المنبرالحر

حين بكى البابا على فقراء المسلمين / د. ناهدة محمد علي

كان أحد شروط البابا لزيارة بورما هو أن يلتقي بأقلية الروهينغا المسلمة . وبعد أن إلتقى بهم قال ( إن مأساتكم قاسية جداً وكبيرة جداً لكن لها مكانة في قلوبنا ) ثم قال ( أطلب منكم المغفرة لنا ولهؤلاء الذين أساؤوا إليكم وسط لا مبالاة العالم ) .
حين إلتقى البابا بالأقلية المسلمة بكى لبكاء اللاجئين وهم يروون محنتهم .
خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة تدفق من ميانمار 620 ألف لاجيء هرباً من الجيش البورمي ، وقد إعتبرت الأمم المتحدة مأساة الروهينغا تطهيراً عرقياً .
أمام هذه الحقائق أتساءل لِمَ بكى الحبر الأعظم للمسيحيين على المسلمين المعذبين ، لكني لم أرَ دمعة تهطل من شيوخ وأئمة المسلمين على أبناء ملتهم ، ولم يتعاطف معهم سوى حملة بعض الأقلام الشريفة ولم يهتز العالم لمأساتهم ، كما لم يهتز أحد لمجاعة أكثر من 7 ملايين يمني ، ولم يعد يهتز العالم العربي لعمليات التطهير العرقي للفلسطينيين .
نتساءل هنا ما الذي جف فينا فأصبحنا كأرض قاحلة لا نستطيع أن نروي أو نطعم ، لكننا في المقابل لا زلنا قادرون على غزو بعضنا وقطع رقاب بعضنا البعض ، ويبدو أن هذه طريقتنا لإحقاق الحق وفي نشر العدالة ، وكلما كثرت الدماء النازفة كلما تطهرنا أكثر ، وكلما زرعنا المقابر الجماعية نبتت لنا فوقها زهوراً رائحتها تكتم الأنفاس ، وهذه لدينا هي رموز الطريق وشاراته المرورية إلى الجنة .
لقد علم البابا ما لا نعلمه نحن ، علم أن الفتك بالعزل وسفك دمائهم لأجل المعتقد هو قطعاً محرم وإستقواء القوي على الضعيف هو محرم أيضاً . وبهذا لِمَ ننوح الآن على القدس ، ونحن نرى ونسمع ونرضى بما حدث منذ عشرات السنين . إن المنطق هنا هو منطق القوة وفرض الواقع ومنذ زمن بعيد ، ولِمَ لا وجيوشنا تتقاتل مع بعضها ونحن نبذل النفط مقابل السلاح ، وأي نوع من السلاح ، إنه السلاح الكلاسيكي أي الدبابات والطائرات الخ ، لكن العالم المتحضر لا يتقاتل بهذا ، ومعروف أن هذه الأسلحة هي كارثة إنسانية وعسكرية لمستعمليها لأنها تقضي على أكبر عدد من أفراد الجيش الذي يستعملها .
ها نحن الآن نشكك في نوايا بعضنا ونضيع ما بين مصالح الدول الغربية أو الإسلامية المحيطة بنا . ونحن في سباقنا اللاهث من أجل البقاء نسرع الخطى حثيثاً نحو الموت .
ها نحن نرى رئيسة وزراء بريطانيا وألمانيا تدعوان بعضنا إلى رحمة بعضنا ، كما رأينا عجباً أن ملك وملكة السويد يتقدمان مظاهرة تقول ( قدسنا لا هيكلكم ) . أما نحن فنعيش في بحبوحة من الخرافات والبدع ، فنساؤنا يبذلن مليارات الدولارات لإقتناء وسائل التجميل ورجالنا يتسابقون إلى فرق الموت لينالون وسام البطولة عن قتل أكبر عدد ممكن من نفس ديانتهم ، وبعدها كيف نبكي على بعضنا ونحن من رمل ويتم بعضنا ، ونحن من أفقر وعطش وجوع بعضنا . كلنا الآن نمارس الخطأ إلى أن نعي حقيقة واحدة هي أن في كل دولة عربية ( قُدس ) يُسلب ، وقد أصبحت ديوننا كثيرة على بعضنا ، وأصبح ميزان عجزنا الروحي عالياً حتى ضاقت بنا السماء .