- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الأربعاء, 17 كانون2/يناير 2018 16:36
كوكبة جديدة من دماء أشلاء الفقراء تعمّد حمى الانتخابات القادمة
إنها محنة جديدة تنضاف الى كوارث العراقيين مرة اخرى بعد أن تيقّنا أو نكاد، أن الحقد الداعشي قد انتهى دون رجعة، وان أصوات التفجيرات والأحزمة الناسفة وغضب المفخخات قد ولّى، لتنفرج اسارير المنكوبين بالتطلع لمستقبل زاهر، وأن عهدا جديدا قد بزغ، وأن غالبية المواطنين قد عقدوا العزم على التغيير بعد أن بلغ اليأس بهم من ساسة العراق مديات لا يمكن وصفها، لتأخذ الأوضاع المتردية والكارثية بالتصاعد الصاروخي دون أمل بتحسين اوضاعهم المزرية التي وصلت بفقراء العراق ممن وضعوا ثقتهم بساستهم مديات مخيفة، دون أن يعلموا أن أصواتهم ذهبت لألد اعدائهم وكأنها تصفية حسابات، أو الأخذ بثأر قديم ينبغي أن يكون ثمنه غاليا من دماء العراقيين المسحوقين، لتتفاقم الأزمات وتشتد حالات الفقر وتنتشر البطالة والحرمان لأوضاع لا يمكن تخيلها، في الوقت الذي تتناسل مجاميع الفساد والنهب وتبييض العملات ليتحول محتاجو الأمس ممن كانوا يستجدون على أبواب الدول التي كانت تتصدق عليهم بالفتات، الى مافيات فاقت من حيث ثرائها أباطرة المخدرات في العالم، وهذا ما لمسناه نحن القابعين في ملاذاتنا في دول المهجر، حين يطالعنا بشكل دائم أشخاص يبحثون عن توظيف أموال تقدر بملايين الدولارات قصد الشروع باستثماراتها وبشكل مريب، وحين نسأل عن ماضيهم، نجد أن جلّهم ينتمون لأحزاب السلطة ومن منتسبيها الصغار، والمقربين لها، بعناوين لا نعرف اصلها وفصلها، الأمر الذي توفرت لدينا قناعات لا يطالها الشك، أن هؤلاء اللصوص المجرمين هم امتداد لمافيات الداخل من المتنفذين وأصحاب القرار ممن عشعشت خفافيشهم في كل مفاصل الدولة العراقية، ليتسنى لها نهب الأموال وتكريس حالات فساد ما عرفت دول العالم بأسرها مثيلا لها، ليصبح العراق لوحده في صدارة تلك الدول الفاسدة.
ما يحز في نفوسنا نحن المخلوقات الأضعف من العراقيين الموزعين في الشتات، فيما يدور من فواجع في بلادنا، ان أنهار الدماء العراقية المقدسة التي توزعت على امتداد تراب العراق، والتي نزفتها أجساد طاهرة من ضحايا إرهاب بكل اشكاله المرعبة، الى تضحيات ابطال الجيش العراقي الباسل ومنتسبي الحشد الشعبي الميامين وغيرهم ممن عمّدوا بدمائهم الانتصارات الباهرة على قوى الظلام والتخلف الداعشي، ليسترجعوا من فلول الغزاة كل شبر من تراب عراقي مقدس، رغم ما خلفته هذه التضحيات المباركة من نتائج كارثية في المجتمع العراقي من الأعداد الهائلة من المعطوبين والمعوقين والأرامل والأيتام وحالات من المآسي التي لا حصر لها، ناهيكم عن التكلفة الباهظة لتلك الحرب، رغم كل هذه الأهوال التي قد تمتد آثارها المدمرة لعقود قادمة من تضحيات العراقيين، استبشر الناس خيرا بزوال الغمة الداعشية، عاقدين الآمال على الانتخابات القادمة لتدارك ما يمكن تداركه من خراب سببه فرسان السياسة الطائفية وأذنابهم من ناهبين ولصوص، وما خلفه الاحتلال الداعشي من كوارث، ليلتقي اللصوص مع مجرمي داعش في ذات الاتجاه والأهداف الخسيسة، ليشكلا وجهين لعملة واحدة، فتذهب الآمال سدىً وتعود العجلة من جديد الى الوراء، لتبقى الكوارث تدور في ذات الفلك من الابتلاء والنكبات التي باتت تلاحق فقراء العراق ومسحوقيه.
فوجئنا نحن البعيدين عن المشهد السياسي بأعداد الأحزاب التي طرحت نفسها على الساحة الانتخابية، ولا نعرف من أين أتت؟ وكيف تجمعت؟ وما هو تاريخها؟ ومن هم منتسبوها وقادتها؟ وغيرها من الأسئلة المحيرة، حيث كان أملنا يتعاظم بسبب المد الجماهيري المتصاعد والمطالب بقيام دولة مدنية، تسعى لإبعاد الدين عن السياسة، سبب البلاء الحقيقي لما حصل في العراق، ذلك البلاء الذي إذا ما افلحت ذات الوجوه المنبوذة بالبقاء من جديد على سدة القرار، نكون قد وقعنا في المحظور، وتتبدد كل الآمال ليكون العراق في خبر كان، لأن الهم والهدف والمسعى الحقيقي لفرسان الفساد، هو تكبير كروشهم وخزائنهم وتهريب ما تبقى من أموال عراقية، يقينا سيتكالبون على افراغ خزينة العراق، لأن ما حصل خلال السنوات الأربع عشرة الماضية من حكمهم وما ترتب عنه من تفشي الفساد المهول، خير دليل على أن العراق ومستقبله، بعيد جدا عن همومهم التي بقيت منحصرة في الفساد دون سواه، وخير دليل على ذلك الأعداد الهائلة من اللصوص الذين هربوا بأموال فقراء العراقيين دونما مسائلة أو مسعى يدل على نزاهة هؤلاء، لنتعرف على وجوه جديدة مضافة الى ما سبقها من فاسدين وحرامية جدد. وهنا تكمن الكارثة الحقيقية.
ما يدهشنا حقا أننا ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة، تلك الأصوات الغريبة والنشاز التي تدعو الى العزوف عن الانتخابات القادمة، وهذا ما يسعى اليه الفاسدون، لأنهم سيراهنون، إذا ما ارتكب المصوتون العراقيون هذا الخطأ القاتل، أن الساحة ستبقى لهم وسيبقون جاثمين على دفة الخراب من خلال أصوات عملائهم من مستفيدين وصغار لصوص ومرتشين، لمصلحة الحيتان الكبيرة.
ما هي الوسيلة لكنس هذه الرثاثات من سدة القرار وتنظيف العراق منهم إذن؟
سؤال نطرحه على كل المتضررين والمسحوقين والجياع من العراقيين، وبكل مسمياتهم.
إن التصحيح في مسار العملية السياسية وتعرية اللصوص، لا يكمن في دعوات العزوف عن الانتخابات، لأن هكذا مواقف مشكوك في نواياها وأهدافها، لا تبتعد أبدا عما يريده ويبتهج له الفاسدون، لتخلوا الساحة من الأصوات الرافضة لهم، وبالتالي تظل ذات الوجوه الكالحة تتسيد سلطة القرار ليستمر الخراب الى ما شاء الله.
شخصيا اعتبر ان من يدعو الى المواقف الرافضة للأدلاء بصوته، هو مدفوع من أحزاب السلطة واذنابها، اذ لا يعقل أن المتضررين من العراقيين والذين تحملوا وما زالوا الأوضاع الشائنة في تدبير الشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكل صيغ الدمار الذي سببه الفاسدون والطائفيون، وما توقفوا عن ابداء التذمر والصراخ ضد الفاسدين، سيلوذون بالصمت ويقبعون في بيوتهم يوم الانتخابات.
إنه لأمر غريب ومؤسف حين نطالع وبشكل يومي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أن اعدادا من العراقيين لا يستهان بها تنوي مقاطعة الانتخابات وعدم الأدلاء بأصواتهم التي تعتبر الوسيلة الوحيدة لإزاحة الغبش المخيف وإخراج البلد من دوامة الكوارث التي يقينا ستبقى جاثمة على صدور المتضررين إذا ما ارتكبوا هذا الموقف القاتل، لأن الفيصل الوحيد في التغيير أن يخرج العراقيون عن بكرة ابيهم للمشاركة الفاعلة في التصويت، وهذا ما يفرح الفاسدين اذا ما كانت المواقف سلبية، ويغيظهم، بل ويقض مضجعهم اذا ما هبت الجماهير للتعبير عن آرائهم في تصحيح المسار.
املنا من كافة العراقيين النجباء أن تكون مواقفهم واضحة وصارمة إذا ما أرادوا ان يقف العراق على قدميه من جديد، والا وقعت الكارثة، وستكون يقينا هي المميتة.