- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الخميس, 22 حزيران/يونيو 2017 16:01
ستلفظ داعش انفاسها الاخيرة على { ارض الخلافة } وتحديدأ في جامع النوري الذي شهد ولادتها، بعد ايام قلائل. تلك خاتمة السيناريو الذي اعد وبعث ليتجلى دموياً على ارض العراق، وسط تهليل وتكبير من لدن افراخ الحاضنات وامهاتها، التي ليست سوى مخلوقات مقطوعة النسب لبلاد الرافدين، ولكي لا نذهب بعيداً عن اصل وفصل داعش ولماذا جرى اعادة انتاج منظمة ارهابية دولية بديلة، بعد ان استهلكت اختها الاكبر " القاعدة " على اثر تصفية زعيمها " بن لادن " فهي اذن منتج لا يخرج عن سياقات وايقاعات حركة السوق الرأسمالية. اي تحديث الشكل والبقاء على المضمون.
لسنا منجمين فيما سنقوله انما تأشير على وقائع دالة تصل ماهيتها الى قرائن وربما ادلة لا لبس فيها. لكل فعل رد فعل فليس هنالك ما تتطلبه معرفة حقيقة اقدام دوائر دولية على انشاء داعش وبغطاء ديني، كان الفعل هو ترحيل قوات الاحتلال الامريكي شبه مرغمة عن العراق، مع غطاء رسمي تمثل بـ " اتفاقية الامن الاستراتيجي " الذي تصادف مع ارتفاع اسعار النفط الى حد لم يصله من قبل، واذا ما عنى ذلك شيئاً فيعني تمتع العراق بقوة اقتصادية تمكنه من انتفاء حاجته الى مساعدة الولايات المتحدة الامريكية، الامر الذي جعل العراق خارج نطاق نفوذ واشنطن، فضلاً عن ما زاد في ريقها طعماً علقمياً، حينما تجسد امامها اتساع النفوذ الايراني بشكل لا يقبل الجدل، والذي وصف في حينه بـ " تسليم العراق من قبل الادارة الامريكية الى ايران.
فكانت الصدمة التي افاقت الدوائر الامريكية خاصة من غفوتها. و لا يفوتنا ان نشير الى استنفار المؤسسات الاستراتيجية الغربية عموماً بهدف اللحاق بسفينة العراق التي جنحت صوب الشواطئ الشرقية، بذلك تكاملت المقدمات الضرورية لولادة كتائب الموت " داعش الارهابية " التي كانت على اتم الاستعداد للعمل على ايقاع الاذى بالشعب العراقي، وان لا يكون النظام فيه جامحاً من ناحية الغرب، وفي ذات الوقت العمل على فك رسنه من قبضة ايران، وعليه جاءت رحلة صيد الطريد الاسمن، ولكن على طريقة صيد الثعالب الملكية، حيث يقوم الصيادون من الحاشية باطلاق اصوات البوق لكي تخرج الثعالب من جحورها فتستهدفها كلاب الصيد المدربة، وعليه كان احتلال الموصل بمزامير السيارات!!. مما ادى الى هروب" الجنرالات الثعالب".
اما الخطوات الاخرى التي اُتبعت لوضع مصدات بطريق العراق المتحرر تواً من اقسى نظام دكتاتوري، والذي وجد امامه مهمة ازاحة اخرى وبالاضافة الى التخلص من مخلفات النظام السابق وجد الاهم وهو الفكاك من واقع الاحتلال الاجنبي. وليس لدى الشعب العراقي من سبل للنهوض من جديد سوى استثمار امواله من واردات ريع النفط المرتفع الاسعار في حينه، ولم تمض فترة طويلة الا وتحركت كارتيلات النفط الاحتكارية لتلعب لعبة تخفيض اسعاره الى النصف وبالتظافر مع الفساد الذي اطلق له العنان من قبل الكتل السياسية المتنفذة. الامر الذي اصاب البلاد بضربة موجعة لا تختلف وربما تزيد مخاطرها عما سبق من خطر غزو داعش.
وهنا اخذت " داعش " تتولى تسديد الضربات القاتلة لهذا البلد المبتلى، اما بالانظمة الدكتاتورية او بالاحتلالات الاجنبية طيلة تأريخه، وحسب سيناريو العدوان على الشعب العراقي تم استهداف عقل وقلب العراق المتمثلين بالمال والبنين. فالحرب وتوابعها المفخخات والاغتيالات حرقت البنين شهداءً وضحايا بالالاف، وكان نزوح السكان وما يترتب على ذلك من صرف اموال فضلاً عن كلفة ازالة اثار تخريب البنى التحتية، حيث ابتلعت هي الاخرى، ما ابقاه الفاسدون من ميزانية البلد، التي جعلها الفساد والمحاصصة خاوية تماماً. وفي ذلك كله تهيأت العوامل التي جعلت العراق بحاجة الى العون المادي واللوجستي لمواجهة التحديات المختلفة ، مما دفع الحكومة العراقية الى التفكير ملياً باختيار الحليف المتمكن الذي سيدعمها مادياً وعسكرياً.
فوجدت الحكومة نفسها تميل، شاءت ام ابت، الى البقاء في ركب التحالف الغربي وفي المقدمة منه الادارة الامريكية، لان الحليف الاخر " ايران " هو من يبحث عن من يدعمه. اذن لا غرابة من ان نشاهد عودة جحافل من القوات الامريكية الى قواعد عسكرية عراقية، بعد ان ادت داعش بعض من مهمتها وانتهاء المدة التي حددت لها، اي / ثلاث سنوات / حسب ما صرح به في حينه نائب الرئيس الامريكي. غير ان نهاية دور داعش قد حسمت على يد الجيش العراقي الباسل وكل من تطوع للقتال الى جانبه. ومن شواهد الدالة على اعادة الاستناد الى عون الحليف الامريكي، هي، عودة شركة " اجيليتي " التي كانت تزود قوات التحالف العسكرية بالمواد الغذائية ، حيث حصلت على عقود جديدة بمبالغ مضاعفة مما يعني التواجد لفترة اطول من تلك المدة الماضية، التي قضتها قوات الاحتلال في العراق. ولكن سؤالاً يطرحه لسان حال الشعب العراقي، يقول لمن ستقاتل القوات الامريكية بعد ان حسم الجيش العراقي المعركة ضد الارهاب..؟!! ذلك سيتبع في مقال اخر