المنبرالحر

هل من أمل في إيقاف مسلسل إستهداف مسيحي الشرق / د. علي الخالدي

لقد عانى مسيحيو الشرق اﻵوسط ومنتمو الديانة غير المسلمة اﻷمرين من أﻷنظمة اﻹسلامية ، سعيا وراء تطبيق تعاليم إسلامية ، تهدف كما يقولون تنظيف بلدانهم من تواجد أية ديانة غير مسلمة فخططت لجعل منهم كيانات ضعيفة بإبعادهم عن الحكم و إدارة شؤون البلد في بعض اﻷقطار ، ومستهدفين أكثر من غيرهم . ومع هذا ﻻ زال البعض صامدا في العديد منها ، بالرغم من هضم حقوقهم ، وفي أكثرها ﻻ يُنتخبون بل يتم تعينهم ، مدللين بذلك على أنهم ﻻ يتمتعون بأية حقوق مدنية مكتسبة بالحد اﻷدنى ، لذلك نرى هذه المكونات العرقية هي من تدفع الثمن في ظل غياب أي دعم معنوي ومادي لمسيحي المشرق من الغرب الذي يقدم المساعدة للشعوب وﻻ يهمه فيما إذا استلم المسيحي شيئا من هذه المساعدات ، فهو معني بمصالحه اﻵنية ، من هنا ﻻ يمكن أﻹعتماد على الغرب ، فمثلا عرفت أمريكا أن مسيحي العراق لم يستفادوا من المساعدة التي قدمت للمكون المسيحي ، حيث صرفت لجهات ليس في حاجة اليها، دون أن تحرك ساكنا، لكون المسيحيين لم يضعوا أنفسهم في مواقع يكون الغرب بحاجة اليهم فيها سياسيا ولوجستيا ، ومن هذا المنطلق بقي المسيحي منفردا يعاني مآثم إستهدافه ، بينما قدمت أمريكا مساعدات للإخوان في مصر وتآمرت مع القوى اﻹسلامية والرجعية للتصدي لأي حراك تقدمي متحضر في المنطقة ، ولم يشهد التاريخ عداء أمريكيا مع اﻷحزاب اﻹسلامية ، بل رأينا كيف ساهمت أمريكا في صناعة القاعدة و داعش ، وروجت بل ساعدت في نشر الطائفية في العراق، بحيث تم السكوت عن مهووس طائفي واصفا مهمة تشكيل الحشد الشعبي هو اﻹنتقام من أنصار بني معاوية حتى ينفردوا بنهب خيرات بلدان المنطقة.
في مصر ساعدت أمريكا اﻷخوان المسلمين ودعمتهم ماديا ولوجستيا ، وقبل ذلك ساهمت وأياهم في إجهاض حكومة مصدق في إيران وثورة الفقراء في العراق الوطنيتين، فإشتد عود اﻷحزاب اﻹسلامية ففي مصر مكنت حكم مرسي اﻹخواني من السيطرة على التحرك الشعبي الذي أستغل عهده في التخطيط ﻹرهاب اﻷقباط والهجوم على كنائسهم ، ووضع شتى العراقيل لمواصلة شعائرهم الدينية كان آخرها الحادث اﻹجرامي الذي إستهدف الكتدرائية القبطية المرقسية في القاهرة وراح ضحيته ٣٢ من النساء واﻷطفال وهم يؤدون صلاتهم مبتهلين الى الله أن يحفظ مصر ، معتبرين هذا العمل اﻹجرامي خدمة لله .لقد سجل مدعي الإسلام إنتصارا يقع ضمن الصحوة اﻹسلامية في يوم اﻹحتفال بالمولد النيوي ، هذه المرة كانت غزوة في قلب القاهرة ، وقد سبقها في العراق هجومهم على كنيسة سيدة النجاة ، وفي سوريا على كنائس حمص والمعلا وحلب ، وفي كل الحالات التي يُستهدف فيها المسيحيون ويُقال عنها بأنها أعمال تتناقض مع اﻹسلام ، لكنه لا يُسمع صوت المرجعيات الدينية للطوائف اﻹسلامية الذي يكفر القائمين بهذه اﻷعمال اﻹرهابية التي تنهض بها القاعدة والنصرة وداعش وحماس ، في وقت يصرح شيخ اﻷزهر بأنه ﻻ يحبذ إطلاق مصطلح الكفر على من نطق بالشهادتين، وهكذا هو شأن بقية المرجعيات اﻹسلامية ، وينفرد شيوخ السعودية وقطر بدعم إﻹرهاب بفتاوي مسمومة علنًاًٍ، ويعملون على غسل أدمغة الشباب وحثهم على اﻹلتحاق باﻹرهابيين في سوريا والعراق ، ويتكفلون بتغطية نفقات وتسليح هذه المنظمات اﻹرهابية على حساب تطوير وتحضر شعوبهم ، ذلك لأن ثقافة التطرف اﻹسلامي مبنية على العنف والقتل واﻹنتقام ، فكيف يريد البعض أن يدمج ثقافة المسلم مع ثقافة الغربي التي تأسست على مباديء الحب والتسامح.
في اﻵونة اﻷخيرة صدرت قوانين غير ديمقراطية ومخلة باﻷمن الداخلي وبروحية المواطنة العراقية ومعرقلة لشروط العدالة اﻹجتماعية والنزاهة ناهيك عن الديمقراطية ، منها قانون اﻷحزاب إضافة الى تواجد قانون اﻹنتخابات المشوه وصدور قانون العشائر وبيع وتناول الخمور. فبحجة محاربة الخمور تحرض القوى الظلامية اﻹسلامية على تأجيج العنف ضد المسيحيين ، فتدمر حوانيت بائعي الخمور من المسيحيين واﻷيزيديين الذين حمى حقوقهم الدستور ، فمؤخرا قتل سبعة وجرح واحد ، مما يدل أن هذا اﻷمر ليس له مغزى سوى مواصلة مسلسل أستهداف المسيحيين وتبريرات يستحدثها مجلس النواب وسياسي الصدفة ، مما يؤكد حقيقة أنه على مر العصور ، وخاصة بعد إسقاط الصنم أضحى المسيحيون وقودا لحقد إرهابي الجماعات المسلحة في العاصمة بغداد وهي متبرقعة برداء اﻷمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لزرع الخوف بأمن ما تبقى ﻹجبارهم على الهجرة القسرية وبيع ممتلكاتهم بابخس اﻷثمان بالتهديد المستمر لهم ، وكأن ما حصل للمسيحيين وغير المسلمين في الموصل وسهل نينوى لم يشف غليلهم.
.، يبدو لا يوجد أمل في إيقاف هذه العمليات الجبانة التي تطال مكونات شعبنا العرقية وكنائسهم وبيوتهم ، طالما كانت هناك ميليشيات وبجانبها قادة في السطلة تتصيد بالماء العكر ، فإن الأمن بعيد المنال ، ما لم بؤخذ الحزم والجدية في التصدي لمخططات القوى التي تناهض طموحات مكونات شعبنا العراقي كافة.