لقد كان لتمادي الحكام في التضييق على الشعب وانتهاك حقوقه في جميع المجالات الاقتصادية/الاجتماعية/الثقافية الدور الكبير لدفع الضباط الاحرار لتأسيس لهم تنظيم و لأن السياسة العراقية كانت تدور في فلك السياسة البريطانية فكانت بعض الحكومات العراقية غير جادة أحيانا بتنمية الجيش وتقوية قدراته القتالية والتسليحية وهذا السبب اجج مشاعر ضباط الجيش خاصة أصحاب الرتب الصغيرة الذين هم عماد الجيش ونواته الأساسية والتكاتف والتلاحم بينهم لاسقاط حكومة نوري السعيد والقضاء على الحكم الملكي واقامة النظام الجمهوري . مر الحكم الملكي بجملة من الاخفاقات أدى تراكمها إلى ظهوره بمظهر الحكم العاجز عن تلبية تطلعات الجماهير وتحقيق أهدافها وأن الحكم الملكي ظهر بمظهر النظام المرتبط بمصالح البريطانيين ضد مصالح الشعب ... وكان هذا من العوامل المسببة لقيام الثورة ... بالاضافة الى هيمنة الشركات الأجنبية على الاقتصاد بضمنها شركات النفط التي لعبت دوراً كبيراً في تقويض الاقتصاد العراقي لاسيما بعد ربط الاقتصاد العراقي بالكتلة الاسترلينية مما أدى إلى تضخم العملة العراقية وغلاء الأسعار. ان ثورة 14 تموز لم تكن حدثا انيا على وفق التحليل التاريخي للأحداث هنالك دائما عوامل مباشرة والتي لعبت دوراً تسببت بقيام ثورة 14 تموز 1958 فهنالك أسباب تكمن في أزمة الحكم الملكي في العراق والتي تتلخص في طبيعة البنية التأسيسية للحكم الملكي والتي ولّدت تيارين متناقضين في الايدولوجية والمرجعية الوطنية والسلوك السياسي في مواقفهما تجاه ما كان يعصف بالعراق والمنطقة العربية من أحداث جسام كالحربين العالميتين والمعاهدات مع الدول الكبرى والأحلاف التي كان الغرض منها جر المنطقة العربية إلى سياسة المحاور والاستقطاب الدوليين.
ثورة 14 تموز كانت نبراسا لتغيير وجه العراق حينذاك و ثورة حقيقية لانها غيرت وجه العراق. اهم مكتسباتها خلال 4 سنوات ونصف ... الخروج من حلف بغداد الاستعمارى- اخراج العملة العراقية من الارتباط بالجنيه الاسترلينى- اصدار قانون الاصلاح الزراعى –اصدار قانون الاحوال الشخصية لانصاف المراة- اصدار قانون رقم 80 لاسترداد اراضى العراق من قبضة الشركات النفطية الاحتكارية.-اصدار قانون العمل والضمان الاجتماعى للعمال –اتفاقية الصداقة والتعاون مع الاتحاد السوفييتى. عدى وضع الخطط الانية والمستقبلية للبنى التحتية ولرفع شان الفقراء خاصة وازدهار العراقيين عامة بتقليل الفوارق بين القرية والمدينة وازالة الفوارق الطبقية بين الفقراء والاغنياء وغيرها من المكاسب .لولا جريمة وأد ثورة 14 تموز في مهدها لكان العراق الان في مصاف الدول المتقدمة. ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة وككل الثورات كان الخلاف الاديولوجي بين الإطراف المختلفة من رجالها سببا في تداعيها والقيم النبيلة ولكنهم اخطأوا في تسويقها والارتفاع عليها بينهم، وما كان المرحوم عبد الكريم قاسم إلا الانسان النظيف اليد والضمير ولا يمكن مقارنة نظافة يده ووطنيته بأحد.عبد الكريم قاسم لن يكلف احد بمسؤولية في الحكومة مالم يكن متأكد من طهارته، لم يأت بمزوري الشهادات بل أتى بالكفاءات والحريصين مثل محمد حديد ... لم يتستر على المختلسين ولا على سراق المال العام وقوت الشعب. إن الثورة وجهت ضربة للنهج الطائفي الذي سارت عليه النخب العراقية الحاكمة منذ تأسيس الدولة العراقية عام1920. وفتحت الثورة الأبواب أمام العراقيين وبشكل متساو لتسلم المناصب الحكومية. وهذا مكسب كبير أزال التمييز بين الطوائف المكونة للنسيج العراقي فلم يعودوا مواطنين من الدرجة الثانية. ناصبت الثورة العداء قوى كثيرة بضغوط إقليمية من شاه إيران وجمال عبد الناصر ومدت الجسور مع أقطاب التمييز الطائفي في الداخل ليدخلوا في حلف غير مقدس للإطاحة بالحكم الوطني في انقلاب شباط الأسود. وللاسف اندفعت الحركة القومية الكردية وبدون تروي وراء وعود شاه ايران وامريكا وبدؤا الثورة في ايلول عام 1961 بالرغم من الموقف الإيجابي للثورة من الحركة القومية الكردية حيث قامت بدعوة المرحوم الملا مصطفى البارزاني(غاندي الامة الكردية) للعودة إلى الوطن واستقبال عبد الكريم قاسم الحافل له واسكنه في قصر نوري سعيد ... ان الذي اوقع الحركة الكردية لاحقاً في مطبات نتيجة تعويلها على أطراف إقليمية ودولية والتعاون مع انقلابيي شباط الأسود في عام 1963. وهذا الموقف البالغ الخطورةعاد بالأضرار على الشعب العراقي بكل مكوناته وعلى قضية الشعب الكردي العادلة بالذات في اتفاقية الجزائر عام 1975 التي مثلت انهياراً سياسياً للحركة الكوردية نتيجة تعويلها على قوى إقليمية ودولية وهذا ما اكده المرحوم ملا مصطفى البارزاني في مذكراته.
والى يومنا هذا نفس القوى التي وأدت ثورة 14تموز هي نفسها التي تحاول اشعال نار الفتنة بين الطوائف المختلفة والقوى الوطنية العراقية الممثلة بالاحزاب العريقة.الشعب العراقي امة بكل ماتحمل هذه الكلمة من معنى ... لايوافق احد على تقسيم العراق ... لايوافق احد على اضطهاد اوتفضيل اي طائفة او قومية على اخرى.
المجد والخلود الى من ساهم ومن ضحى بحياته والى من ازر ثورة 14تموز من اجل انتصارها والخزي والعار الى كل من ساهم بوأد الثورة.