المنبرالحر

على من تعولون وماذا تنتظرون؟ / خالد العبيدي

يتابع العراقيون بفارغ الصبر والترقب ما ستسفر عنه مبادرة التحالف الوطني بطرحه وثيقة التسوية ومشروع المصالحة الوطنية وموقف الكتل والتيارات والاحزاب السياسية منها، وهل انها ستكون مفتاح الفرج للانتقال الى مرحلة جديدة تخرج العراق من عنق الزجاجة؟
فمنذ اكثر من ثلاثة عشر عاما والعراق يخرج من ازمة ليدخل في ازمة جديدة وتوالت عليه الازمات واصبح في وضع لا يحسد عليه وتحول حال المواطن من سيئ الى اسوأ بينما ضعاف النفوس ينعمون بثروات البلاد وخيراتها غير مبالين بما يعانيه المواطن من مآسٍ وهموم. وجاءت الوثيقة لتبشر العراقيين بميلاد فجر جديد متزامنة مع مبادرة بعض القوى والشخصيات السياسية والادباء والكتاب واصحاب الخبرة بالشأن العراقي الى تقديم رؤيتهم ووجهات نظرهم الى الامم المتحدة والمنظمات الدولية والانسانية لايجاد حلول صائبة تمكن العراق من تخطي العقبات والعبور الى بر الامان.
والوثيقة كما هو واضح ترمز وتشير الى نفس التوجهات التي اعلنها البعض واضيف اليها المزيد لكي تصبح وثيقة متكاملة يمكن الاعتماد عليها في السياقات والاتفاقات القادمة. وهي فرصة لا تعوض من الممكن استغلالها والاستفادة منها قبل فوات الاوان. والآن يتطلب الواجب الوطني ان تعرض على الجميع ليبدي كل منهم رأيه فيها ويقدم رؤيته ووجهات نظره ومقترحاته واستعداده للتعاون وتسليمها الى اللجنة التنسيقية العليا التي تم اختيارها من الشخصيات الوطنية غير المنتمية إلى الاحزاب لتجميع هذه الآراء والافكار والخروج منها بحصيلة ترضي الجميع ويقبلها الشارع العراقي الذي يحتاج إلى وقفة حقيقية لمواجهة اعدائه والطامعين بارضه وثرواته ولكن الخوف ان تكون هذه المبادرة كسابقاتها تراها اليوم وغدا تختفي وكأن شيئا لم يكن وهدفها هو تهدئة الخواطر وامتصاص غضب الناس، وهنا لا بد من السؤال ماذا سيحصل لو لم تقتنع الكتل والتيارات المعنية بهذه الوثيقة واشترطت امورا معقدة للتخلص منها والمحافظة على منافعها ومصالحها الفئوية التي طالما دافعت عنها كل هذه السنين مثل مطالبتها بتغيير الدستور واعادة صياغته من جديد بما يكفل لهذه المصالح ان لا تمس وتتعرض الى الضياع ماذا لو ان بعض القوى طالبت ايضا بحل مجلس النواب واجراء انتخابات جديدة تحت اشراف الامم المتحدة والغاء مفوضية الانتخابات ومجالس المحافظات وتوزيع المناصب وتقاسم الادوار وماذا سيحدث لو ان هناك اطرافاً اخرى تطالب باقامة الاقاليم الثلاث السنية والشيعة والكردية التي جاء بها مشروع بايدن سيئ الصيت وماذا لو ان بعض الشخصيات الكردية اصرت على اقامة الدولة الكردية وضمت اليها المناطق المتنازع عليها ومنها محافظة كركوك معتمدين على المادة 140 المنصوص عليها بموجب الدستور، وماذا لو طالبت الحكومة الاوردوغانية بالطربوش العثماني ورفضت اتفاقية عام 1926 واسترجعت (الموصل الكبير)؟ احتمالات متوقعة ينبغي ان يحسب لها الف حساب وان لا تحضر العربة قبل الحصان.
كيف هو الحل وماذا سيفعل التحالف الوطني تجاه هذه الامور، اذ من يطالب باحترام المصطلحات والثوابت الوطنية والقبول بها يجب ان تكون لديه رؤى حقيقية واسس موضوعية واضحة لطبيعة المرحلة وما تتطلبه من مسؤوليات وخاصة بعد التخلص من الدواعش وتحرير العراق. ان الوثيقة ستواجه تحديات قوية واذا اريد لها ان تحقق اهدافها عليها اولا وقبل كل شيء ان تحدد برؤى واضحة الاطراف المشمولة بهذه الوثيقة واطراف الصراع الحقيقية التي يجب حسم المشاكل معها والسعي إلى معالجتها واذا كان المقصود هو المكون السني وحده وهو المعني بهذه التسوية فهو من حيث الترتيب يقسم الى ثلاثة توجهات الاول المشارك في العملية السياسية وهم (اتحاد القوى) اما الثاني فهم الذين ضد العملية السياسية ولديهم موقف منها، اما الثالث فهم سنة الداخل وهؤلاء لا يعترفون بهذا او ذاك ومثلما لا يمثل (اتحاد القوى) جميع سنة العراق فان التحالف الوطني هو الآخر لا يمثل كل شيعة العراق. هذه هي الحقيقة ولا يستطيع احد انكارها. وهناك امر يجب ان نذكره ان المصالحة الوطنية يجب ان لا تشمل طرفا دون آخر باستثناء البعثيين الذين يتعارض نشاطهم وانخراطهم في المشهد السياسي مع الدستور. واذا كانت الوثيقة تؤمن بشعار لا غالب ولا مغلوب، فسوف تحظى هذه الخطوات باحترام ودعم الشعب. اما اذا كانت مناورة واستعراض للعضلات والهدف منها هو تقديم بعض التنازلات والترضيات لحسم الخلافات بين الفرقاء لضمان استمرار سير العملية السياسية بنهجها الحالي وشكلها المألوف فلن تحظى بأي تقبل او ترحيب وستولد ميتة ولا يزال الطريق طويلا ومفتوحا على مصراعيه للصعود الى المسار الصحيح.
وثمة حقيقة اخرى ينبغي ان لا تغيب عن البال ان تركيز المبادرة على اسس موضوعية ومتينة يفرض على اي طرف سياسي سواء كان من داخل العملية ام من خارجها ان يعلن رؤيته واهدافه ودوره واستعداده لرفض اية ضغوط اقليمية ودولية بالشأن الداخلي والاهتمام بوحدة التراب العراقي وتطوير وحماية ثرواته الوطنية والاقتصادية، وهذا الموقف يعتبر بمثابة اعلان رسمي موثق بالأدلة والبراهين للموقف الوطني ومؤشر اكيد للابتعاد عن الفئوية والحزبية الضيقة واحترام ارادة الناخب العراقي وخدمة العراق الجديد.