- التفاصيل
-
نشر بتاريخ الخميس, 18 كانون2/يناير 2018 18:39
يبدو أن الفكر الشيوعي، الماركسي اللينيني، تحديدا والفكر اليساري باتجاهاته المدنية والعلمانية المختلفة على العموم، ما برحا يشكلان مصدر الخوف والرعب والرهبة لأصحاب الفكر الظلامي من المتدينين، ولا نقصد هنا المتنورين منهم من دعاة بناء الدولة المدنية الديمقراطية الجامعة لكل الأطياف والمشارب المجتمعية. حيث يظل الهم الحقيقي لأعداء هذا الفكر الطليعي المتحرر من كل قيود الطابوهات الدينية والقومية والاثنية وغيرها، تلك القيود التي ظلت الخيمة البدوية البعيدة عن الحضارة والتطور وما يحصل من إنجازات فكرية وعلمية هائلة، يدعوى التمسك بالتراث والمعتقدات والثوابت التي ظلت تراوح في مكانها لأكثر من أربعة عشر قرنا، حين وضعوا المعتقدات الدينية المقدسة في قمقم الحفاظ على الدين، وحاشى للفكر الديني أن يوسم بهكذا مسميات أراد المراؤون أن يخدموا الملوك والسلاطين والطغاة بدعوى الحفاظ على ثوابت الدين، فوقعت القطيعة الكلية بين الدين وما يدعو له من قيم المحبة والسلام والتسامح والتساكن والاعتراف بالآخر وسواها من المبادئ الإنسانية النبيلة، وهنا نقصد كافة الأديان بشتى تنوعها واختلافاتها، فجند فقهاء الظلام والتخلف جميع أسلحتهم الرثة لمحاربة ومناكفة كل فكر طليعي انساني يجعل من الانسان هو الرأسمال الحقيقي والقيمة المجتمعية التي ينبغي أن يعمل ويسعى لتحقيقها الجميع، ساسة ورواد فكر وعلم وانجازات إنسانية متعددة، بغض النظر عن انتمائهم ودينهم وطوائفهم وما ينتمون اليه من ارث متوارث بالفطرة. الأمر الذي احترم الساعون لخدمة الانسان على تغليب العام على الخاص، إذا ما أرادوا أن يبنوا مجتمعات تتناغم وصيغ التطور الهائلة والمتسارعة خدمة للإنسان لإخراجه من قمقم التخلف والفكر الغيبي بصيغه المتطرفة والظلامية، وبالتالي السعي لتأسيس مجتمعات تحترم سنة التطور، وهذا ما يغيض بعض رجال الدين الداعين لمحاربة أي مسعى لتحرير الانسان والمجتمع وتخليصه من موروث بات عائقا للاستشراف على المستقبل، لأن هذا الشأن قد يسحب البساط من تحت ارجلهم وهم يكرسون كل ادواتهم ووسائل حقدهم لمحاربة الأحرار فكرا وعلما ووطنية، أولئك البناة الحقيقيون للأوطان الحرة والمتعافية من هكذا غبش فكري ومعتقدات من شأنها أن تبقي على دوامات التخلف جاثمة على صدور البسطاء ومحدودي المعارف من الناس الطيبين.
منذ نعومة اظفارنا بعد أن بلغ بنا العمر عتيا، ونحن نعاني من هذه التوجهات الظالمة والأحقاد التي ما انفكت تحارب الفكر الطليعي الداعي لتحرر الانسان والاوطان من تبعية الفكر الظلامي، فوظف الطغاة على امتداد تاريخ العراق الحديث دعاة التدين وفرسانه الذين كرسوا انفسهم وادواتهم الحاقدة لمحاربة الشيوعيين بعدوانية وحقد أعمى، دافعين القتلة لسن أسلحتهم الفتاكة لنحر الأحرار من الشيوعيين الذين اصبحوا قرابين تضحيات وطنية، ما اخافتها وسائل الفتك والقتل والتصفيات، بل استمروا ببث سمومهم الخبيثة ضد أشرف وأنبل واعرق وأنقى فصيل وطني سياسي، ليظلوا مراقبين لمسلسل المذابح التي تعرض لها الشيوعيون وانصارهم، منذ انقلاب شباط الأسود وما رافقته من دعوات وفتاوى تحث القتلة والمجرمين على تصفية الأبرياء دون شفقة ودون أن يرف لهم جفن الرحمة، وهم في معظمهم يتوجون رؤوسهم بالعمائم التي ينبغي أن تكون مصدر محبة وتسامح، لا سبب نحر لرجالات ونسوة فكر ووعي وانتماء وطني حقيقي، حتى انهم وقفوا وتلذذوا بصيغ هتك اعراض النساء والفتيات وبقر بطون الحوامل وشتى أنواع الاغتصابات البهيمية التي يعرفها القاصي والداني وفي مقدمتهم أفاعي التدين، والدين منهم براء.
هل ينكر الحاقدون اليوم ما مر على الشيوعيين من محن وكوارث وتصفيات ما توقفت يوما، وهم يباركون أفعال الطغاة البربرية، بل ويفتون لها ويباركونها، لأن القتلة أنفسهم كانوا يريدون أن يتبنى افعالهم القذرة رجال دين ظلاميون وحاقدون، ليضفوا على جرائمهم شرعية من لدن من باع نفسه ودينه ومعتقده لهم، ووضع كل شيء في خدمتهم، لتظل اللعنات تلاحقهم وتصم آذانهم صرخات الرجال والنساء والأطفال وكل ضحايا الأفعال الهمجية.
ولكن يبدو أن صيغ الحقد والبغض والضغينة ما زالت تتفاعل بقوة في دواخل فلول الظلاميين، وكأن انهار دماء الشيوعيين المقدسة التي عمّدت تراب الوطن ومنحت الانتماء للعراق قدسية، يفتقر لها الظلاميون ودعاة القتل والتكفير من المتخلفين وغير الأسوياء وعلى امتداد عقود المحن والكوارث.
وخير دليل على ذلك ما يقوم به معمم ينتمي لحزب ديني يدّعي أنه عارض وقاتل النظام البعثي المقبور وقدم ضحايا كثيرة، يعيد ذات الدعوات لتصفية الشيوعيين والمدنيين والعلمانيين، من خلال تكفيرهم واعتبارهم هم سبب بلاء العراق والفساد المستشري فيه واحتلال أراضيه من قبل ظلاميي داعش ومجرميه...!!! وكأن أحزاب السلطة بريئة من الكوارث التي تحيق بالعراق والعراقيين، من تكريس الطائفية والمحاصصة وتوزيع ثروات العراق على منتسبيها، وهذا المعمم واحد من جوقة الناهبين، ليصل الحقد الأعمى ومستوى الكراهية ضد الشيوعيين والقريبين منهم، أن يتم تكريس فضائية هذا الفصيل الديني لهذا المعمم لنفث سمومه وحقده وكيل الشتائم والسباب والتشويه الأرعن، دونما رادع أخلاقي او ديني أو انساني، الأمر الذي يدفعنا دون أدنى شك بأنه مدفوع وبتحريض دوني من المقربين له ومن يقوده، وإلا ما سبب هذه الهجمات الأسبوعية على فصيل وطني، كان ينبغي على من يبارك افعاله هذه أن يذكر التضحيات الجسيمة التي قدمها الشيوعيون على مذبح الحرية، لتكون تلك التضحيات الوطنية هي السبب الذي اضعف سلط القمع البعثي، ليتنعم الفاسدون وعديمي الوطنية والانسانية بخيرات العراق ونهب أموال الفقراء دون رادع أخلاقي أو حتى ديني.
أن الشيخ عامر الكفيشي لا يستحق حتى رحمة الله، يشاركه في حرمانه الرحمة الإلهية الشيخ جواد الخالصي، لأن الاثنين رغم خلافاتهما العميقة، التقيا في ذات المسار لتوظيف احقادهم وبث سمومهم ضد الشيوعيين، ذلك أن المثل القائل: "رحم الله امرءا عرف قدر نفسه" بعيدين عنه، وكلا المعممين لم يعرفا نفسيهما ولا يعرفان كيف يحترمانها.
فالشيخ الكفيشي الصامت حد اللعنة على صيغ الفساد المخيفة التي يمارسها حزبه والنزوع الطائفي الذي بات سمة لهذا الحزب وبشكل علني، كان الأولى به إن كان يريد ان يطبق عليه المثل أعلاه، أن يعرّي ويفضح الفاسدين والمرابين والمرتشين وآكلي لقمة الفقراء، بدل ان يسن رماحه الدسيسة ضد انقى فصيل وطني، علّم كل العراقيين والشيخ منهم، ابجدية النضال الوطني وألف باء السياسة، لكن الجحود بلغ به حدا من الضبابية التي اعمت بصيرته، ليتحول من صوت وطني مدافع عن التآخي والتسامح، الى بوق يصم الآذان بأحقاده وكرهه للشيوعيين الذين نريد أن نهمس في أذنيه قول القائد الشيوعي الخالد الرفيق فهد وهو يعلنها لجلاديه وحبل المشنقة في عنقه أن "الشيوعية اقوى من الموت واعلى من اعواد المشانق" فاين الثرى من الثريا يا سيد كفيشي؟
وهذا الخالصي الآخر الذي يعيد وباعتداد وعنجهية وهو يطل علينا بسحنة قميئة، الفتوى سيئة الصيت التي دفعت البعثيين بإبادة الشيوعيين وقادتهم الميامين، وباركت افعالهم الخسيسة "الشيوعية كفر والحاد" لنعيد ذات الهمس في آذان السيد جواد الخالصي الذي نشك أنه في حالة جيدة من سلامة اذنيه، ان البعثيين وعملائهم آخر وأدنى وأقل شأنا وأصغر وأذل من أن تنال السنتهم الذربة سمعة وهيبة ووطنية الشيوعيين.
ورحم الله الشاعر عمرو بن معد يكرب حين قال:
لقد أسمعت لو ناديت حيا /////// ولكن لا حياة لمن تنادي