مجتمع مدني

التعليم- العامل الاساس في التطوير والتحديث الدول / نعمة عبد اللطيف

يتفق معظم المشتغلين باقتصاد المعرفة، كفلسفة ومنهج وآليات بان المعرفة ممثلة في التعليم والموارد البشرية تشكل نقطة الانطلاق في تطوير وتحديث الدول. والاساس الرصين لتقدم المجتمعات ورفاهية شعوبها متجاوزة في عائداتها، عائدات اية اصول مادية اخرى كالنفط والمعادن والاراضي واصبحت فجوة المعرفة، لا فجوة الدخل بين الدول تشكل التحدي الاكبر بين الدول المتقدمة والنامية.
واشارت تقارير البنك الدولي عام 1998 الى ان " التعليم والموارد البشرية امل ستراتيجي له آثار بعيدة المدى على تقدم المجتمعات وتطورها، باعتبار التعليم اساس هذا التقدم وقاعدته التي تتخلل كافة الانشطة الانتاجية والخدمية، الامر الذي يفرض علينا ان نعرض هنا للاسس والآليات التي يتم في ضوئها تطوير التعليم وتنمية الموارد البشرية، مستهدفين في ذلك تعميق محاولات تدارك فجوات المعرفة لدينا من خلالهما باعتبارهما اكبر التحديات التي تواجهنا، وتقف دون تقدمنا وتطورنا وتنامي مجتمعاتنا.
مفهوم الاصول المعرفية
يرى د. فتحي الزيات في كتابه " اقتصاد المعرفة" ان الاصول المعرفية تعبر عن الرأسمال العقلي الجمعي الذي يشمل جميع المصادر: المدخلات والعمليات والنواتج التي تحدد القيمة التنافسية لمشروع ما او مجتمع ما". ويرى آخرون انه مخزون المعرفة التراكمي- الكمي والنوعي- التي يمتلكها افراد المجتمع، والتي تشكل مجموع معارفهم ومهاراتهم وخبراتهم والتي تمكنهم من الوفاء بحاجات المجتمع حالياً ومستقبلاً في اطار نظام سياسي يحكم حركة ذلك المجتمع وافراده. بينما يشمل رأس المال الموارد البشرية بما تحوي من مستويات تعليمية ومعارف وخبرات ومهارات ومن قدرات على العمل تظهر في المجتمع وتمتد الى ما يمتلكه المجتمع وافراده من الاصول المادية الملموسة من تنظيم وبنية معارف الافراد وخبراتهم، وكل ما تحويه عقولهم من الافكار الكامنة، وما يحكم سلوكهم من نظم سياسية واقتصداية واجتماعية واعراف وتقاليد توجه سلوكهم.
ماهية الاصول المعرفية الوطنية للمجتمع
ويقصد بها القيمة الكلية لعوامل تقدم المجتمع وتشمل:
* نظامه السياسي وسياقه المجتمعي وادارته من حيث الاستثمار والصيانة واستمرار تناميها وتفعيلها وتهيئة الظروف الملائمة لانتاجيتها.
* تشمل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والمعلومات والمعارف وآليات التحديث والابتكار وغيرها من الاشتقاقات من الاصول المعرفية والتراكمية غير الملموسة.
* تحسب معدلات النمو اعتماداً على كمية ونوعية الاستثمار الوطني في الاصول المعرفية والبنية التحتية والسلع والخدمات التي تنتجها قطاعات المجتمع. وهنا تمثل الاصول المعرفية القيمة المضافة غير الملموسة لهذه القطاعات.
* يهتم كثيراً بمؤشرات النمو الوطني المتعلق بالانفاق على الاصول المعرفية والاستثمار فيها، وخاصة في مجالات التعليم والصحة والامن والعيش الكريم لافراد المجتمع، لتفعيل وتنشيط الاداء المعرفي والمهاري للافراد، وتفعيل الاصول المعرفية الملموسة وغير الملموسة الى مستوى ايجابي وفعال في سياق من الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية باعتباره السياق التمكيني لتفعيل الاصول المعرفية.
ومن هذا المنطلق يتناول الكاتب بيل جيتس هذه القضية المحورية قائلاً: " من المسلم به ان الدول والمجتمعات والهيئات والافراد باتت تملك درجة من التقدم التكنولوجي، وليس في هذا شيء جديد، ولكن القضية الكبرى هي مدى ملاءمة وكفاءة وفاعلية استخدام وتوظيف هذه التكنولوجيا لتحقيق كافة الاهداف التي تسعى الدول والمجتمعات والشركات والافراد على نحو مشروع قانوني ومقبول مجتمعياً وانسانياً لتحقيق رفاه الفرد والمجتمع.
ويرى Malahotra ان " فهم المحددات الانسانية والاجتماعية والثقافية لافراد المجتمع الحاضن لرأس المال البشري وراس المال الاجتماعي والسباق السياسي والمجتمعي الحاضن لها يمكن ان يملأ فجوات المعرفة وينقص كفاءة الاداء المعرفي والمهاري، بحيث يمكن التغلب على العقبات التي تمنع الدول من الوصول الى بناء مجتمعات المعرفة، ومن ثم يتعين على الحكومات والقيادات السياسية اعطاء الاهمية لهذه الابعاد الانسانية والاجتماعية في علاقاتها بالاصول المعرفية، حتى يتحقق فائض القيمة المضافة لقوى المجتمع وطاقاته.
ان مفهوم الاصول والقوى المعرفية، لا يقتصر على الابعاد العلمية والتقنية وحسب، بل يتعداها ليشمل كافة الجوانب والقوى الايجابية التي تقدم المجتمع وتعمل على تماسكه وتكامل قواه المعرفية والاقتصادية والسياسية والتشريعية والعلمية والتقنية والاخلاقية والامنية والتربوية والتراكمية، التي تعبر عن تضافر القوى وتماسكها وتبنيها لتطوير المجتمع ورفاه افراده في اطار من الوعي والعقل الجمعيين، إن كنا نريد ان نحقق موقعاً يليق بنا في العالم المتقدم.