المنبرالحر

محاربة التكفيريين وإرهابهم يبدأ بالمراكزالدينية / د. علي الخالدي

منذ أسقاط الصنم الذي ضحى من أجل اﻹطاحة به المئات من المناضلين ، إلا أن عناصره ومريديه عادوا من الشباك ﻹشغال مواقع حساسة في حكومة نهج المحاصصة الطائفية واﻹثنية ، بعد إحتضان اﻷحزاب المتبنية لهذا النهج المقيت ، لتمشية مصالحها على حساب المصالح الوطنية العليا، فإستغلوا مواقعهم ، بوضع عراقيل أمام حصول الجماهير وخاصة الفقيرة منها ، على ما كان مؤملا أن يصيبها من مردود إسقاط الصنم ، ُيحَسن مستوى معيشتهم ، الذي وصل لمستوى أفقر شعوب العالم ، رغم ما عرف عن بلدهم أنه من الدول الغنية . لكن أغلب من إحتل مواقع القرار بتصفيق من إمتازوا بسرعة التلون ، عمل على تفسيخ عرى علاقات المشاركة في الوطن ، بإستهداف بالدرجة اﻷولى المكون المسيحي والصابئي ، بتجييش التطرف الطائفي عبر القيام بفعاليات تحول دون ممارسة طقوسهم الدينية ونشاطاتهم اﻹقتصادية واﻹجتماعية ، بما فيه منع ما إمتازت به تلك المكونات من سمات التمدن والتحضر، في أجواء المحبة والغفران ، حتى أن بعض المدن كادت تخلو من تواجدهم ، وهم الورثة الشرعيون لحضارة عريقة ، تناضل من أجل أبرازها ومواصلة ديمومتها مع جميع مكونات شعبنا وقواه الوطنية.
لقد تصاعد الهجمة المناوئة لمكونات شعبنا العرقية من سكان العراق اﻷصلاء في اﻷونة اﻷخيرة علنا ، بمعاداة إنتماءاتهم الدينية ، من قبل من كان يجب أن يتحلى بفكر الوحدة الوطنية والسلم اﻹجتماعي في مثل هذا الظرف حيث غُيب به القانون ، وإنهمك الشعب والحكومة بقرب تحرير المدن التي دنستها داعش تقريب ساعة فرحة الجميع باﻷنتصارات التي يزفها لنا جيشنا الباسل ودحره لهذه القوى الظلامية.
إن حملة معاداة اﻷديان قد رافقها مؤخرا عمليات خطف وإبتزاز أشخاص ، مع حملات إعتداء على حقوق المواطنين من قبل أفراد وعصابات منفلتة ، تقف وراءها قوى سياسية تطمح بمواصلة نهجها التخربي في البنية اﻷجتماعية والجغرافية لعراقنا الحبيب ، هذه القوى هي نفسها من كشرت عن أنيابها لقضم ما جاء به الدستور من حقوق في ممارسة حق التظاهر السلمي ، وهي من تقف بالقرب من الفكر المعادي للإصلاح والتغيير، وتدعو لتطبيق ما قام به الفكر الداعشي المهزوم ، مع جوقة حيتان الفساد والداخلين من الشباك من المحميين من قوى تبرقعت بعباءة الدين ، لتمارس بشكل خفي بث روح الكراهية والحقد بين مكونات المجتمع.
فالفساد الذي أحدثوه ، يعتبر الثقب الواسع في الجدار الحكومي للدولة ، وهو لم يأت من فراغ ، فهو قد ورث من النظام المقبور، و وسع بشكل بارز على ايدي متبني نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية ، ليؤكد حقيقة فشل البعض من القائمين على اﻷجهزة اﻷدارية واﻷمنية التي طالبنا بتنظيفها من بقايا الفكر الصدامي والطائفي ، الذي ما زال معشعشا في عقول الكثير من القائمين على مواقع إدارات الدولة العراقية ، مما عرقل تطبيق قرارات ومواقف الحكومة تجاه اﻹنفلات اﻷمني ، وما يطرح من تكفير مكونات شعبنا من المسيحيين والصابئة المندائية واليزيدية ، مشكلا عامل تشجيع لتلك القوى الحاقدة على تكرار فعالياتها المناوئة للسلم اﻹجتماعي ، وكأن لسان حالها يقول نحن سنواصل المشوار ياداعش.
إن ملاحقة أفراد هذه العصابات ، والجهات التي تقف وراءهم قانونيا ﻹنزال العقاب العادل الذي نص عليه الدستور ، عند إساءتهم لوحدة الصف العراقي ، مع أصدار تعليمات تردع من يتقول على بقية اﻷديان السماوية ، من دعاة التطرف الديني ، مهما كانت مذاهبهم . يتطلب إتخاذ إجراءات حكومية حاسمة تبدأ بتنظيف المراكز الدينية من المتشددين ، وتنتهي بشطب مناهج التعليم التحريضية في التعليم اﻷولي ، وبهرجة المناسبات المذهبية ، لما تعطيه من مردودات عكسية ، تقود إلى نشر ثقافة الكراهية بين مكونات شعبنا.
مما يؤسف له أن أغلب من يتقول على اﻷديان ، يتمتع بمحاسن الحياة والرواتب المناسبة ، ويحظى بإسناد أحزاب تبنت النهج الطائفي ﻹحتوائهم بحجة اﻹستفادة من تجربتهم ، وزيادة قاعدتها طائفيا وعدديا ، حتى ولو تم ذلك بالكسب غير الشرعي ، وإذا ما أضيف لذلك إهتمام اﻷحزاب الحاكمة بمصالحها الخاصة التي أضعفت الحسم ، وأصبغت التردد في إتخاذ القارارات الحاسمة ( إﻻ ما ندر) ، من قبل القائمين على مواقع القرار . هذا ما يؤكده اﻹنطباع الذي يسود المراقيين للوضع العراقي في الداخل والخارج ، من ان المطالبين باﻹصلاح والتغيير ينحتون في صخرة صلبة دون أن يصلوا الى لبها ، لكون أغلب القائمين على مواقع القرار، قد حشوا أذنهم اليسرى بشمع استورد من دول الجوار واليمنى بطين المنطقة الخضراء ،لكي لا تصل اليهم أصوات تطالب بالتصدي لكل من يسيء الى ا
لوحدة الوطنية بأي شكل كان.
إن غياب اﻹشراف على نشاطات المراكز الدينية ومعاهد الفقه التعليمية ، وهي تحض على نشر ثقافة اﻹرهاب والكراهية تجاه غير المسلمين ( حتى في دول الغرب ) علاوة على ما يجري من تساهل وإياهم ، بالصمت تجاه تحركاتهم التي نشطت بشكل واسع ، بعد تزايد الهجرة الطوعية والقسرية من الدول اﻹسلامية . وهناك تقارير تشير إلى أن الغرب وفي مقدمته أمريكا فد قدمت ملايين الدوﻻرات لنشر تدينهم ودعم حكمهم ، ولمن يقف وراء نشر السلفية والتطرف الطائفي ، في تونس ومصر وسوريا وليبيا والعراق ، كجرثومة تنخر جسد شعوب تلك البلدان ، فقبل دخول داعش سوريا والعراق مهدت المراكز الدينية، (في العراق الحملة اﻹيمانية ) وفي سوريا تسابقت دول المنطقة في بناء المئات من المراكز الدينية ، بتمويل سعودي قطري إيراني للتبشير بثقافة التطرف اﻹسلامي كل حسب مذهبه ، فكانت السبب المباشر لتبني القيام بعمليات أرهابية ، علاوة على إعدادها دعاة لنشر الفكر السلفي ، أما الوسط الذي يتأثر بهذه اﻷفكار فهم المهمشين، على أمل الحصول على مكاسب إجتماعية إقتصادية . إن جماهير شعبنا ومعتنقي الديانة غير المسلمة يتكلون على صوت كل وطني نزيه من ذوي الثقافة الوطنية وأصحاب اﻹحساس بتمتين الروح الوطنية في أحقاق الحق، وكشف ما يهدف له اﻷفراد والقوى التي تسعى لتغيير ديمغرافية الوطن بالتهجير القسري للمكونات العرقية .