متابعة "طريق الشعب"
صدت القوات الأمنية المنتشرة بكثافة في ساحة التحرير وسط بغداد، يوم أمس الأول، تظاهرة شبابية الغرض منها التنديد بتردي الوضع الأمني وأعمال الإرهابيين وسوء الخدمات وتفشي الفساد المالي والإداري في مفاصل الدولة. واعتقلت تلك القوات سبعة من هؤلاء الشبان، ولاحقت بقية المتظاهرين حتى شارع المتنبي!
وتصاعدت حدة الانتقادات، في الأوساط السياسية والنخبوية والشعبية، ضد الحكومة والقوات الأمنية، للتضييق المتعمد والاعتداء على المتظاهرين السلميين المطالبين بتوفير الأمان ومكافحة الفساد.
وعن ما جرى أثناء التظاهرة، قال كرار كيتاوي (29 عاماً)، أحد المتظاهرين الذين اعتقلتهم القوات الأمنية، إن القوات الأمنية من الجيش والشرطة كانت "تنتشر بكثافة ومنعتنا من الوصول إلى حديقة الأمة حيث من المتفق أن نتجمع تحت نصب التحرير هناك". وأوضح لـوكالة "السومرية نيوز" أنه "حاصرتنا القوات الأمنية في مكان لا يتسع لأكثر من خمسة أشخاص في أحسن الأحوال"، مضيفاً "وعلى الرغم من استمرار تدفق المتظاهرين وتزايد العدد ليتجاوز المئة متظاهر بقينا محاصرين في هذا المكان الضيق".
ويتابع كيتاوي "كان هناك ضابط برتبة عقيد في الشرطة، أبلغنا بأسلوب مهذب أن تظاهرتنا غير قانونية لأننا لم نستحصل الموافقة عليها، وأنهم يؤدون واجبهم فقط"، مشيراً إلى أن العقيد "نصحنا بأن نفض التظاهرة قبل أن تتولى قوات الجيش زمام الأمور والتي ستتعامل معنا بقسوة، وقد صدق". ويبين "وصلت قوة من الجيش يترأسها ضابط برتبة لواء وبدأ يخاطبنا بلغة خشنة وفيها تهديد، وقال صراحة أنه مسموح له بإطلاق الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين"، مضيفاً "وبعد إصرارنا على مواصلة التظاهر، قال اللواء أكتبوا طلباً للسماح بالتظاهرة وقمنا بذلك لك? بعدها بدأ التحايل". ويشير كيتاوي "بعد مضي أكثر من ساعة ونحن على إصرارنا عاد اللواء وقال رشحوا من يمثلكم لكتابة المطالب فقام هو باختيار اثنين من بين المتظاهرين كما تطوع اثنان آخران وذهبوا مع اللواء".
ويقول كيتاوي "بعد مضي وقت لم نعرف شيئاً عن زملائنا الأربعة ثم جاء أحد الجنود وخاطبني قائلاً (صاحبك أبو العلم يريدك بسرعة)"، موضحاً "أحد المتظاهرين الملقب أبو عراق كان يحمل بيده علماً عراقياً وكان صائماً فظننت أنه مجهد وتوجهت مع الجندي نحو ساحة الأمة حيث كان من المفترض أن زملاءنا الأربعة هناك لكتابة مطالبهم".
ويتابع كيتاوي "ما إن وصلت الساحة حتى لقيت هناك ضابطاً في الجيش قال للجندي (داريه)، فعرفت أن المقصود هو الضرب والإهانة"، مؤكداً "وفعلاً انهال الجندي علي بالركل واللكم كما هجم جندي آخر وضربني بالهراوة على خاصرتي، قبل أن يركلني الآخر لأسقط على صديقي أبو عراق". ويضيف "وجدت أبو عراق مكبل اليدين إلى الخلف ومعصوب العينين والمؤلم أنهم عصبوا عينيه بالعلم العراقي نفسه الذي كان يحمله"، متابعاً "ومن هناك اقتادونا إلى مركز للشرطة حيث قضينا نحو خمس إلى ست ساعات قبل أن يتم إطلاق سراحنا بكفالة لحين المثول أمام القاضي في ج?سة المحكمة اليوم الأحد".
والجدير بالذكر أن المعتقل السابع من المتظاهرين، واسمه أحمد السهيل، لا يزال معتقلاً في الفرقة 11 التابعة لقيادة عمليات بغداد، حتى ساعة إعداد هذا التقرير كما بينت والدته لوسائل الإعلام.
من جانبه، اعتبر رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، اعتقال المتظاهرين في ساحة التحرير اضطهاداً يتنافى مع حرية الرأي والتعبير.
وقال سليم الجبوري إن "ما جرى يعد تكميماً للأفواه ومؤشراً سلبياً والمفترض أن يترك للناس حرية التعبير عن رأيهم بالطرق السلمية والقانونية"، موضحاً أنه "لم يكن هناك أي تجاوز على الأمن العام من قبل المتظاهرين".
إلى ذلك، يستمر شباب البصرة، في اعتصامهم الليلي أمام مبنى المحافظة، رافعين مطلبهم الأساسي، وهو تحسين تجهيز الكهرباء وحل المشكلة جذرياً وليس تقديم حلول ترقيعية وأعذار واهية.
وليلة الجمعة الماضية، سار المئات من الشباب عبر شوارع مدينة العشار "مركز المحافظة" حتى وصلوا فندق البصرة الدولي حيث يعقد وزير الكهرباء لقاءً مع محافظ البصرة ورئيس مجلسها والبعض من ذوي الاختصاص، وطالبوه بالتحدث معهم، غير أن المحافظ هو من تحدث للمتظاهرين، الذين طالبوا برحيل وزير الكهرباء من المحافظة، حسبما ذكر مراسل "طريق الشعب".
وفي الناصرية، يواصل أهالي المدينة، ايضاً، تظاهراتهم المطالبة بالخدمات وإقالة المدراء الفاسدين وإكمال نصاب مجلس المحافظة.
وحضر إلى ساحة الحبوبي، حيث مكان التظاهر، ليلة الجمعة الماضية، حسبما أفاد مراسل "طريق الشعب" رئيس مجلس المحافظة هلال السهلاني وعضو المجلس شهيد الغالبي عن التحالف المدني الديمقراطي ونائب المحافظ أبا ذر العمري.
وأكد المتظاهرون استمرارهم بالتظاهر السلمي لحين تنفيذ مطالبهم كافة. وأثمرت استمرارية التظاهرات في المحافظة، تنفيذ عدة مطالب منها: إقالة مدير شرطة المحافظة، وزيادة حجم الطاقة المجهزة الى المحافظة إلى 600 ميغاواط بعد أن كانت اقل من 400 ميكاواط.
كما انطلقت تظاهرات في محافظتي الديوانية والمثنى، تحمل شعارات المطالبة بالخدمات والأمن.