المنبرالحر

كوبا ...نعم للإصلاح الإشتراكي لا للرأسمالية/ د. علي الخالدي

لم يكن تغيير الرئيس الكوبي كما إدعى البعض قائما على أساس العودة ، أو بيع الثورة ، والتفريط بالإشتراكية ، وإنما كان لمواصلة الوضع الحالي والسير قدما في تعزيز البناء الإشتراكي ، هذا ما أعلنه راؤول كاسترو السكرتير الأول للحزب السيوعي الكوبي رئيس الحكومة بعد إعادة إنتخابه للمرة الثانية
ماذا يريد العالم من كوبا ، ما يقلق أمريكا هو وجود دولة إشتراكية على مقربة من حدودها ، وبدلا من المساعدة على إستتباب الأمن في منطقة الكاريبي ، وسير العملية السياسية بدون منغصات ، وإحترام حقوق الإنسان ، تعكف على مساعدة أعداء الثورة والنظام الإشتراكي، على غرار ما حصل في دول أوروبا الشرقية ، فهي تمنع الشركات الأمريكية و الدول الرأسمالية في العالم من التعامل مع كوبا ، بينما لم تستطع التاثير على شركات القطاع العام في السياحة ، فترى سواحا من جميع أنحاء العالم يؤموها لجمال طبيعتها وتقدم الخدمات السياحة فيها ، وطيبة شعبها المرح ، فهي (أمريكا) من يمول وسائل الإعلام لشن حملات إعلامية يومية ، تزايدت بعد إندحار الإنزال الأمريكي في خليج الخنازير ، والثورة لم يمض عليها عامان ، بقيادة فيدل كاسترو ، الذي اطلق صيحته الشهير الوطن أو الموت
patria O muerto venseremos
وهو يتقدم الجماهير المتوجهة ، صوب منطقة الانزال ، و لا تزال الحملة الإعلامية المعادية مستعرة عبر فضائية مارتي (خوسيه مارتي) ، هو الأب الروحي للشعب الكوبي الذي قاد نضاله ضد الإحتلال الأسباني وطرده.
تمنح أمريكا أي كوبي اللجوء السياسي ، والعمل ، والمرتب ، بينما تحرم ذلك على الأوروبيين ، والهاربين من الدكتاتوريات في المنطقة والعالم ، مقابل ذلك يجري دعم كوبا من قبل الصين وفنزويلا ، التي حاليا فيها عشرات الالاف من الكوادر الطبية والفنية . بعد وفات جافيز كان على فينزويلا السير قدما على طريقها الإشتراكي أو العودة للرأسمالية التي تعاني منها دول شرق أوروبا خلال الاكثر من عشرين عاما، فصوت الشعب الفينزولي لنهج خافير الأشتراكي بإنتخاب نائبه رئيسا للجمهورية.
كوبا من الدول الإشتراكية القليلة التي تستطيع أن تمنح شعبها أكثر مما تمنحه الدول الرأسمالية لشعوبها عموما ، فشعبها يعيش ظروف أفضل من سكان دول أمريكا اللأتينية ، صحيح ليس أفضل من مستوى الشعب الامريكي ، إلا انه لا توجد فيها بطالة ولا متسولون ولا (هوم لس)سكنة الشوارع.

إصلاح سياسي وديمقراطي لكن تبقى الإشتراكية كنظام لتطور المجتمع الكوبي.
لقد حدد المؤتمر السادس للحزب عام 2011 سبل تحديث الحياة الإقتصادية في ظروف الحصار المفروض منذ إنتصار الثورة الكوبية عام1959، وجنوحها الى التنمية البشرية والإقتصادية وإصلاح ما خربته دكتاتورية باتستا العميلة، والقضاء على موروثاتها التي جعلت من الشعب الكوبي ولاية امريكية ، لكن الفقر والعوز هو السائد في مجتمعها، كما حدد المؤتمر إصلاحات سياسية، على رأسها تحديد الرئاسة لدورتين إنتخابيتين ( الدورة الإنتخابية خمس سنوات) وبإنتهاء الدورة الثانية لا يحق للرئيس حسب الدستور أن يرشح للمرة الثالثة.

المعروف عن الشعب الكوبي أنه خليط من العنصر الأفريقي والأوروبي والهنود الحمر ، ولا يوجد تمييز عنصري على صعيد الحكومة والمجتمع ، فهو متجانس، ولا توجد فوارق طبقية بين البيض والسود ، ففي السلطة 38،6 بالمائة من غير البيض ، وفي القيادة أغلبية شبابية لا تتعدى أعمارهم عن السابعة والخمسين ، و 61،3 بالمئة من المسؤولين ولدوا بعد الثورة عام 1959، كما حصل تغيير نوعي وكمي في البرلمان ففيه 67 بالمئة من الاعضاءالفائزين لأول مرة بالعضوية و معدل أعمارهم 48 سنة و عمر أكبر معمر هو 83 عاما وهو راؤول كاسترو.
في عام 2013 أصبح لكل كوبي الحق بالسفر للخارج ، وبإمكانه البقاء هناك لمدة سنتين دون أن يفقد جنسيته الكوبية ، كما أشيع إمتلاك أجهزة كومبيوتر ، والموبايل بين أوساط عامة الشعب بغية توسيع المعلوماتية التي يطمح للوصول اليها الشعب الكوبي بحرية.
تعتمد كوبا على صناعة السكر والسيكار المشهور عالميا وتصديرهما يدر عليها العملة الصعبة ، ويصل أمريكا عن طريق التهريب من دول أخرى وبصورة خاصة السيكار ، لقد أضيفت 10 مصانع حديثة الى جانب 26 مصنعا يعمل ، في خطة يصل بها إنتاج السكر من القصب الى 22 الف طن ، منها 400 إلى 600 الف طن للسوق المحلي بينما يصدر الباقي للخارج . كما جرت عملية تطوير في صناعة الأدوية والأجهزة الطبية، ففي عام 2012 أسس إتحاد بيوكوبا فارم الذي يتمتع بمستوى عال من إنتاج الأدوية الكيميائية والنباتية،أدوية الطب البديل ، وهي تضم 38 مؤسسة صحية تسعى لتوفير الخدمات للشعب الكوبي التي بفضلها أصبح المواطن الكوبي يعيش سنيناأكثر من السابق ، ويزداد عدد االطاعنين بالسن ، الذين تحرص الدولة على تقديم كل ما من شأنه، أن يخلق مستوى معاشي اقتصاديا وإجتماعيا يليق بتضحياتهم في سبيل إنتصار الثورة وحماية ، و تطوير بنائها الاشتراكي.
ما تعانية كوبا هو هجرة الأطباء إلى أمريكا ، كما هو شأن الدول الإشتراكية السابقة الى أوروبا ، بسبب ما يمنح لهم من رواتب عالية. يجري تشجيع النشاط خارج إطار الخطة الإقتصادية ، وإعادة تنظيم التسليف للعمال في عملية بناء المساكن ، عن طريق تأسيس شركات بناء ومساعدة القطاع الخاص على تأسيس شركات أهلية صغيرة كالمطاعم والمحلات ، وحسب آخر المعطيات هناك 400 الف مستثمر و3000 آلاف عنوان أجنبي يعمل في كوبا ، وتجري المنافسة على أساس افضلية الإنتاج لدفع الرواتب العالية للعمال .
في كوبا العلاج والدواء يقدم لكافة المواطنين مجانا و وفقًا للأمم المتحدة، فإن متوسط العمر في كوبا هو ثمانية وسبعون عاما .معدل وفيات الرضع في كوبا إنخفض من 32 حالة وفاة لكل 1000 في عام 1957 الى 6 وفيات في عام 2005 وقد أعتبر نظام الرعاية الصحية عالي الجودة وبأنه إنتصار عظيم للنظام الإشتراكي في كوبا .

وهي تتبع منذ الثورة نظام مجانية التعليم ومعداته إبتداءا من التعليم الأولي الى التعليم العالي ، بما فية الكتاب وأدوات الكتابة ، بينما توزع المواد الغذائية حسب البطاقة التموينية مقابل مبالغ زهيدة جدا و مفرداتها عالية الجودة، وإذا ما تبقى من المرتب بإمكان الشخص أن يصرفه في السوق الحرة ( بتحويل البيزو الى دولار) وبالسعر الذي يحدده البنك المركزي . كانت التجارة بيد الحكومة بينما الآن فتح المجال أمام المواطنين لممارستها بشروط قانونية.
لكوبا خبرة عالية في بناء المدارس ومكافحة الأمية ، وطلابها يتناولون يوميا في مدارسهم كوبا من الحليب مجانا ، في أواسط السبعينات كانت تملك 8 ملايين بقرة وعدد سكانها 8 مليون ، حاليا حوالي 11مليون نسمة.
عام 1959بدأت كوبا بالثورة الإشتراكية ، وتوطيدها مسؤولية كل تقدمي في العالم ، وهي تلعب دورا رياديا في التصدي للإحتكارات وللإستغلال الرأسمالي ، وهي بذلك تمنح العزم وقوة التحدي للملايين في المجتمع الدولي الذين يتطلعون الى التوزيع العادل لثروات شعوبهم.

الإحصائيات من مجلة الحرية لحزب العمال المجري وعن مشاهدات سابقة