المنبرالحر

أين الخلل؟ / جواد وادي

سؤال كبير بحجم المأساة العراقية، بمثابة وعاء لكثير من الأسئلة التي ما توقفت عن تناسلها اليومي، حتى عادت تعشعش في الحياة العراقية، ولا من سعي جدي وحثيث لإيجاد اجابات تخفف ولو جزئيا من المحنة العراقية التي بات حضورها الكارثي اليومي زادا وقدرا لعينا يلاحق العراقيين في حلهم وترحالهم ولا من فكاك يبدو في الأفق القريب.
من هذا الوعاء نستخرج أسئلة عديدة، لأن اجابة واحدة لوضع الاصبع على الخلل بات ضربا من المستحيل، لتشظي الحالة العراقية، وتوزعها على ملفات لا تعد ولا تحصى، هي بذاتها تستوطن ذلك الوعاء الذي بات الدخول فيه من العوائق التي يصعب فهمها لعوامل سنأتي على ذكرها.
من هذه الأسئلة التي تفرّخ في الوعاء لا بصيغة سؤال، بل مجرد عرض لها مردها:
_ البنية التحتية بكل مفاصلها:
_ من كهرباء وماء وبيئة ملوثة وطقس خانق وحتى أزمة وقود،
_ بطالة وفوضى في توزيع المناصب وغياب عدالة في توزيع خيرات البلد.
_ فساد يضرب باطنابه مفاصل الدولة بكل ابجدياتها.
_ محاصصة مقيتة وتوريث العراق شعبا وخيرات بين مكونات لا نعرف ماذا تريد من العراق وما هي نهاية هذا التسيب المخيف.
_ طائفية ومذهبية وشيعا وأحزابا توزعت على الارض العراقية مثل سرطانات البحر، وتحاصص الجميع كل شيء، بشرا وأرضا وخيرات: هذا لك وهذا لي.
_ أمن في أقصى حالات التردي والانفلات ولا من جهود جادة وفاعلة في ايقافه أو الحد منه.
_ انحياز كامل لتلك الكتلة وهذا الحزب انتشر في عقول وسلوكات الناس دون وعي بخطورته، في الشارع والمناطق المحسوبة على هذه الطائفة او تلك، في الجامعات، في المصانع، مع قلتها، في دوائر الدولة، في المنظمات الموجهة طائفيا.
_ سياسة قرقوشية لا تفهم طبيعتها وأهدافها وملفاتها المعلنة والمستورة.
_ وجود طوابير المسلحين الذين يشكلون ميليشيات لها قوانينها ومواردها وعرابوها ومن يبارك أفعالها، كل ودولته ومساراته.
_ اعلام موجه وغير حر، تابع لهذه الطائفة أو تلك، ينشر سمومها ويتكلم باسمها، والوطن لا حضور له أبدا. ما عدا بعضها وهي القليلة.
_ ملفات فساد تشكل ميزانيات دول كبيرة، لا نعرف كيف يتم ترتيبها وحسابها وصياغتها وتقنينها، بفرسان هم المسؤولين عن قيادة البلد، وأي بلد؟؟
_ عمليات قتل وتهجير لعراقيين لا ذنب لهم سوى أنهم ينتمون لهذه الطائفة أو تلك. حتى وإن كانوا بعيدين عن أفعال طائفتهم، يسكنون خياما بحالات غاية في السوء وعلى أرضهم، دون أن يجدوا ملاذا آمنا لهم.
_ اقتصاد متردي ولا وجود لجهود فاعلة لانتشاله، وهو باتجاه الخراب التام، الأمر الذي سينسحب على كل مفاصل الحياة ليكتمل مسلسل الدمار.
_ ملايين المهاجرين والمغتربين يتمنون العودة، ولكن في أية ظروف؟
_ شعب لا يعرف ماذا يفعل وهو على بينة بكل هذه الملفات ومصادرها والقائمين عليها وكل المخربين والفاسدين، ولكن أين ردود الأفعال؟ تبقى في علم الغيب، حتى يزجف الموت تدريجيا لأسرتهم ومناماتهم، وهم ولحد الآن، لا في العير ولا في النفير، ماذا حدث لهذا الشعب؟؟
_ جهلة وأميون ومزورون ولصوص ومرائون باسم الدين والقيم، هم من يتسلط على الرقاب.
فأي بشر هم، وأي رقاب سلّمت قدرها للجلاد وبكل خنوع؟
وأترك للقارئ الكريم اضافة بقية الأسئلة المحيرة أو الهموم، أو الملفات، أو صيغ الخراب، ليتمم الجهد في تحضير ملف العصر الكبير، بامتياز عراقي، ليدخل سجل غينيز للأرقام القياسية العالمية، وعندها لها الف حلّال، ولنتركها لأقدارنا، مثلما وضعنا أرواحنا على كفوف عفاريت السياسة؟
وضعنا هذه الأوجه المتعددة من الخلل بشكل غير تراتبي، تيمنا بلا تراتبية الحياة العراقية وفوضاها.
أليس من حق العراقي أن يضرب أخماسا بأسداس إزاء ما يحصل، ولا تطلبوا منه رجاء أن يعمل بأنساق، هو نفسه لا يعرف كيف يرتبها ومن أين له الآليات لاتخاذها.
عذرا لهذه الفوضى في التناول، لأننا لم نعد نعرف كيف نأكل؟ وكيف نشرب؟ ومتى نقرأ؟ ومتى نتنسم هواء نقيا؟ ولم نعد نتحرك ببوصلات، ولا نحتكم على أبسط مكونات الوجود الانساني. أليس من الأجدى والأنسب والأفيد أن (نذبها على الساطور) ونترك مصائرنا بيد اللصوص والحرامية والمحاصصين والطائفيين، وكل من هب ودب وعافته حتى وحوش البرية.
وعليه فنحن ننتظر رحمته تعالى لتكون نهاياتنا على أنصاف البشر.
هل عندكم حل آخر؟ افتونا به وأجركم على الكريم والرازق وواهب الحياة والموت.
بعد جبال المقالات التي كتبها الجهابذة من العراقيين، والتي تناولوا فيها المئات من الحالات، وانتظروا الملايين أن يجتهدوا ويستفيدوا ويتحركوا ويحررونا من الورطة، اكتشف الكتاب المساكين، أن لا حياة لمن تنادي، فلماذا كل هذا الاصرار على المواصلة والاستمرار في الخطاب الذي لا منصت له، ولا من مهتم، ولا من قارئ اصلا له، لتنطبق هذه الحالة والطرفة التي سارويها لكم، وعذرا من هذا الجر والفر في كتابة اليوم التي أجدها هي الأنسب لمخاطبة الناس وبالتالي (لو تصيب لو تخيب)
تقابل اثنان من الطرشان (مع احترامي) وهما يحملان سطلين وادوات استحمام:
فالقيا التحية على بعظهما:
الأول: صباح الخير
الثاني وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته (لم يكن سلفيا طبعا)
الأول: هل أنت ذاهب للحمام
الثاني: لا أنا ذاهب للحمام
الأول: عذرا اعتقدتك ذاهب للحمام.
هذا هو حوار الطرشان الذي بات سمة التواصل بين العراقيين
ولله في خلقه شؤون