجتمع ..نعم للمواكبة واللحاق بركب الحضارة الأنسانية ...نعم لأشاعة ثقافة حقوق الأنسان وخاصة المرأة وعدم تهميشها وطمسها وألغائها مثل ما يحدث اليوم في عراق اليوم ...نعم لحق الأنسان بالحياة ...وحقه بالتفكير والأختيار الحر، وحقه بالعمل والتعلم ..وبحقه بأختيار الفلسفة والفكر والتوجه والأنحياز للذي يؤمن به ووفق القانون والدستور واللوائح العالمية لحقوق الأنسان وما أقرتها التشريعات العالمية بهذا الخصوص ... نعم للديمقراطية والتقدم وتعميق مفاهيم القانون والدستور وأحترامهما ...نعم لأستقلال السلطات عن بعضها ( التنفيذية والقضائية ..والتشريعية ) ...لا للظلام ..لا للتخلف .. لا للأفكار اللاغية للعقل والتفكير ...ولا للفكر الواحد والحزب الواحد ..لا للقائد الرمز والأوحد ..لا للتفرد ..نعم للأبداع والتفكر والتفكير وللحرية والسلام وللعمل الجماعي لبناء المجتمع على أسس سليمة وصحيحة تتماشى مع حركة الحياة وليس ضدها ...نعم لفصل الدين عن السياسة وعن الدولة ..فالدين هو خيار وأيمان فردي وشخصي بحت ، وهي علاقة الفرد بخالقه ، تخصه وحده ..ولا أحد سواه ، وله الحرية المطلقة في ذلك ، وله الحق في ممارستها بشرط أن لا تؤثر على حريات الأخرين وتنتقص من حقوقهم وضمن اللوائح والقوانين النافذة والتي يجب أن لا تخالف القوانين والأعراف والحقوق التي شرعتها ووافقت عليها المنظمات الدولية المختلفة ...نعم للحرية الفردية ..نعم للحرية المجتمعية وعدم تعارضهما مع بعضهما ووفق اللوائح المقرة دوليا ...نعم للتعايش بين جميع بني البشر ..نعم لأنسنة مجتمعنا وقيمنا وأخلاقنا وأعرافنا وقوانيننا ...هذه هي مطالب شعبنا في عملية أعادة بناء الدولة والمجتمع معا ..وهي مطالب مشروعة ، فماذا قدمت الحكومات السابقة والحالية من هذه التطلعات غير الوعود والكذب الفاضح والدجل والتسويف !!؟؟ ... نعم لهذه التطلعات وحدها يمكن أن يتم بناء الدولة ، ومن خلالها فقط تتحقق أماني وتطلعات شعبنا وأماله في الحياة الكريمة ، وعلى الحكومة أن أن تكف عن التسويف والمماطلة والكذب ، وتعمل على تحقيق هذه التطلعات ومن دون مراوغة ومخاتلة، والضحك على الشعب ، لكسب الوقت ، والمحاولات المحمومة لتسويف التظاهرات ، أو التقليل من شئنها ومحاربتها والتعرض لرموزها ولقياداتها الميدانية ، فأن كل هذه الأحابيل لن تخرج النظام السياسي من مأزقه الذي يعيشه منذ سنوات ...وهذه الأساليب والحيل سوف لن تنجح في ثني شعبنا من مواصلة نضاله ومطالبته في أعادة بناء الدولة والمجتمع وعلى الأسس التي ذكرناها.