المنبرالحر

ثلاثة وثمانون عاما والقمر* بعده شباب / د. علي الخالدي

قبل ثلاثة وثمانين عاما وضع طليعة الطبقة العاملة العراقية على أكتافهم الهم العراقي ، وأبحروا بسفينتهم ، متحدين العواصف والزوابع وتلاطم اﻷمواج . مقدمين قرابين من أجل مواصلة إبحارها . ففي عام ١٩٤٩علقت الرجعية الحاكمة على أعواد المشانق أجساد ملاحيها ، يتصدرهم قبطانها فهد ، وهو يهتف الشيوعية أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق . و تكرر في عام ١٩٦٣ حيث غييب تحت التعذيب المئات من ملاحيها على أيدي الزمرة العفلقية ، بدعم مادي و لوجستي من اﻷمبريالية والرجعية عند غدرها بثورة الفقراء ١٤ تموز المجيدة . و إستمر مسلسل تغييب ملاحيها ، كلما إشتد عود الحزب ، حتى بعد إسقاط الصنم ، ومع هذا لم تُنكس رايته ، ولن يسمح بخدش أسمه ، فبقى الحزب بأفكاره ، يواصل نيل حظوة الجماهير ومحبتها وإعتزاز فقرائها ومعدميها به . بينما ذهب أعدائه الى مزبلة التاريخ موشحين بالعار والهزيمة.
ورغم ما لعبه الحزب من دور ريادي في مقاومة وخلخلة النظام الدكتاتوري ، بإضعافه شعبيا وعربيا وعالميا، إلا أن محاوﻻت تهميشه وإبعاده عن مواقع التي يستطيع من خلالها تحقيق ما يستحقه الشعب والوطن من خدمات لم تنقطع . إحتلت اﻷحزاب اﻹسلامية مواقع القرار ، فقادت البلاد إلى الهاوية ، مبتدئة عصرها بفشل ذريع في القضاء على ميراث الدكتاتورية الثقيل الذي أنهك كاهل الشعب ، و بعض قادتها أعاق تحقيق ما اراده الشعب من وراء إسقاط الصنم . عند دعمهم كل من وقف معرقلا للتغيير واﻹصلاح ، فالهوا أنفسهم ومؤيديهم بتمتين نهجهم المحاصصاتي . بينما مضى الحزب في تعزيز سلته الوطنية ، الحاضنة لكل اﻷطياف والطوائف . يعبئها للتصدي لنهج الطائفي والفاسدين منهم ، و لقوى الظلام و التفكير ، كي يواصل الحزب قيادة سفينته بسلام ، وهي مزودة بوقود اﻹيمان المطلق بعدالة قضيته ، وبسيادة قوانين الطبيعية المادية ، التي إكتشفها ماركس وأنجلز ، وأغنتها فكريا وعمليا اﻷحزاب الشيوعية واﻹشتراكية ومن ضمنها حزبنا الشيوعي منذ تشكيل خلاياه اﻷولى بقيادة الخالد فهد مسطرا سفرأ إستحق إحترام الطبقة العاملة العربية والعالمية وهو يسبح في أمواج ضبابية تحاول عبثا سد طريق الوصول الى ميناءه ومحطته اﻷخيرة ، مستلهما عبر ودروس ٨٣ عاما من النضال ، ليضعها أمام حاملي هم وطنهم ، ليسترشدوا بها في تسريع عملية حراكهم لسحق المعوقات التي توضع أمامهم للحيلولة دون إنجاز التغيير واﻹصلاح الحقيقي ، الذي سيوفر شروط قواعد العدالة اﻹجتماعية ، التي حدد مضامينها المؤتمر العاشر للحزب ، مزودا إياها بطاقة شبابية تكفل عملية إبحار سفينته الى مرفئها ، فوضع مسألة التخلص من نهج المحاصصة وإعتماد المواطنة في أولياته ، مع توجه جاد لتحقيق مصالحة وطنية مجتمعية متمثلة بوحدة مكوناته .وليس سياسية بين المتحاصصين . لتبقى أجهزة الحكومة تدور في عجلة التخندق والتقوقع المذهبي واﻹثني ، ويستمر تقاسم السلطة طائفيا واثنيا ، بالضد من رغبة الجماهير المطالبة بالتخلص من فايروسات وجراثيم نهج المحاصصة المشخصة مختبريا وكلينيكيا ، والتي سببت مختلف اﻷمراض الحادة والمزمنة التي يُعاني منها الشعب والوطن ، رغم معرفة الجميع بالعلاج الذي يبدأ بالتخلص من بلاء المحاصصة على أساس الوﻻء للوطن والمواطنة والمهنية والكفاءة والنزاهة.
خلال الفترة الزمنية الطويلة منذ إبحار سفينة الشيوعيين العراقيون في ٣١ آذار عام ١٩٣٤صادفت مرافيء لم يسترح فيها ملاحوها، بل واصلوا إبحارهم في كافة الظروف المناخية ، وبفعل حركتهم المنسقة على إيقاع ما وضعه ربانوها من الشهداء الخالدين ومن أستلم دفة قيادتها ، من ذوي النظرة الثاقبة والمتحلين بالصبر والمرونة في التعامل مع اﻵخرين ، ول يستطع عدم إستجابة أطراف نهج المحاصصة لمطاليب الجماهير ، أن يحل من عضدهم ، يدفعهم الحرص على الوحدة الوطنية ويستمرون في توحيد الجهود لنصرة جيشنا الباسل وهو يخوض معركة التحرير ، و رفع شأن إنتصاراته التي ستضع حدا لمن يريد أن يهد عزم سالكي طريق الحق الموصل إلى الدولة المدنية الديمقراطية.
* القمر يقصد به الحزب