مجتمع مدني

من أباح «اغتصاب» الطفولة في يوم عيدها؟ / سهاد ناجي

في غمرة التهيؤ للاحتفال بيوم الطفل العالمي في الاول من حزيران الحالي، كان خبر مقتل «الطفلة» دينا في محافظة دهوك الشمالية كالصاعقة المدوية التي شابت الفرح بمسحة حزن، وقد ذكرني الخبر بحادثة وقعت في مدينة البصرة الجنوبية لطفل يبلغ الثامنة من عمره في الصف الثالث الابتدائي يعاني من ضعف البصر تعرض لحادثة اغتصاب أثناء عودته من المدرسة ومروره في إحدى الشوارع المؤدية لمنزله، عندما اعترض طريقه اثنان من الصبية الاشقياء يركبان عربة يجرها حمار وأرغماه على الصعود الى العربة وتم أخذه الى ركن من اركان الحي واغتصبوه حتى أغمي عليه وتركاه وذهبا كل في سبيله. لم ينقاد الاب الى الاعراف العشائرية للقصاص من الجناة بل قام برفع دعوى قضائية ضد المجرمين وبعد التعرف عليهما من قبل المجني عليه كونهما كانا صديقيه من نفس المنطقة، اعترف المتهمان خلال التحقيق، فرأت المحكمة على ضوء ما حصلت عليه من ادلة منها اقوال المدعي بالحق الشخصي واقوال المجني عليه الحدث وأقوال مفرزة الشرطة واعتراف المتهمين امام المحقق وقاضي التحقيق وما جاء بالتقرير الطبي الصادر عن معهد الطب العدلي، التي كانت كافية ومقنعة للإدانة وفق قانون العقوبات لتحكم عليهما بإيداعهما في مدرسة تأهيل الفتيان لمدة خمس عشرة سنة.
فيما كان مقتل الطفلة دنيا ذات الخمس عشر ربيعا بأبشع صورة على يد زوجها و»مغتصبها» في نفس الوقت. اذ تناقلت الاخبار صور متعددة عن طريقة قتلها البشعة بين عشر اطلاقات في جسدها الغض وبين تشويهه. فأية سادية تملكت هذا الوحش الكاسر ليقتل طفلة بريئة، بل الانكى ان الطفلة زوجة القاتل الثانية، فهل عرفتم او سمعتم بمثل هذا الاجرام بحق الطفولة؟
قد يكون الانتهاك في المثال الاول غير مشرعن ويحاسب عليه القانون، فيما لو لجأ ذوي المتحرش الى القضاء، ولم يسلك دروب الصمت خوفا من التداعيات الاجتماعية السلبية عليهم، لكن الحادثة الثانية «مقتل دينا» فأن الاغتصاب تم بتشريع قانوني وديني واجتماعي (الزواج). وهنا أتساءل.. من الذي عقد القران لطفلة وتحت قبة أية محكمة شرعية؟ ولماذا لم تستطع الاجهزة الامنية العثور عليه ومحاكمته والاقتصاص منه ومن ذويها الذين زوجوها وهي بمثل هذا العمر؟
نأمل ان لا يسدل الستار على جريمة مقتل دينا ليفلت الجاني من العقاب وبعنوان غسل العار العشائري او عدم العثور عليه لتسقط الجريمة بتقادم الزمن.
فيما يتطلب من الجهات الحكومية والمدنية ايجاد الحلول العلمية لظاهرة الاغتصاب من خلال المدرسة والبيت والجامعة ومنظمات المجتمع المدني ورجال الدين خوفا من الانحرافات التي تسببها للفرد والمجتمع، فالبنات والاولاد ممن يتعرضون لحوادث اغتصاب يكونون عرضة لاضطرابات ومشاكل نفسية واجتماعية وصحية و تداعيات سلبية على تكوين وبناء شخصياتهم لفترة طويلة بحسب قول المختصصين.فكيف الحال اذا كان الاغتصاب مشرعنا وتحت مسمى الزواج؟